السعودية: دعوة «عاجلة» لإنقاذ البحر الأحمر قبل أن يتحول إلى «بحر ميت»

عودة المخلفات من جديد تفشل حملات الغواصين لتنظيف شواطئ البحر

د. محمد الجهني
TT

دقت مصادر بيئية ناقوس الخطر من أن البحر الأحمر يسير على خطى البحر الميت، اذا لم تتخذ خطوات عاجلة وسريعة لإنقاذ الحياة البحرية التي بدأت تنقرض نتيجة ما يحدث في سواحل البحر الأحمر من هجرة على اثر التدمير الذي لحق بها والظروف المناخية، مشيرة إلى أن معظم حملات الغواصين للتنظيف باءت بالفشل، حيث تعود المخلفات بسبب الناس إلى مكانها مرة أخرى.

وحذر الدكتور محمد الجهني، رئيس المنتدى الذي تنظمه الغرفة التجارية الصناعية بجدة تحت إشراف الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، من أن عدم اتخاذ خطوات جادة في المحافظة على البحر الأحمر سيحوله إلى «البحر الميت»، مؤكدا «أن علينا إدراك أن المؤسسات الحكومية والمنظمات العربية والدولية لن تستطيع وحدها العمل للمحافظة على البيئة البحرية وحمايتها إذا لم يكن ذلك مسؤولية وطنية يحتمها قبل كل شيء ديننا ثم مسؤوليتنا تجاه الوطن كذلك الأخلاقيات التي يجب أن يتمتع بها المسلم».

وأوضح «أن الإنشاءات الموجودة على ساحل البحر سارعت بهجرة كثير من الأحياء البحرية من مواطنها الطبيعية بسبب التدمير الذي لحق موطنها الأصلي، وهو وضع خطير يتطلب إجراءات حاسمة وغرامات كبيرة ومراقبة شديدة للسيطرة على الوضع المأساوي الذي تتعرض له البيئة البحرية للبحر الأحمر».

وتابع «على الرغم من كثير من حملات التوعية والأعمال الجماعية والفردية التي يقوم بها المهتمون بحماية البيئة، إلا أن الوضع المتزايد في تلويث السواحل البحرية من قِبل المتنزهين ومرتادي الشواطئ البحرية، أمر يجب عدم السكوت عليه في غياب الردع ومخالفة المتسببين في ذلك، وربما يحتاج الوضع إلى تشكيل شرطة خاصة بالبيئة مهمتها الوجود في المناطق البحرية والساحلية بشكل ظاهر أو مكشوف للقضاء على تلك الظاهرة غير الحضارية، خاصة في أيام العطلات وإجازات نهاية الأسبوع، فالتوعية اذا لم تتبعها عقوبة ستكون من دون فائدة».

وشدد رئيس منتدى جدة البيئي الأول إلى ضرورة وجود عقوبات على من يلقون المخلفات في البحر الأحمر وقال «على الرغم من قيام الحملات المختلفة لتنظيف قاع البحر، إلا أن الغواصين عندما يعودون لنفس المناطق التي سبق تنظيفها يجدون مخلفات جديدة قد ألقيت من المتنزهين، والتوعية يجب أن تبدأ من المنزل والمدرسة في تهيئة وتعليم الأجيال الناشئة أهمية المحافظة على البيئة بمختلف أقسامها».

وقال الدكتور محمد الجهني «إن البحر الأحمر واحد من أجمل البحار، التي تحد الجزيرة العربية وأغنى بحار العالم في تنوع شعابه المرجانية، حيث تزيد أنواع الشعاب على 250 نوعاً إلى جانب العديد من الأنواع المختلفة الأخرى».

وحذر الجهني من «أن البحر الأحمر على وشك أن يفقد أجمل خصائصه ومميزاته بسبب السلوكيات الخاطئة التي تمارس ضده والتلوث الذي يعاني منه، خاصة في المناطق المأهولة بالسكان».

وأشار إلى أن المناطق البحرية القريبة من المدن هي الأكثر تلوثا بسبب ازدياد عدد السكان وكثرة المباني والإنشاءات المختلفة ومشاكل التصريف الصحي والتلوث الحراري بسبب قرب المصانع.

وقال الدكتور الجهني «من المشاكل التي يعاني منها البحر الأحمر إنشاء المنتجعات والقرى الساحلية والمباني بطريقة غير مسؤولة، حيث يتطلب الإنشاء الردم لمناطق كبيرة وإقامة الخرسانات الإسمنتية على الشعاب المرجانية، بالإضافة لعمليات التجريف للمناطق الساحلية، والتخلص من النفايات بها، والصرف الصحي داخل البحر الذي يؤدي إلى زيادة نمو الطحالب البحرية، حيث تحجب ضوء الشمس عن المرجان مما يؤدي إلى تدمير مباشر للنظام البيئي الخاص بالشعاب المرجانية».

وأضاف «يؤدي أيضا الصيد الجائر إلى خلق عدم توازن في النظام البيئي الخاص بالشعاب المرجانية وهيمنة بعض أنواع الكائنات البحرية الضارة بالشعاب والأسماك الأخرى، إضافة إلى أساليب الصيد المدمرة مثل الصيد باستخدام السيانيد وكيمياويات أخرى سامة، والصيد باستخدام المواد المتفجرة، علاوة على تلوث مياه البحار بالمواد البترولية والزيوت الناشئة عن السفن وعن تفريغ الزيوت وسط البحر».

وأكد الجهني أن ارتفاع درجات حرارة المياه بسبب الاحتباس الحراري يؤدي إلى موت الشعاب المرجانية، إضافة إلى قذف القاذورات والمخلفات في البحر من قِبل المتنزهين ومرتادي البحر، خاصة العلب البلاستيكية التي تؤدي إلى القضاء على السلاحف البحرية نتيجة التهامها لها مما يؤدي إلى انسداد الأمعاء وتوقف السلاحف عن الغذاء مما يعجل في نفوقها. وفي سياق بيئي آخر، دعا رئيس الغرفة التجارية الصناعية بجدة صالح بن علي التركي، الى استثمار منتدى جدة البيئي للتعرف عن قرب على الفرص الاستثمارية المتاحة في مجال البيئة التي تمثل مستقبلا باهرا.

وأشار إلى أن الخريطة البيئية للمملكة العربية السعودية تحظى بتنوع كبير بسبب ترامي أطراف مساحتها الجغرافية الشاسعـة التي تكونها الصحاري الممتدة من الشمال إلى الجنوب ووجود الكثير من الواحات ذات التربة الزراعية الخصبة وتكمل البيئة الجبلية منظومة التنوع البيئي في المملكة، حيث ترتفع قمم الجبال الشاهقة لتشكل شريطاً يمتد بمحاذاة البحر الأحمر من غرب المملكة حتى أقصى جنوبها.