إدوارد لينو لـ«الشرق الاوسط»: لن نكون البادئين بالحرب في أبيي.. وحزب البشير يسلح المسيرية

القيادي في الحركة الشعبية قال إن المواطن في المنطقة المتنازع عليها يستخرج النفط وليس له نصيب فيه

TT

شن ادوارد لينو القيادي البارز في الحركة الشعبية لتحرير السودان (ثاني أكبر شريك في الحكومة) هجوما يعتبر الاعنف على حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير (الشريك الاكبر)، وحمله مسؤولية توتر الاوضاع في منطقة ابيي الغنية بالنفط، التي تشهد معارك متقطعة بين قبيلتين، شمالية وجنوبية منذ عدة شهور، وسط مخاوف من أن تؤدي الى عودة الحرب بين الجانبين، لكن لينو أكد ان حركته لن تكون البادئة بشن الحرب. ونفى لينو، الموجود حاليا في أبيي، بعد تعيينه مشرفا سياسيا في المنطقة من قبل الحركة، أن يكون شكل حكومة هناك، لكنه قال: إنه باق في المدينة ولن يخرج منها، لانها مسقط رأسه وموطنه. وشكلت الحركة الشعبية بزعامة سلفا كير قبل أيام هيئة سياسية (من طرف واحد) في المنطقة المتنازع عليها بين الحركة والمؤتمر الوطني، لكن قرارها هذا اُعتبر بمثابة «فرض الامر الواقع»، وأثار سخط مجموعات مسلحة من قبيلة المسيرية (الشمالية)، وهددت مسؤول الحركة، بشن هجوم على ادارته، كما استنكر المؤتمر الوطني، الخطوة واعتبرها خرقاً صارخاً لاتفاقية السلام، ودعا الى إلغاء تلك الادارة فورا.

وقال لينو في حديث عبر الهاتف مع «الشرق الاوسط» من ابيي: «انا هنا انفذ أمرا من رئيس الحركة الشعبية بتولي الامور السياسية والتنفيذية»، واشار الى انه غير مكترث بتهديدات المسيرية له بمهاجمة المدينة في حال عدم خروجه منها. وأضاف «هنا مسقط رأسي وأرضي.. فكيف يريدون مني الخروج»، واعتبر ان تلك التهديدات لا ترقى الى مستوى الرد عليها لانها غير منطقية، وقال: انها «صبيانية».

وينتمي لينو الى قبيلة الدينكا نقوق القبيلة الاكثر انتشارا في المنطقة، التي تصارع من أجل السيطرة على السلطة فيها مع قبيلة المسيرية العربية. ولا يزال مصير منطقة ابيي غامضا، رغم ان اتفاق السلام الذي ابرم بين الشمال والجنوب، والذي انهي عقودا من الحرب الاهلية، وتضمن بروتوكولا لحل الأزمة، لكن الامور ما تزال متعثرة، وتهدد بتجدد الصراع، في ظل تبادل الاتهامات هنا وهناك، واشتباكات متقطعة بين القبيلتين الكبيرتين في المنطقة. وقال المسؤول في الحركة الشعبية: ان «حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير هو المسؤول الاول عن توتر الاوضاع في ابيي، لانه لا يريد ان ينفذ اتفاق السلام الخاص بالمنطقة، ولانه لا يريد ان يدفع حقوق المواطنين في المنطقة من عائدات النفط». واضاف لينو ان «اتفاق السلام اعطى مواطني المنطقة من المسيرية والدينكا نسبا من عائدات النفط وهي واضحة لا لبس فيها، ولكن حتى الان مواطنو المنطقة لم يروا مليما واحدا»، من عائدات النفط المستخرج من منطقتهم. واضاف «مواطنو المنطقة من الدينكا والمسيرية يرون ان عائدات النفط المستخرج من مناطقهم توزع على مناطق اخرى، وتستثنى منطقتهم المنتجة للنفط بكميات كبيرة»، وحسب لينو فان «نصيب المواطن في ابيي من النفط هو ترد في صحة البيئة وتدفق المياه الملوثة الملفوظة من النفط على اراضيها ومياهها». وأضاف: «عائدات النفط هي التي تبني الان سد مروي (أكبر السدود على النيل في الشمال).. في وقت لم يقم اي مشروع في المنطقة لان المؤتمر الوطني لا يريد ذلك».

