دول الخليج تتجه لتقريب قوانين «المؤسسات المالية» وتفعيل منح البنوك «المواطنة»

العويشق لـ «الشرق الأوسط» : الاجتماعات المقبلة ستشهد تركيزا على التنسيق بين التشريعات المالية وتأكيدا على المساواة الاقتصادية بين المواطن والخليجي

TT

أكد مسؤول خليجي بارز في أمانة دول مجلس التعاون الخليجي أن الفترة المقبلة ستشهد التشديد على منح المواطنة للبنوك الخليجية وتقريب قوانين المؤسسات العاملة في النشاط المالي التي تعد واحدة من أبرز مرتكزات نجاح السوق الخليجية المشتركة بين دول مجلس الخليج.

وبحسب المسؤول الخليجي، فإن التركيز على موضوع المؤسسات المالية وشركات الوساطة وتفعيل مواطنة البنوك الخليجية يأتي كخطوة مجدولة ثانية بعد التقدم الذي أحدثته الخطوة الأولى المتعلقة بضرورة فتح فروع للبنوك الخليجية في دول المجلس وتزايد أعداد شركات الوساطة والخدمات المالية، مما حفّز على تشجيع تفعيل التعاملات المصرفية والمالية وتسهيل إجراءاتها وتخفيف الأعباء والتكاليف الإجرائية والمالية على مواطني دول المجلس. وكشف لـ«الشرق الأوسط» الدكتور عبد العزيز العويشق وزير مفوض ومدير التكامل الاقتصادي بأمانة دول الخليج العربي أن الخطوة المقبلة للأمانة هي تقريب التشريعات المتعلقة بالمؤسسات المالية والجهات المشرفة والمعنية على أسواق المال والتداول وتملك الأسهم وسهولة التعامل بها تأكيدا لما ارتكز عليه إعلان قمة الدوحة نهاية العام الماضي بقيام السوق الخليجية المشتركة وانطلاقها من الأول من يناير (كانون الثاني) 2008.

ويتصادف هذا التوجه مع تأكيدات عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لمجلس التعاون الأحد الماضي في العاصمة القطرية خلال الاجتماع الخامس والأربعين للجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عندما شدد على أهمية تنفيذ وتطبيق السوق الخليجية المشتركة فيما يخص القطاع المصرفي والمالي محددا ذلك فيما يتعلق بمنح البنوك الوطنية في أي دولة من دول المجلس المعاملة الوطنية في الدول الأعضاء الأخرى، مشيدا بدول المجلس التي سمحت بفتح فروع فيها للبنوك الوطنية في دول المجلس الأخرى.

وتشمل مبادئ تطبيق السوق الخليجية المشتركة كما اتفقت عليها حكومات دول الخليج على أن يعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء نفس معاملة مواطنيها دون تفريق أو تمييز في كافة المجالات الاقتصادية»، وهو ما يشمل تعامل البنوك الوطنية في أي دولة من دول المجلس بنفس معاملة البنوك الوطنية في الدول الأعضاء الأخرى، لها ما لها وعليها ما عليها.

وأفاد العويشق أن اهتمام الأمانة بموضوع المواطنة البنكية وما يتعلق بتقريب قوانين المؤسسات المالية وشركات الوساطة وتساوي المعاملة بين المواطن والخليجي، تمثل واحدة من خطوات الإعداد للاتحاد النقدي واستكمال متطلباته المؤسسية والفنية مما سيساهم في تحقيق قيام اتحاد نقدي وإصدار عملة موحدة لدول المجلس.

وأضاف العويشق خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الأمانة ستركز على تقريب التشريعات والقوانين لا سيما ما يخص المؤسسات المالية وأسواق المال وأنظمة التداول وتقارب الرسوم والجهات الموكل إليها الإيداع وخلافه من الحيثيات المتعلقة، إذ تعد الخطوة القادمة بعد تفعيل السماح لمواطني دول المجلس القائم بتملك الأسهم والتعاملات على حد تعبيره.

وزاد العويشق أن مما يعزز من التوجه لزيادة جرعة الاهتمام بالمواطنة البنكية وتقريب قوانين المؤسسات المالية هو وجود مناطق في دول غير مخدومة بنكيا في وقت يظل التوسع مهما لسد الفجوة القائمة حاليا موضحا أن معاملة حكومات دول المنطقة لشركة الوساطة والمؤسسات المالية على قدم المساواة سيساعد على تكامل الأسواق المالية ويفعل من تحرك الأموال بين دول المجلس.

ويعمل حاليا في السعودية، أكبر دول الخليج العربي من حيث المساحة والتعداد السكاني ضمن منظومة مجلس التعاون، 6 بنوك خليجية من كافة الدول باستثناء قطر التي ليس لديها أي فرع لأحد بنوكها، بينما توجد البحرين عبر مصرفين هما بنك الخليج الدولي وبنك البحرين، في حين كان أول من أطلق فروعه بنك الإمارات، تلاها بنك الكويت الوطني وبنك مسقط وبنك البحرين بفرع رئيسي واحد مقره العاصمة الرياض. واعترف الوزير المفوض ومدير التكامل الاقتصادي بأمانة دول الخليج العربي، بصعوبة تقريب وتطابق متطلبات الأسواق المالية على ضوء التجارب العالمية التي منها التجربة الأوروبية، إلا أن التوجه لتفعيلها عمليا سيخفف من العبء ويسهل الممارسات الاقتصادية ويساعد الشركات والأفراد على ممارسة أعمالهم من خلال البنوك والمؤسسات المالية بمرونة عالية.

ويتزامن هذا التوجه مع تحرك مصارف خليجية لإطلاق أعمالها كان آخرها ما أعلنه مصرف الراجحي السعودي مارس (آذار) الماضي عن موافقة مجلس إدارة البنك المركزي الكويتي بصورة مبدئية في اجتماع مجلس إدارته أمس على الترخيص لمصرف الراجحي لافتتاح فرع في الكويت، مشيرا إلى أن المصرف سيقوم لاحقا بالإعلان عن خطواته التنفيذية لتدشين عملياته في الكويت بعد إصدار الموافقة النهائية واعتماد خطة التنفيذ لإنشاء وافتتاح الفرع.

وذكر العويشق أن لكل بنك مركزي في دول الخليج الحق في وضع ضوابط وإجراءات تتم بموجبها الموافقة على تقديم طلب إنشاء أو تأسيس المؤسسات المالية أو البنوك إلا أنها جميعا لا بد أن تخضع لعملية المساواة في كافة القوانين والإجراءات والتشريعات المختصة بين المواطن والخليجي.

وقال العويشق: «لم يتقدم إلينا حتى الآن أي حالة واحدة لشركة أو مؤسسة مالية من مستثمرين ورجال أعمال خليجيين رغبة في الدخول لأي دولة خليجية وتم رفض هذا الطلب أو السماح لهم نتيجة تفضيل المواطن»، مؤكدا على أن ذلك مخالف لاتفاقية السوق الخليجية المشتركة المتفق عليها من قبل حكومات دول الإقليم.

وكانت قرارات المجلس الأعلى في قمة الدوحة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تضمنت التأكيد على التزام الدول الأعضاء بتحقيق الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة لتكون متوجة لمراحل التكامل الاقتصادي المنصوص عليها في الاتفاقية الاقتصادية، كما تضمنت توجيهاً لوزراء المالية بدول المجلس بمتابعة تحقيق الدول الأعضاء للمعايير المالية والنقدية لتقارب الأداء الاقتصادي المعتمدة في العام الماضي، وبوضع برنامج مفصل لاستكمال جميع متطلبات الاتحاد النقدي.