مهتمون بالآثار يدعون إلى إنشاء متحف في المدينة المنورة

أرجعوا فقدان الإرث الحضاري إلى اختلاف وجهات النظر

TT

دعا مهتمون بالآثار والعمارة الاسلامية الى إنشاء متحف في المدينة المنورة لحفظ إرث اسلامي يُخشى اندثارُهُ، معبرين عن واقع مؤلم تعيشه الآثار والاهتمام الذي لا يتواكب مع حجم المخزون الحضاري الذي تحتضنه السعودية.

ووصف المهندس عبد الحق بشير العقبي، المتخصص في الآثار والعمارة الإسلامية، واقع الآثار بأنه واقع مؤلم ومتواضع لا يتناسب مع الكم والمخزون الحضاري الهائل الذي تحتويه المملكة عموماً ومنطقة المدينة المنورة خصوصاً، والذي تشتهر به منذ فجر التاريخ ويعود للجيل الثالث من أبناء نوح عليه السلام.

وقال في محاضرة بعنوان «سياحة الآثار.. الواقع والمأمول» ضمن فعاليات الملتقى الرابع للتنمية السياحية والعقارية، انه رغم جهود الدولة بإصدار نظام لحماية الآثار منذ عام 1963، إلا أن فقدان الإرث الحضاري والإنساني في المملكة تعود أسبابه إلى اختلاف وجهات النظر. كما أنه رغم ما يثار من خلاف حوله من آثار لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من مجمل الآثار. وأكد أن من الواجب التعامل مع وجهات النظر بالحوار المنهجي العلمي الواعي والفكر الوسطي مما سيسهم في تقريب وجهات النظر والاتفاق على نهج واضح ومحدد. وبين العقبي أن المسوحات الأثرية في المنطقة التي تمت في حدود 100 كلم في مختلف الاتجاهات أسفرت عن توثيق العديد من المواقع الأثرية من أهمها عشر محطات لسكة حديد الحجاز، وخيف الحزامي وعشيرة والصويدرة. كما تم الكشف عن ميناء الجار الإسلامي (الرايس) وتسييجه، والكشف عن متحف طبيعي للكتابات في العهد العمري في روادة، وأن الآثار المعروضة في متحف الملك عبد العزيز بالرياض تمثل 5 في المائة فقط من آثار المدينة المنورة.

وكشف أن ما وصفه بهيمنة حضارة الاسمنت والإسفلت والتي سجلت آلياتها أوسع مسح وهدم وردم للآثار في تاريخ الإنسان قضت حتى على الأطلال، حتى أن 37 باحثا أكاديمياً لم يستطيعوا الوصول إلى درجة اليقين لتحديد معالم واتجاهات معركة أحد بسبب زوال المعالم والآثار. وحددت المواقع المتاحة للسياح في المنطقة حالياً بمتحف العلا الذي وصف بالمتواضع، ومدائن صالح واللذين يغلقان في نهاية الأسبوع والأجازات بسبب عدم وجود مكافآت العمل خارج الدوام للعاملين بها.

وأضاف «ان تنفيذ 50 في المائة من إستراتيجية الهيئة العليا للسياحة في مجال الآثار يضمن للمملكة أن تكون ضمن الدول الرائدة في هذا المجال.

وعن المسؤولية الاجتماعية نحو الآثار، أكد المهندس العقبي أنها غير مصنفة ولا تزال الجهود ذاتية وفردية كما في جماعة (أصدقاء التراث) بالمدينة والتي تبحث منذ خمس سنوات وما زالت عن مظلة تعمل تحتها، مبيناً أن المشاركة الاجتماعية يمكن أن تأتي عقب إكمال حصر المواقع وتوثيقها.

وطالب المهندس العقبي بإكمال البنية الأساسية التحتية، وتوثيق وتهيئة المواقع وفتحها للسياح، ودعم وتشجيع وتسهيل إجراءات التصريح للشركات التي تعنى بالسياحة وتزويدها بالنصوص التوثيقية والمسارات والسيناريوهات المتعددة للزيارات، وكذلك دعم وتشجيع وتسهيل تأهيل المرشدين السياحيين بمختلف تخصصاتهم، وتخصيص مكافآت مقطوعة لهم، وفتح أبواب التعاون المشترك مع الدول والمنظمات العالمية المتخصصة في مجالات الأبحاث والدراسات والتشغيل السياحي الآثاري وتوظيف ذلك ضمن نظام الآثار.

من ناحيته، قال الدكتور عبد الباسط بدر رئيس مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، «نحن بحاجة إلى إدارة للآثار العقدية والفصل بين القدسية والمعلوماتية، وتنمية احترام مواقع الآثار التي تستحضر قيما دينية وتاريخية وتحويلها من مكان متهم إلى مكان دعوي. كما أنحى باللائمة على الشركات السياحية ذات القدرات التمويلية في عزوفها عن دعم جهود البحث العلمي والإسهام في تطوير المواقع السياحية بما يعود بالنفع على نشاطها الذي يرتكز على تلك المواقع».

وأثارت المحاضرة تساؤلات للحضور عن عدم وجود نية لإنشاء متحف بالمدينة المنورة، والتي يتجاوز عمرها 1400 عام ويزورها خمسة ملايين زائر سنوياً، وتضم ارثا دينيا وحضاريا واقتصاديا وعسكريا.