مصادر تكشف لـ«الشرق الاوسط»: مقتدى عاد سرا من قم إلى النجف

اغتيال صهر الصدر وأبرز مساعديه في النجف * مقتل 12 شخصا في غارتين جويتين أميركيتين في البصرة ومدينة الصدر

عراقي يرفع بالونات كتب عليها شعارات مناهضة للحكومة العراقية والقوات الاميركية اثناء صلاة الجمعة بمدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

توترت الاوضاع في مدينة النجف أمس، اثر اغتيال صهر رجل الدين الشاب مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، من قبل مسلحين مجهولين، وفيما فرضت السلطات حظر التجوال في المدينة، خشية وقوع اعمال عنف، طالب الصدر الحكومة العراقية بـ«اجراء تحقيق عادل» في اغتيال رياض النوري مدير مكتبه بعد صلاة الجمعة. من جهتها، أدانت الحكومة العراقية عملية الاغتيال. وقال الناطق باسم التيار الصدري صلاح العبيدي ان «مقتدى الصدر طالب الحكومة العراقية باجراء تحقيق عادل لكشف الجهات التي تقف وراء الحادث».

واغتال مسلحون مجهولون بعد صلاة الجمعة أمس رياض النوري مدير مكتب التيار الصدري، وصهر الصدر في النجف قرب منزله، بعد يومين فقط من وصول الصدر الى النجف تاركا مدينة قم الايرانية بصورة «سرية»، حسب اوامر من السلطات الايرانية، بحسب ما ذكرته مصادر عراقية موثوقة في قم والنجف لـ«الشرق الاوسط» امس.

واشارت هذه المصادر الى ان النوري كان قد قاد قبل خمس سنوات بالضبط هجوما مسلحا على رجل الدين الشيعي المعتدل عبد المجيد الخوئي، الامين العام لمؤسسة الامام الخوئي داخل الحضرة الحيدرية، وتسبب بمقتل الخوئي وحيدر الرفيعي المسؤول عن ادارة حضرة الإمام علي، بعد سقوط النظام العراقي السابق بيوم واحد فقط.

واكدت المصادر العراقية في قم والنجف، ان السلطات الايرانية ابلغت الصدر بضرورة ترك اراضيها لتسببه بمشاكل امنية في العراق، بعد الصدامات المسلحة بين ميليشيا «جيش المهدي» الموالية للصدر، والقوات العراقية في البصرة وبغداد والديوانية وكربلاء والكوت، مشيرة الى ان مسؤولين معتدلين في ايران كانوا قد نددوا بوجود الصدر فوق اراضيهم وان وجوده يتسبب بمشاكل مع الحكومة العراقية، وان ذلك «يؤثر على سير العلاقات بين طهران وبغداد».

وقالت مصادر عراقية في النجف ان الصدر «كان قد وصل ليلة اول من امس وأقام في بيت احد مساعديه، حيث منع أي من انصاره من الوصول اليه، بعد ان اقام لاكثر من ستة اشهر بصورة جبرية في بيت منعزل باطراف مدينة قم الايرانية».

وكان مسؤول ايراني قد نفى الاسبوع الماضي وجود الصدر في ايران، لكن علي الاديب القيادي في حزب الدعوة اكد لـ«الشرق الاوسط»، انه التقى الصدر في بيت بمدينة قم الايرانية قبل اقل من اسبوع.

وأكد حيدر الطرفي عضو مكتب الصدر في النجف، ان «مسلحين مجهولين اطلقوا النار على النوري، 37 عاما، قرب منزله في حي العدالة (شرق النجف) ما ادى الى مقتله في الحال».

من جانبه، اعلن اللواء عبد الكريم مصطفى مدير شرطة النجف «حظر تجوال على السيارات والاشخاص في مدينة النجف، اعتبارا من بعد ظهر الجمعة والى اشعار اخر». واكد مصطفى ان «الحظر جاء على خلفية اغتيال النوري». وشوهد انتشار واسع لقوات الجيش والشرطة في شوارع المدينة وخاصة في المناطق التي يتمركز بها أتباع مقتدى الصدر.

