قمة «التضامن» تختتم باتهامات متبادلة.. انتقادات مصرية لسورية.. وعراقية لليبيا

حددت مايو لإعادة تقييم استراتيجية السلام مع إسرائيل ودعت لانتخاب رئيس لبناني ورفضت تقسيم العراق

صورة عامة للقاعة، حيث عقدت الجلسة المغلقة لاجتماعات القمة العربية في دمشق (أ.ف.ب)
TT

دعا القادة العرب أمس في ختام قمتهم في دمشق، الى إعادة تقييم استراتيجية السلام مع اسرائيل في موعد أقصاه مايو (أيار) المقبل، مع التأكيد على ان التمسك بطرح مبادرة السلام العربية مرتبط بإيفاء اسرائيل لاتزاماتها في اطار المرجعيات الدولية، في ختام قمة دمشق التي غاب عنها نصف القادة ولم تخل جلساتها المغلقة من تبادل الاتهامات والانتقادات. ودعا القادة ايضا في المقررات الختامية لانتخاب رئيس توافقي في لبنان من دون ابطاء، وأكدوا التزامهم بالمبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية، ورفضوا تقسيم العراق، داعين الحكومة في بغداد الى حل الميليشيات، وتسريع بناء القوات العسكرية تمهيدا لخروج القوات الأجنبية.

وحذر البيان الختامي للقمة اسرائيل من أن مبادرة السلام العربية مرتبطة بالسلوك الإسرائيلي. واضاف ان الحكومات العربية ستراجع استراتيجياتها بشأن السلام مع اسرائيل. ولم يوضح البيان الخيارات التي يجري النظر فيها ولا كيف ستجرى المراجعة. وقال اعلان دمشق ان «استمرار الجانب العربي في طرح مبادرة السلام العربية مرتبط ببدء تنفيذ اسرائيل لالتزاماتها في اطار المرجعيات الدولية لتحقيق السلام في المنطقة«. وعقدت جلسة مشاورات مغلقة بين القادة العرب، استمرت لمدة ساعة وكان من المفروض ان تعقد جلسة مفتوحة لالقاء عدد من كلمات رؤساء الوفود مثل مصر والأمم المتحدة والعراق، ولكن تم الاكتفاء بجلسة شبه مفتوحة، استغرت اقل من ساعة قرأ فيها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى اعلان دمشق، في غياب الاعلاميين. وتحدث البيان الختامي عن تعزيز التضامن العربي ووحدة الصف العربي، وأشار الى المبادرة اليمنية وجهود اليمن والرئيس علي عبد الله صالح لتحقيق المصالحة الفلسطينية.

وقال احد المشاركين شهد جلستين مغلقتين مساء أول من امس وصباح أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبا عدم كشف هويته، ان رئيس الوفد المصري مفيد شهاب «وجه انتقادات مباشرة لسورية حول الأزمة اللبنانية خلال جلسة صباح الاحد». كما وجه رئيس الوفد العراقي نائب الرئيس عادل عبد المهدي، انتقادات مباشرة الى الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي تناول موضوع العراق خلال خطابه في جلسة الافتتاح السبت، فتجاهله القذافي، وانصرف الى قراءة احدى الصحف، بحسب المصدر نفسه.

لكن شهاب الذي التقى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، أشار لـ«الشرق الأوسط»، ان اللقاء اكد على حرص البلدين على التنسيق الكامل فى مختلف القضايا. وأضاف الوزير المصرى «لقد عبر كل منا عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية وضرورة دعمها ودعم الحوار للنظر في اخلاف حول بعض القضايا». وبعد تلاوة موسى لاعلان دمشق، تحدث الرئيس السوري بشار الأسد في كلمة ختامية، اشار خلالها الى اهم القضايا التي وردت في الجلسة المغلقة أمس، ووصفها أنها جلسة ابتعدت عن المجاملة، واتسمت بالصراحة من قبل القادة العرب. وذكر ان الخلاف في الرأي لم يفسد الحوار في الجلسة المغلقة. ووصف قمة دمشق بأنها تركز على تطوير آليات العمل العربي المشترك. وقال ان قطر ستكمل ما بدأته دمشق في هذه القمة. وتستضيف الدوحة القمة العربية المقبلة في مارس (اذار) 2009، بدلا من الصومال التي كان مقررا ان تعقد فيها القمة وفق الترتيب الأبجدي، لكنها تشهد اوضاعا غير مستقرة. وأعرب أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثان، عن شكره للسعودية لقيادة العمل العربي المشترك في الدورة السابقة، واعلن استضافة بلادة للقمة القادمة، بعد التنسيق مع الصومال والأمانة العامة للجامعة العربية. واكد القادة العرب في مقرراتهم الختامية «الالتزام بالمبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية ودعوة القيادات السياسية اللبنانية الى انجاز انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان في الموعد المقرر والاتفاق على اسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في اسرع وقت ممكن». وتنص المبادرة العربية التي اقرها وزراء الخارجية العرب في يناير (كانون الثاني) الفائت على انتخاب رئيس توافقي للجمهورية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يكون فيها للرئيس الصوت الوازن، ووضع قانون جديد للانتخاب.

