رجال أعمال فلسطينيون يتطلعون شرقا إلى الصين

الأعلام والكوفيات الفلسطينية من إنتاج الصين بسعر أرخص 40 في المائة

عاملة صينية تعمل على خط إنتاج الكوفية الفلسطينية في مدينة يوو (رويترز)
TT

في مواجهة قيود إسرائيلية على التجارة والتنقل واقتصاد راكد وتدفق واردات رخيصة من آسيا، يبحث رجال الأعمال الفلسطينيون بدرجة متزايدة عن حظ أفضل في الصين.

وزاد الطلب على تأشيرات دخول الصين بين أصحاب الأعمال في الضفة الغربية المحتلة بدرجة كبيرة حتى ان القنصل الصيني يزور بانتظام مدينة الخليل لوضع التأشيرات على جوازات السفر والتغلب على حظر إسرائيلي يمنعهم من الانتقال الى السفارة في تل ابيب.

وقال خالد العسيلي، وهو رجل اعمال ورئيس بلدية الخليل، لـ«رويترز» ان الجميع يتعاملون مع الصين وان القنصل الصيني يأتي الى الخليل وفي يوم من الايام أصدر بين 600 و700 تأشيرة دخول لرجال اعمال من الخليل.

وبدأت الصين فتح اقتصادها منذ نحو 30 عاما باستخدام العمالة الرخيصة لإنتاج وتصدير كميات كبيرة من السلع الرخيصة التي تقل كثيرا عن أسعار الصناعات المحلية في العديد من الدول النامية.

وفي الخليل، وهي أكبر مدينة فلسطينية تشتهر بالمنتجات الجلدية والمصنوعات الخزفية اليدوية، كانت موجة السلع الصينية الرخيصة القشة الأخيرة بالنسبة لرجال الأعمال الذين يعانون بالفعل من القيود الإسرائيلية على السفر، وهو الإجراء الذي تسبب في ارتفاع التكاليف بشدة وأضر بالنمو الاقتصادي.

وتقول إسرائيل ان شبكة نقاط التفتيش وحواجز الطرق التي تنشرها في الضفة الغربية مطلوبة لأسباب امنية. ويقول الفلسطينيون انها ترقى الى حد العقاب الجماعي.

وأول من أمس قالت اسرائيل انها ستزيل نحو 50 حاجز طريق في الضفة الغربية وستفتح نقاط تفتيش دائمة تعرقل تدفق المسافرين الى بلدة أريحا.

وقال مسؤولون غربيون وفلسطينيون ان اسرائيل تعهدت في الماضي بإزالة الحواجز في الضفة الغربية، لكنها تقاعست عن عمل ذلك.

وفي نفس الوقت تحول كثير من الفلسطينيين الى تجارة الواردات ويسافرون الى الصين لشراء سلع رخيصة لبيعها في الداخل.

ووسط شكوك في ان جهود السلام مع اسرائيل ستؤدي الى اتفاق لقيام دولة فلسطينية مستقلة في الوقت القريب فإنهم يختارون البقاء هناك. وقال حازم الشيوخي، وهو تاجر هدايا من الخليل انتقل الى مدينة يوو في

عام 2006 لبدء تجارة تصدير «إن الاحوال الاقتصادية في فلسطين سيئة للغاية».

وقال لـ«رويترز» عبر الهاتف من مدينة يوو بالصين «في الخليل كنا نمارس أعمالنا استنادا الى تقارير اخبارية».

وأضاف «كان يتعين علي ان استمع الى نشرة الأخبار لمعرفة ما ان كان هناك اغلاق. كنت اعمل تحت ضغط لمجرد البقاء ولذلك قررت المغادرة.

والصين التي تحولت منذ نهاية الحرب الباردة الى الشرق الأوسط للحصول على نصف وارداتها من النفط، ليست مرتبطة بالمنطقة من خلال التجارة فقط. فقد سعت بكين الى القيام بدور سياسي أكبر في الشرق الأوسط وعينت مبعوثا لعملية السلام العربية ـ الإسرائيلية.