ونفى مجددا ان يكون دخوله الى ابيي نهاية الاسبوع الماضي بمثابة احتلال، وقال: «هناك اتفاق تم بيننا مع المؤتمر الوطني في ديسمبر (كانون الاول) الماضي، وكان من المفترض ان يتم تنفيذه في التاسع من يناير (كانون الثاني) الماضي، ولكن المؤتمر الوطني يماطل في التنفيذ عن قصد لانه لا يريد الالتزام ببنود اتفاق السلام». واضاف: «انهم يطلبون الوقت من يوم لآخر وهذا هروب من مواجهة المشكلة وبنود الاتفاق». وكشف عن ان الفريق سلفا كير رئيس الحركة الشعبية هو الذي أمره بالتوجه الى ابيي لادارتها سياسيا وتنفيذيا، من اجل تقديم الخدمات للمواطين المحرومين، وقال ان اتفاق السلام جرى توقيعه منذ ثلاثة اعوام ومنذ ذلك الحين ظلت المنطقة بلا خدمات تماما».

وفي رد رسمي صارخ، رفض حزب المؤتمر الوطني اعلان شريكه في الحكم (الحركة الشعبية) تشكيل ادارة في منطقة أبيي برئاسة لينو، واعتبر «الخطوة الاحادية خرقاً لاتفاق السلام»، ودعا الى الغائها. كما استنكر الحزب في بيان، ما صاحب القرار من نشر مكثف للقوات، شمال مدينة أبيي وطالب باعادتها إلى مواقعها السابقة تحت رقابة اللجنة العسكرية المشتركة، والتوقف عن أية خطوات انفرادية تهدد استقرار المنطقة.

وقال البيان ان «الخطوة تعتبر تجاوزا على صلاحيات رئاسة الجمهورية التي تملك وحدها دون غيرها سلطة تشكيل ادارة لأبيي بموجب اتفاقية السلام الشامل والدستور القومي الانتقالي، وخروجاً عن روح الشراكة ومؤسساتها». واتهم لينو المؤتمر الوطني بالتهرب من تنفيذ اتفاق السلام، الذي قال انه وقع امام اكثر من 14 جهة دولية، من بينها الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية. واستهجن ما اسماه «قسم الرئيس البشير من وقت لآخر بالطلاق بان اتفاق ابيي لن ينفذ، مع ان هذا الاتفاق وقعته الحكومة السودانية عن رضا من جانبه وبكل الحضور الدولي المعروف».

وردا على سؤال حول الخيارات المطروحة الان لحل مشكلة ابيي، قال القيادي في الحركة الشعبية ان «الحل واحد هو تنفيذ اتفاق السلام اي تنفيذ بروتوكول ابيي»، وحول ما اذا كانت الخطوة التي قام بها ستؤدي الى حرب جديدة في المنطقة، قال لينو: «انا في بلدي من اجل السلام والتنمية ولم اجئ هنا للحرب ولن ابادر بأي حرب، ولكن اذا جاء من يحاربنا فلن نخشى»، وعن تحذيرات من المسيرية له بالخروج من المنطقة في فترة محددة قال: «لا اتوقع قيام الحرب في المنطقة من المسيرية ضد ابناء ابيي»، واضاف: «المسيرية مهمشون مثل الدينكا في ابيي وهم يفهمون الموضوع تماما»، ومع ذلك اشار الى ان «اهل ابيي لم يتحركوا ابد في يوم من الايام لمهاجمة المجلد (مناطق المسيرية)، ولكن هناك من يتحرك نحو ابيي»، واتهم حزب المؤتمر الوطني بتحريض مجموعات من المسيرية ضد ابيي، كما اتهم حزب البشير بتقديم الدعم العسكري للمسيرية عبر الدفاع الشعبي والميليشيات المحلية للمسيرية، وقال: «حتما يحدث ذلك».