ودعوا «قيادات الاكثرية والمعارضة النيابية الى التجاوب مع جهود ومقترحات الأمين العام للجامعة العربية (عمرو موسى) وتنفيذ المبادرة والتوصل الى التوافق في شأنها من دون ابطاء». وشدد القادة على «وضع العلاقات اللبنانية السورية على المسار الصحيح بما يحقق مصالح البلدين وتكليف الامين العام (للجامعة العربية) البدء في العمل على تحقيق ذلك».

وقاطع لبنان قمة دمشق فيما اتهم رئيس الوزراء فؤاد السنيورة الجمعة سورية بعرقلة انتخاب رئيس جديد، داعيا الى عقد اجتماع خاص لوزراء الخارجية العرب لمعالجة العلاقات المتأزمة بين البلدين. كذلك، اكدوا على «قيام المحكمة ذات الطابع الدولي من اجل كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه (في فبراير/شباط 2005) بعيدا من الانتقام والتسييس».

وعلى صعيد عملية السلام، اكد القادة العرب ان «استمرار الجانب العربي في طرح مبادرة السلام العربية مرتبط بتنفيذ اسرائيل كافة التزاماتها في اطار المرجعيات الدولية الاساسية لتحقيق السلام في المنطقة». وشددوا على «ضرورة اطلاق المفاوضات المباشرة على كافة المسارات لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي، ومطالبة اسرائيل باظهار نية حقيقية ورغبة اكيدة للتوصل الى سلام عادل وشامل، بدلا من الامعان في سياسة الحرب التي زادت وتيرتها بعد مؤتمر انابوليس»، الذي عقد في الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

واطلقت المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت العام 2002 واعيد تفعيلها في قمة الرياض العام الفائت. وتنص على تطبيع العلاقات مع اسرائيل مقابل انسحابها من الاراضي التي احتلتها العام 1967 وقيام دولة فلسطينية ومعالجة مشكلة اللاجئين. وكلف القادة العرب «اللجنة الوزارية الخاصة بمبادرة السلام العربية اعداد تقييم للاستراتيجية العربية في مسيرة السلام.. في موعد اقصاه شهر مايو (أيار) المقبل، وعقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب لدراسة التقرير واتخاذ القرار المناسب بشأن مسيرة السلام».

وفي الموضوع العراقي، أعلن القادة العرب «تمسكهم بوحدة وسيادة واستقلال العراق ورفض أي دعاوى لتقسيمه مع تأكيد عدم التدخل في شؤونه الداخلية». وأكدوا «دعم ومساندة الدول العربية لكافة الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة الوطنية.. وعقد مؤتمر الوفاق العراقي الشامل في اقرب وقت ممكن ومناسب، والاسراع في إجراء المراجعة للمواد الخلافية في الدستور والحرص على توزيع ثروة العراق بصورة عادلة».

كذلك، دعوا الحكومة الى «حل مختلف الميليشيات من دون استثناء.. وتسريع بناء وتأهيل القوات العسكرية والأمنية العراقية على أسس وطنية ومهنية، وصولا إلى خروج القوات الأجنبية كافة من العراق».

وشدد القادة العرب على «أهمية التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية لدول جوار العراق لتعزيز اجراءات ضبط الحدود ومنع المتسللين من عبور الحدود». ودعوا ايضا الى «الاستجابة الفورية لمطلب العراق في اعادة فتح البعثات الدبلوماسية العربية في العراق»، واشادوا «بمبادرة بعض الدول العربية بارسال وفود دبلوماسية وفنية لهذا الغرض».