«الميدل إيست» اللبنانية بين خيارين.. التصفية التدريجية أو الخصخصة

دخلت دائرة التجاذب السياسي من البوابة الاقتصادية

إحدى الطائرات التابعة لـ«الميدل إيست» جاثمة في مطار بيروت («الشرق الأوسط»)
TT

يبدو ان شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل ايست» اللبنانية ـ الوحيدة على المستوى الوطني، والتي حملت شعار الارزة منذ تأسيسها، دخلت دائرة التجاذب السياسي السائد حاليا على الساحة اللبنانية، حتى ولو كان المدخل الى ذلك مشروع قانون وصف بأنه يهدف الى «تطوير» قطاع النقل الجوي.

وتقدم بهذا المشروع الى مجلس الوزراء في وقت سابق وزير الاشغال العامة والنقل محمد الصفدي، الذي دعا فيه الى الترخيص لشركات طيران لبناية وعربية جديدة لاستثمار الخطوط النظامية لنقل الركاب، التي لا تستثمرها «الميدل ايست»، او التي ألغتها بسبب عدم جدواها الاقتصادية. وفي ضوء الضجة التي أحدثها المشروع، سواء على مستوى ادارة «الميدل ايست»، التي يملك مصرف لبنان المركزي الاغلبية الساحقة منها، او على مستوى نقابات الموظفين والعمال والطيارين، والمضيفين الجويين، وسائر النقابات المعنية بالشركات التابعة للشركة الأم، اتهمت وزارة الاشغال «جهات متضررة» من تطبيق القوانين وتطوير قطاع النقل الجوي بالوقوف وراء هذه الضجة، موضحة انها «اعطت شركة الميدل ايست في مشروع الوزير حصراً ولغاية عام 2012 حق الافضلية في استثمار اي خط من الخطوط النظامية المتوقفة او تلك التي لا تعمل عليها الميدل ايست على ان يتم الترخيص بالنقل الجوي النظامي للركاب لشركات وطنية مستوفية للمعايير المطلوبة».

وسبق للصفدي ان طرح ابرام عقد صيانة للطائرات في مطار رفيق الحريري الدولي مع غير الشركة القائمة بالمهمة حالياً، والتابعة للميدل ايست، وقد أثار هذا الطرح أيضا ضجة ما كادت تهدأ لتستعر الضجة الحالية.

ويتضح من التحركات التي تقوم بها النقابات التابعة للميدل ايست، ان ادارة الشركة الحالية ومالكها الاساسي مصرف لبنان المركزي يعارضان المشاريع المطروحة تحديدا، وفكرة الخصخصة في هذا التوقيت غير المناسب. ويمكن الجزم بأن المواقف التي تتخذها النقابات مدعومة فعلا من الجهتين المعنيتين، وهي تتلخص بالآتي:

اولا: ان إلغاء حصرية طيران الشرق الاوسط هو بمثابة الضربة القاضية لها، خصوصا بعدما أقرت خطة إصلاحية ورتبت على نفسها تعهدات مالية (شراء عشر طائرات حديثة).

ثانياً: الغاء عقد الصيانة مع شركة «طيران الشرق الاوسط للصيانة» (ميز) الى جانب الحصرية سيضع الشركة في وضع يستحيل معه الالتزام بتعهداتها، فتتآكل قيمتها، ويتم الاستيلاء عليها كفريسة سهلة.

ثالثاً: إقرار الحرية السابعة والثامنة يدمر الشركة كلياً اذا لم تقترن بالضوابط وتكافؤ الفرص والمساواة، علماً ان هذه الحرية غير مطبقة في اي بلد من بلدان العالم.

رابعاً: يقضي المشروع على «السمة الوطنية» للشركة، ولطالما تجلت هذه السمة عندما كان لبنان يتعرض لأزمة كبيرة، تحول دون استخدام مطاره من قبل الشركات الاجنبية.

خامساً: سيحدث المشروع خضة اجتماعية لا يستطيع لبنان تحمل نتائجها في هذا الظرف العصيب الذي يمر به.

يبقى موقف الحكومة، الذي تميز بالتريث حتى الآن وان كان مستشار رئيس الحكومة القانوني يوسف نصر قد رفع رأياً مكتوباً للرئيس السنيورة اعتبر فيه ان الحق الحصري للميدل ايست كناقل منتظم للركاب حتى عام 2012 هو حق مكتسب، وان هذا الحق يخولها ايضاً استثمار خطوطها غير المستثمرة حتى الآن او المقفلة، ورأى أن العدالة تقضي «بالمحافظة على استقرار الأوضاع القانونية للأشخاص الجسديين والمعنويين الناجمة عن قرارات إدارية اصبحت حاسمة حتى ولو كانت غير شرعية». وأشارت معلومات لـ«الشرق الاوسط» الى ان رئيس الحكومة أبدى تحفظات عن بعض أجزاء مشروع الصفدي، ولاسيما في ما خص تطبيق الحرية السابعة والثامنة، التي «تضر بالسيادة الوطنية»، إلا انه مع إقرار المشروع، ولكن في جو توافقي، وهذا بالذات ما طرح مسألة التوقيت غير المناسب بحسب مصدر قريب من إدارة الميدل ايست. ويقول هذا المصدر لـ«الشرق الاوسط»: «إن سياسة الأجواء المفتوحة التي اعتمدت منذ عام 2000 في مطار رفيق الحريري الدولي، ادت الى تهافت 42 شركة طيران منتظمة، و4 شركات عارضة، وشركة شحن واحدة على المطار، الأمر الذي شكل منافسة غير متكافئة للشركة الوطنية التي تعاني أساساً من الظروف السياسية والأمنية السائدة، بدليل عدم تسجيلها اكثر من 59% من طاقتها الاستيعابية في العام الماضي، فيما كان معدل الاشغال الدولي 74%». ويضيف المصدر انه اذا طالت الازمة القائمة ستجد الميدل ايست نفسها مضطرة لتأجير طائراتها الجديدة التي يفترض ان تبدأ بتسلمها تدريجياً في شهر يونيو (حزيران) المقبل.