مدينة الصدر: حياة متوقفة.. ومواجهات مستمرة

سكانها يصفون أنفسهم بـ «الأحياء الأموات».. ومقاتل في ميليشيا المهدي: الأميركيون يستخدمون الجيش العراقي كبش فداء

TT

توقفت الحياة بشكل شبه تام في مدينة الصدر منذ اندلاع المواجات المسلحة في مدينة البصرة ومدن عراقية اخرى قبل اكثر من عشرة ايام، وعلى الرغم من توقف لغة الرصاص في البصرة والمدن الجنوبية الاخرى لكن مدينة الصدر، شرق بغداد، بقيت محاصرة بالسلاح مع تجدد الاشتباكات فيها.

وتتابع «الشرق الاوسط» احوال اهل مدينة الصدر «المحاصرة»، اذ تمكنا من الدخول لاحد الازقة الضيقة في منطقة (الكيارة) احد احياء مدينة الصدر بصعوبة، ودخلنا احد المنازل ووجدنا مجموعة الشباب والنساء ورجال كبار في السن واطفال يعيشون في دار لا تتراوح مساحتها (200) متر وبنائها قديم جدا، فالقينا التحية عليهم جميعا وجلسنا ليرووا لنا احاديث عن يومياتهم. اذ وصفوا انفسهم بـ«الاحياء الاموات» في نفس الوقت، تحت نيران القصف والمواجهات المسلحة التي تحدث على بعد امتار قليلة من منازلهم الخاوية، وفي ظل غياب الخدمات ومتطلبات الحياة الاساسية لهم منذ اسابيع كالماء والكهرباء والرعاية الصحية ونفاذ كميات الطعام والوقود التي كانت مخزونة لديهم قبل بدء الازمة بين الحكومة واتباع التيار الصدري منذ اكثر من اسبوعين.

وقال الحاج لفته الايزرجاوي، 65 عاما، الذي كان جالسا والى جانبه عكازه «نحن ننتظر دورنا في الموت»، فأما نموت جراء القصف والمواجهات او نتيجة لنقص الدواء والعلاج في المستشفيات الخالية من الاطباء او اي رعاية صحية تذكر، الأحول سيئة جدا في المدينة».

ويؤكد جبار ابو حسين، 45 عاما، وهو الابن الاكبر للحاج لفته بان مستشفيات المدينة تعاني من نقص كبير في الكوادر الطبية لان بعضهم من سكنة مناطق اخرى ولا يمكنهم المجيء للمستشفيات بسبب الحصار والطوق الأمني الذي تفرضه القوات المشتركة على المدينة منذ ايام، مشيرا الى انه يمكن مشاهدة المرضى وجرحى العمليات العسكرية يملئون ردهات تلك المستشفيات من دون اي رعاية صحية تقدم لهم، فضلا عن جثث القتلى التي فاقت الاماكن المخصصة لها في تلك المستشفيات وباتت تملئ الممرات بانتظار من يحملها للدفن.

وقال ابو حسين وهو موظف حكومي «لم استطيع الذهاب لدائرتي منذ ايام بسب المواجهات وصعوبة التنقل داخل المنطقة وكذلك اطفالي لم يذهبوا للدوام في مدارسهم المعطلة والتي يتحصن فيها المسلحون تارة والقوات الامنية تارة اخرى، فضلا عن بعض المدارس والبنايات الحكومية التي اتخذتها بعض العوائل مسكنا لها بعد ان قصفت منازلهم». اثناء الحديث مع افراد العائلة تجدد الاشتباك بين مسلحي جيش المهدي الذين يتنقلون بين الافرع والازقة الضيقة وهم يحملون مختلف الاسلحة وبين دوريات مشتركة من الجيش العراقي والقوات الاميركية، وسمع صوت اطلاق الرصاص من اسلحة خفيفية ومتوسطة ودوي بعض الانفجارات التي استهدفت بحسب عدد من مقاتلي جيش المهدي الذين تجمعوا بالقرب من المنزل، مركبات عسكرية تابعة للقوات الاميركية والجيش العراقي.

عرضنا على احد المسلحين الدخول للمنزل وأخذ قسط من الراحة فوافق المقاتل وهو شاب في الثلاثينات من عمره والذي كان يحمل قاذفة أر بي جي ومسدس من النوع الذي يحمله رجال الشرطة ويرتدي واقية ضد الرصاص كتلك التي يرتديها رجال الامن، ودخل غرفة الضيوف وصافح الجميع لكونه احد ابناء الحي.

وأخذ المقاتل يسرد تفاصيل بعض العمليات والمواجهات التي دارت بين جماعته المسلحة وبين القوات المشتركة بعد ان طلبنا منه توضيح حقيقة ما يجري على الارض، قائلا «الاميركان يستخدمون الجنود العراقيين ككبش فداء في المعركة، ونحن لا نريد استهداف العراقيين وانما نريد الاميركان لكن نرغم على استهدافهم لان الاميركان بدأوا بالتوغل داخل مدينتنا بواسطة جنود الجيش العراقي، ونحن لا نسمح لهم بذلك».