إسرائيل تراجعت عن العفو الشامل لمطاردين من كتائب الأقصى

بعضهم عاد مطلوبا أو معتقلا وجميعهم يرى فيه «كذبة كبيرة»

اطفال فلسطينيون يتظاهرون في الخليل ضد حملة اسرائيلية لاغلاق جمعيات خيرية ودور ايتام في المدينة امس (رويترز)
TT

في سجن الأمن الوقائي، في مدينة بيت لحم، يقضي زياد مزهر، احد ابرز ناشطي كتائب الأقصى، يومه، لكنه يحظى باحترام كبير بين جنود وضباط الجهاز. لم يحاول العسكريون منعه بالقوة من الخروج معنا بالسيارة، لكنهم تمنوا عليه ألا يفعل نزولا عند الأوامر، وخوفا على حياته. فعاد هو واعتذر قائلا لـ «الشرق الأوسط» إن «مجرد وقوفي عند باب الوقائي، يشكل خطرا علينا جميعا». وتابع «لقد ابلغ الإسرائيليون السلطة، باتني سأصبح هدفا لهم في حال خرجت من باب الامن الوقائي». ولا يجد زياد تفسيرا للتغير بالموقف الاسرائيلي، بعد ان حصل على عفو كامل، ضمن ما يعرف بصفقة العفو التي وقعتها السلطة مع اسرائيل. ووقع زياد قبل شهور ورقة العفو التي تمنحه حرية كاملة، يستطيع معها حتى السفر. لكن قيادة الامن الوقائي أبلغته لاحقا بتراجع إسرائيل عن منحه العفو مع 6 آخرين في الضفة واعتقلته.

ووحده من بين رفاقه الـ 6 لا يزال زياد ينتظر عفوا جديدا أو اعتقالا أو اغتيالا. فإسرائيل قتلت واعتقلت النشطاء الـ5 الآخرين. وردا على سؤال حول سبب مطاردته من جديد، قال زياد «لا اعرف. كل الشعب الفلسطيني مطلوب للاسرائيليين». ولا يبرئ زياد ساحة محافل فلسطينية لم يسمها، تحظى بعلاقات جيدة مع الإسرائيليين والاميركيين، وقال «كان على خلاف مع جهات متنفذة، ربما عادت فورطته مع الإسرائيليين».

وبطبيعته لا يثق زياد بالإسرائيليين، ومثله مطاردون كثر، حصلوا على العفو التام، لكنهم لا يزالون يتخذون اقصى درجات الحيطة والحذر. وعزز ذلك عند مطاردي كتائب الأقصى إقدام اسرائيل على اعتقال واغتيال مطلوبين معفو عنهم في نابلس وجنين وطولكرم وأريحا.

ويعقب زياد بالقول «هذه كذبة. قضية العفو كذبة كبيرة، واسرائيل أرادات بها تسهيل اغتيال واعتقال المطاردين». ورغم عودة التنسيق الأمني، بين السلطة وإسرائيل، التي تقول انها راضية عن مستوى هذا التنسيق، تبدو السلطة التي تحرص على انهاء ملف المطاردين، عاجزة امام قضايا شبيهة لقضية زياد. وقالت مصادر امنية لـ«الشرق الأوسط» ان القيادة الامنية للسلطة، بمن فيهم وزير الداخلية وقائد الامن الوقائي، حاولوا التدخل لدى الإسرائيليين، لاغلاق ملفات بعض المطاردين وبينهم ملف زياد، ولكن بدون ان تستجيب اسرائيل» التي لم تتوقف عن ملاحقة معفو عنهم.

وفي طولكرم، شمال الضفة، شن الجيش الاسرائيلي حملة دهم وتفتيش لعدد من منازل نشطاء حركة فتح، وحاول اعتقال الرائد في جهاز الامن الوقائي منذر عبد العزيز إكبارية،45 عاماً، (شمله العفو الاسرائيلي)، بعد ان احدث خرابا كبيرا في منزله. وقال اكبارية للصحافيين «لم يحصلوا على شيء، منذ فترة طويلة قمت بتجميد نشاطي العسكري نهائياً، حتى انني لا اشارك بأي مسيرة اياً كانت، والتزمت عملي ولا يوجد بحوزتي اي نوع من السلاح، سوى سلاح الوقائي الذي احمله فقط اثناء وجودي داخل المقر ولمهمة رسمية». وتابع اكبارية «اسرائيل غدّارة، والعفو الذي تتحدث عنه هو عفو كاذب».

وفي نابلس، لا يزال رمضان العداسي، احد قادة كتائب الأقصى متشككا في النوايا الاسرائيلية، رغم حصوله على العفو الشامل، وقال لـ«الشرق الأوسط» انه لا يزال حذرا، ويرفض مغادرة المدينة.

وينقسم المطلوبون لمجموعتين، واحدة تضم نشطاء حصلوا على عفو مشروط. والثانية تضم نشطاء حصلوا على عفو نهائي. وهناك بالطبع من ترفض اسرائيل ادراجهم في قوائم قيد الدراسة، كان من بينهم مثلا، احمد البلبول الذي اغتيل في بيت لحم مع 3 من رفاقه مارس (آذار) الماضي.

ولا يزال زياد معتقلا، ولا يعرف نهاية لذلك، كما لا تعرف قيادته. وبشيء من التهكم يقول «ان اسرائيل تدعي مطاردتنا بسبب حيازتنا السلاح، وهي التي تورد أصلا هذا السلاح للضفة». ويرسم زياد صورة قاتمة للمستقبل، ويرى ان فتح تخسر الكثير في الضفة، جراء سياسات اشخاص ليس لهم علاقة بفتح. وتابع «ستغرقنا اسرائيل بالسلاح، وسنتقاتل يوما مثل غزة، وستستمر اسرائيل في سياسة القتل والاعتقال، وليس هناك من مستفيد سوي الإسرائيليين والأميركيين ورجالهم في المنطقة».