أطفال الضفة يواجهون قضاء قاسيا في المحاكم العسكرية الإسرائيلية

324 طفلا فلسطينيا في سجون إسرائيل منذ مارس.. بتهمة الرشق بالحجارة

TT

معسكر عوفر (الضفة الغربية) ـ ا.ف.ب: لم يضع محمد، 14 عاما، وقتا طويلا في النظر الى القاضي العسكري الاسرائيلي اثناء اقتياده مكبل اليدين والرجلين في قاعة المحكمة المكتظة، بل كان همه ان يلقي نظرة على والده ويبادره بالتحية. وبعد سبع دقائق فقط نطق القاضي بالحكم عليه بالسجن اربعة اشهر. وقال الادعاء ان محمد رشق بالحجارة برجا للمراقبة وحاجزا اسرائيليا في الضفة الغربية المحتلة. وبناء على نصيحة الادعاء اعترف الصبي بالتهمة الموجهة اليه لتجنب الحكم عليه بالسجن لمدة اطول. تؤكد منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ان قضية محمد تمثل وضع الاطفال الفلسطينيين في ظل الحكم العسكري الذي تفرضه اسرائيل على المناطق الفلسطينية. ومنذ 31 مارس (آذار) الماضي يحتجز 324 طفلا فلسطينيا في السجون الاسرائيلية، طبقا للحركة العالمية للدفاع عن الاطفال التي تتخذ من جنيف مقرا لها. وقال اياد مسك محامي محمد ان صدور حكم على موكله بالسجن كان مؤكدا لان نسبة الاطفال الذين يدانون في المحاكم الاسرائيلية تزيد عن 95%. واضاف ان «المحاكمات العسكرية مخزية. بصفتي محام، افضل عدم المشاركة في هذه المهزلة لكنني اواصل محاولة مساعدة الاطفال. وبالنسبة لأي محام تشكل هذه المسألة معضلة اخلاقية».

ولا تستغرق المحاكمات التي تجري باللغة العبرية عادة وتترجم الى العربية سوى بضع دقائق. ويمنع المحامون احيانا من الاطلاع على الوثائق عندما يقرر المسؤولون العسكريون تصنيفها بانها سرية. وبعض الاطفال لا يحاكمون اطلاقا ويحتجزون بدون تهم بموجب «اوامر ادارية» لفترات قد تصل الى ستة اشهر يمكن تجديدها الى ما لا نهاية.

ويقول خالد قزمر منسق فرع «الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال» في الضفة الغربية ان «كل شيء في المحاكم العسكرية مصمم لخدمة الاحتلال». ويؤكد المحامون ان نحو خمسين بالمائة من الاطفال الفلسطينيين المسجونين يعتقلون بسبب رشقهم بالحجارة قوات الامن الموجودة في ابراج المراقبة او عربات مدرعة والجدران والاسلاك الشائكة والاسيجة التي تمنعهم من الوصول الى اسرائيل او التنقل بين انحاء الضفة الغربية.وبعد عرضهم لرشق بالحجارة خلال الشهر الجاري قرب مخيم العروب للاجئين، اشهر جنود اسرائيليون بنادقهم واخذوا يصرخون بالمارة، لكنهم غادروا المنطقة بدون العثور على من القوا الحجارة. وراقب شهاب، 15 عاما، القوات الاسرائيلية عن بعد. وقال «منذ الافراج عني، احاول تجنب اي اتصال مع الجنود الاسرائيليين». وحكم على شهاب بالسجن اربعة اشهر ونصف العام الماضي واتهم بالقاء قنبلة حارقة على برج مراقبة اسرائيلي يطل على مخيم العروب قرب مدينة الخليل. وافاد شهاب ان عناصر من قوات الامن الاسرائيلية جاءوا الى منزله في الساعة الثانية صباحا، وقيدوه ووضعوا عصابة على عينيه وضربوه قبل ان يقتادوه الى معسكر للتحقيق معه. وقال «لقد كسروا عددا من اسناني وانفي. وضعوا شيئا حارا قرب وجهي وعذبوني باستخدام الكماشة لقرص بطني وصدري، ورفسوني»، ما دفعه الى الانهيار وتوقيع اعتراف. ويؤكد شهاب انه بريء لكنه لا يرى غضاضة في رشق الجنود بالحجارة «اذا اعتدوا علينا».

ويذكر شهاب انه اثناء فترة اعتقاله لم يكن يحصل سوى على بضعة دروس كل اسبوع في احسن الاحوال. واشار الى انه كان يتم اختيار 14 او 18 من الاطفال الثلاثين الذين كانوا يشاركونه الزنزانة عشوائيا لحضور دروس اساسية في القراءة والكتابة والرياضيات لمدة تسعين دقيقة مرتين في الاسبوع. وتقول منظمات حقوقية ان اعتقال واحتجاز الاطفال الفلسطينيين ينتهك القوانين الدولية لحقوق الاطفال التي وقعت عليها اسرائيل. وذكرت الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال ان «استخدام انواع معينة من التعذيب وسوء المعاملة هي جزء من عملية التحقيق».

ووجهت الاتهامات مؤخرا لثلاثة جنود اسرائيليين بالاعتداء على اطفال فلسطينيين اصيبوا بجروح عند اعتقالهم من قبل الجنود. وينص ميثاق حقوق الاطفال على انه لا يمكن اعتقال الاطفال «ما لم يكن ذلك الحل الاخير ويجب ان يكون ذلك لاقصر فترة ممكنة».