وقال الدبلوماسي الفلسطيني أحمد كايد الذي يقيم في بكين انه في السنوات العشر الماضية استقر أكثر من 200 رجل أعمال فلسطيني في الصين، لكن آلاف رجال الأعمال الفلسطينيين والعرب الآخرين يسافرون باستمرار الى المدن الصينية للتجارة. وأضاف انه تم افتتاح مطاعم ومساجد ومدارس عربية في أنحاء البلاد.

وقال كايد، رئيس العلاقات التجارية الفلسطينية ـ الصينية بالسفارة الفلسطينية في بكين «الواردات الفلسطينية من السلع الصينية قيمتها تزيد على ملياري دولار من خلال التجارة المباشرة من جانب رجال الأعمال الفلسطينيين أو من خلال إسرائيل.

والمنافسة من السلع الصينية الرخيصة دمرت تقريبا الصناعات التحويلية في الأراضي الفلسطينية حيث أصبحت عبارة «صنع في الصين شائعة في المتاجر. والأحذية الأميركية الشهيرة ماركة كروكس تباع في اسرائيل مقابل 280 شيكل نحو 78 دولارا، لكن في الخليل تباع النسخة المقلدة الصينية الصنع مقابل 13 شيكلا نحو 3.6 دولار.

وعلى مدى خمسة عقود كان ياسر الحرباوي صاحب المصنع الفلسطيني الوحيد الذي ينتج الكوفية الفلسطينية الوطنية وكان اشهر من ارتداها الزعيم الراحل ياسر عرفات. والآن أصبح يزيح التراب عن ماكينات الغزل القديمة في مصنع النسيج الصغير الذي يمتلكه في الخليل.

وقال الرجل البالغ من العمر 76 عاما والذي يرتدي الكوفية الفلسطينية منذ عامين اضطررت الى إغلاق مصنعي لأنني لم أتمكن من المنافسة مع المنتج الصيني الذي يباع بسعر أقل بنسبة 40 في المائة. وقال العسيلي، رئيس بلدية الخليل، ان المنافسة من جانب السلع الصينية تضاعفت نتيجة للقيود الإسرائيلية التي أجبرت 200 مصنع أحذية على الإغلاق في المدينة مما ادى الى تسريح 17 الف عامل أصبحوا عاطلين.

وقال ان أكثر من 40 في المائة من السكان في منطقة الخليل أصبحوا عاطلين عن العمل ووصف 250 حاجز طريق اقامتها اسرائيل هناك بأنها عائق ضخم يعرقل العمل.

وعلى بعد آلاف الأميال في مدينة يوو الصينية التي يبلغ تعداد سكانها مليوني نسمة في إقليم جيجيانغ الشرقي، روى الشيوخي، 30 عاما، قصة تعكس قدرا أكبر من السعادة.

وقال الشيوخي، الذي يتعامل مكتب التصدير الذي يمتلكه مع آلاف التجار الفلسطينيين والإسرائيليين، أن رجال الأعمال الفلسطينيين يستوردون كل شيء من الصين. انني اتلقى طلبيات لإرسال الأعلام الفلسطينية والكوفيات الفلسطينية الصينية الصنع.

وأصبحت مدينة يوو منطقة تجارية مزدهرة بفضل تدفق اموال الشرق الأوسط. وهي الآن محور لبيع المنتجات العربية المصنوعة في الصين مثل الملابس.

وكل يوم جمعة يتجمع مشترون من لبنان وتجار من اليمن ورجال اعمال من مصر لاداء صلاة الجمعة. وفي اسواق الجملة في المدينة تزدحم منافذ البيع المؤقتة بكل شيء من فرشاة الأسنان الى الحزام. وفي الخليل أصبح شحادة سموح، الذي كان تاجرا صغيرا صاحب متجر ضخم الآن لبيع الأحذية واللعب والسلع المنزلية الصينية الصنع.

وهو يبيع الأحذية الصينية بسعر أقل بنسبة 70 في المائة من الأحذية المصنوعة في الخليل. وقال إن الزبائن يطلبون السلع المصنوعة في الصين لأنها تبدو أفضل شكلا وأرخص سعرا.