واكد حازم الاعرجي مدير مكتب الصدر في الكاظمية (شمال بغداد) اغتيال النوري، مشيرا الى صلة بين مقتدى الصدر والنوري، الذي تزوجت احدى شقيقاته بمرتضى الصدر، شقيق مقتدى، والذي اغتيل والده وشقيقه مؤمل في 1999. ويعد النوري من كبار مساعدي مقتدى الصدر.

وفي اول رد فعل للتيار، قال الشيخ صلاح العبيدي ان «قوات الاحتلال والاطراف السائرة في نهجه مسؤولة عن عملية الاغتيال». واضاف «نحمل الاحتلال وبعض الاطراف السائرة في ركابه مسؤولية اغتيال النوري». وشدد على ان «هذه الاطراف تريد ان يبقى العراق في اوضاع غير مستقرة وان تبقى المواجهات مستمرة مع الصدريين». واكد «نستنكر وندين هذه الافعال ونعتبرها تصب في خدمة الاحتلال وتؤدي الى مزيد من زعزعة للبلاد».

ووصفت الحكومة العراقية عملية اغتيال رياض النوري بأنها «جريمة وحشية». وقال مصدر إعلامي بمكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لوكالة الأنباء الألمانية إن المالكي أوعز إلى أجهزة الأمن بإجراء تحقيق في الحادث.

وكانت ميليشيا جيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري، قد خاضت اشتباكات ضد قوات الأمن العراقية في البصرة (جنوب العراق) نهاية مارس (اذار) الماضي، وتوقفت اثر اعلان الصدر مبادرة بوقف المظاهر المسلحة في الثلاثين من الشهر نفسه. وامتدت هذه الاشتباكات الى بغداد ومدن جنوبية اخرى واسفرت عن مقتل المئات. واضاف العبيدي ان «الصدر اصدر تعليمات باقامة مجالس فاتحة في مكاتب التيار الصدري في النجف وبغداد وسورية وقم».

من جانبه، دعا العبيدي ابناء التيار الصدري قائلا: «ندعو كافة الاخوان في التيار الصدري الى ضبط النفس لان الاحتلال والاطراف السائرة في ركابه يسعون الى اثارة الاوضاع في البلاد».

من جهتها، قالت أسماء الموسوي عضو المكتب السياسي في التيار الصدري «نحمل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة عن اغتيال النوري، لأنها تشن منذ أسابيع حملة عسكرية وسياسية واسعة على التيار الصدري في أرجاء البلاد».

وأضافت أن «استشهاد النوري يعد خسارة كبيرة للتيار الصدري، لأنه كان مثالا للالتزام والتمسك بنهج الشهيد الصدر».

وأشارت إلى أن النوري «سبق أن اعتقل لمدة عام ونصف العام من قبل القوات الأميركية وأطلق سراحه عام 2005».

الى ذلك أعلنت مصادر قوات التحالف عن مقتل 12 شخصا في غارتين جويتين أميركيتين استهدفتا ميليشيا الصدر في مدينة الصدر والبصرة جنوب العراق.

ففي مدينة البصرة (550 كلم جنوب بغداد) أدت غارات جوية للقوات الاميركية في منطقة الحيانية الى مقتل ستة أشخاص، وفقا لناطق باسم القوات البريطانية.

وفي مدينة الصدر، أعلن الجيش الاميركي أنه قتل ستة أشخاص في غارة جوية مساء اول من امس.

وجاء في بيان للجيش أن القصف الجوي استهدف مجموعة أشخاص يحملون صواريخ ومدافع هاون. من جهة اخرى، قال شهود عيان ان صاروخا احدث ثقبا في الطابق الثاني من فندق فلسطين ببغداد أمس، فيما قالت الشرطة ان ثلاثة مدنيين قتلوا وجرح سبعة. ويقيم بعض ممثلي وسائل الاعلام الدولية في الفندق المطل على نهر دجلة، والواقع على الضفة المقابلة للمنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم مجمع الحكومة وبعثات دبلوماسية.