العاهل المغربي يدعو المؤسسات التعليمية إلى ملاءمة مناهجها مع ما يتطلبه تأهيل الموارد البشرية

الأمير خالد الفيصل: الدورة الخامسة للمنتدى العربي للتربية تخرج من النطاق المحلي إلى العالمية

TT

قال العاهل المغربي الملك محمد السادس إن الإصلاح المستمر للمنظومات التربوية العربية «يظل الخيار الذي لا محيد عنه، لتبوؤ بلداننا العربية المكانة الجديرة بها في معترك العولمة العلمية والتقنية، وتمكين التعليم والبحث من الاضطلاع بدورهما كرافعتين أساسيتين للتنمية».

وأضاف العاهل المغربي، في رسالة وجهها إلى المشاركين في المنتدى العربي الخامس للتربية والتعليم، الذي تنظمه مؤسسة الفكر العربي، المنعقد بقصر المؤتمرات، الذي يحمل اسم الملك محمد السادس في الصخيرات (ضواحي الرباط) من 2 الى 4 ابريل (نيسان) الجاري، تحت شعار «التعليم في الوطن العربي والعولمة»، أن الجامعات ومعاهد البحث تعرف اليوم، على الصعيد الدولي، تسابقاً حثيثا من أجل اكتساح أسواق التكوين والبحث، في اتجاه تمكنها من الامتلاك التدريجي لوسائل وآليات هذه التنافسية، مما أفرز دينامية تدفع إلى المزيد من التنميط والتماثل بين مقومات ومناهج الأنظمة التعليمية والتكوينية عبر العالم.

وقال ملك المغرب في الرسالة التي تلاها عباس الفاسي، رئيس الوزراء المغربي، إن المؤسسات التعليمية مدعوة باستمرار إلى ملاءمة مناهجها وأساليب عملها مع ما يتطلبه تأهيل الموارد البشرية، ملحا على ألا ينحصر دور المدارس والجامعات في الرفع من مؤشراتها الكمية فقط، بضمان الحق في التعليم، بل ينبغي رفع تحدي جودة الخدمات والكفاءات، وتوفير ظروف الانخراط الفاعل في مجتمع المعرفة والاتصال.

وأكد الملك محمد السادس أن من الأولويات الملحة أيضاً، الانكباب على تقييم النظم التربوية العربية، وتحديد مواطن الخلل والقصور فيها، وكذا رصد كل الإكراهات والعراقيل التي يحملها اكتساح العولمة للعالم العربي، ودراسة ردود الفعل الإيجابية التي يتطلبها رفع تحدياتها على كل المستويات.

ونوه العاهل المغربي بمبادرات ومجهودات الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مؤسسة الفكر العربي، في سبيل النهوض بالثقافة والفكر العربيين، مشيراً إلى أهمية موضوع المنتدى، اعتبارا لمواكبته لحيوية النقاش الدائر في المنطقة العربية حول إشكاليات وأولويات النهوض بالمنظومات العربية للتربية والتكوين، وتعزيز دورها في إعداد أجيال المستقبل.

وعبر الملك محمد السادس عن قناعته بأن المنتدى سيسهم في تعميق النظر في ما تطرحه التحديات على الأنظمة التعليمية في البلدان العربية، وابتكار المناهج الناجعة لمعالجة بعض القضايا المشتركة في هذا المضمار.

وأضاف العاهل المغربي أنه بالنسبة للتعاون فينبغي أن يتأسس على شبكة من المشاريع الطموحة الواضحة الأهداف والوسائل حول مجالات البحث والتكوين، تنخرط فيها الجامعة والمقاولات والفاعلون الاقتصاديون في شراكة ناجعة بين القطاعين الخاص والعام لاستقطاب وتحفيز الكوادر والكفاءات العربية الموجودة بالخارج، وذلك بغية الإسهام في التنمية العلمية والتقنية لبلدانهم الأصلية ولمجموع الوطن العربي.

وأكد العاهل المغربي أن المنتدى سيشكل قوة اقتراحية فعالة للإسهام في استكشاف أفضل السبل للنهوض المتواصل بالمنظومات التعليمية العربية، وتوثيق التعاون وتبادل الخبرات بينها على نحو يجعلها في مستوى رفع تحديات العصر وتحقيق التنمية.

ومن جهته، قال الامير خالد الفيصل، رئيس مؤسسة الفكر العربي، ان المنتدى عكف في دوراته الاربع السابقة على بحث شأن التعليم العربي بمراحله وعلاقته بالتنمية المستدامة، ومواءمة المنتج التعليمي لحاجات المجتمع الخدمية، مشيرا الى ان الدورة الخامسة تخرج بالمنتدى من النطاق المحلي الى العالمية، في اطار الجهود العربية الموازية التي تعيد النظر في هيكلة التعليم، وإحداث الاصلاحات والتطويرات طبقا لمستجدات العولمة ومقتضيات الثورة التقنية المصاحبة، ومن اجل ذلك، يقول الامير خالد الفيصل، تنعقد المؤتمرات والندوات الرصيفة في العديد من الدول والمنظمات العربية.

واشار الامير خالد الفيصل الى تقرير التنمية البشرية الصادر مطلع هذا العام، وقال انه يعدد بعض الايجابيات في التعليم العربي، تتمثل في الزامية التعليم الابتدائي، وتضاعف عدد طلاب المرحلة المتوسطة والجامعية، وانخفاض نسبة الامية الى النصف، وتساوي الجنسين في التعليم الاساسي خلال العقود الاخيرة، اضافة الى تأكيد التقرير انه لا توجد دولة عربية واحدة ضمن تصنيف التنمية البشرية المتدنية. بيد ان الامير خالد الفيصل أوضح انه رغم هذه الايجابيات الدالة على وجود حركة اصلاح وتحديث في التعليم العربي، يجب الاعتراف بان «تعليمنا لا يزال على مسافة بعيدة من الانخراط في تيار المعاصرة الذي تحمله رياح العولمة في كل الاتجاهات».

وخاطب المشاركين في المنتدى بالقول «لا شك ان امتكم العربية تعقد آمالها على منتداكم، الذي يمثل هذا الحشد الكبير لخبراء التربية والتعليم في عالمنا العربي، وتراهن على نجاحه في وضع الرؤية والاستراتيجية الكفيلة بالاستفادة من ايجابيات العولمة، من حيث الاصلاح وتحديث مكونات التعليم العربي، والافادة من تقنيات العصر، وتحفيز استثمار القطاع الاهلي في مجالات التعليم المتعددة، ضمن منظومة تعاون وتكامل مع القطاع الحكومي.