«اليونسكو» تتلف 100 ألف كتاب لتحويلها لمادة أولية لصناعة الورق

بعد أن تأسست من أجل الحفاظ على الثقافة والإرث الإنسانيين

مجموعة من الكتب التي قامت اليونسكو بإتلافها
TT

لأكثر من عقدين عمل 250 مؤرخا وخبيرا بدأب لإنتاج ستة أجزاء من كتاب «التاريخ العام لأميركا اللاتينية»، وهو عمل مرهق جرى تمويله من قبل منظمة اليونسكو، المنظمة الدولية التي تأسست من أجل الحفاظ على الثقافة والإرث الإنسانيين.

وخلال عامين بعد تأليف هذا الكتاب دفعت اليونسكو مبالغ طائلة لإتلاف الكثير من هذه الكتب وما يقرب من 100 ألف كتاب آخر عن طريق تحويلها إلى مادة أولية لصنع الورق.

وقالت عزيزة بناني سفيرة المغرب لليونسكو في مقابلة معها: «هذه منظمة فكرية تابعة للأمم المتحدة.. كيف يمكن لموظف في اليونسكو أن يتخذ قرارا باتلاف هذه الكتب؟».

من جانبه قال هوميرو اريديجيس، سفير المكسيك للمنظمة الدولية: «هذه ليست ضربة للثقافة والمعرفة لكل البشرية والأمم بل هي تناقض التفويض الممنوح لليونسكو». وطالب بإجراء تحقيق داخلي.

أما كويتشيرو ماستورا، المدير العام لليونسكو، فقال إن ذلك "عمل غير مفهوم تماما وغير مناسب" أن يصدر أمر بإتلاف «أكثر المجاميع نجاحا وأهمية» بما فيها كتب تاريخ البشرية وأفريقيا واستبيانات حول التماثيل القديمة.

وحسب تقرير صادر حديثا تم الإتلاف في عامي 2004 و2005 حينما فاضت الكتب في مخازنها بباريس فجرى تحويل قسم منها إلى بروكسل. وبدلا من دفع نقود لنقل 94500 كتاب فإن مسؤولي اليونسكو قرروا تدميرها. وتم تحويل الكتب إلى مادة أولية ثم جرت إعادة تدويرها حسبما جاء في التقرير.

وقال نينو منوز كوميز، مدير مكتب اليونسكو للمعلومات العامة ورئيس قسم النشر، إن نصف ما اتلف على الأقل كان يحتوي على معلومات قديمة وبيانات احصائية فقدت صحتها.

وحسب التقرير فإن بعض المطبوعات كانت عتيقة لكن البعض يقول إن «بعض المواد التاريخية والأدبية لم تتأثر بالقدم. وكان يجب إيجاد حل بدلا من اتلاف» مثل التبرع بهذه الكتب للمكتبات.

وقال عدد من سفراء أفريقيا وأميركا اللاتينية الغاضبين ان المكتبات والمدارس في بلدانهم الفقيرة كانت ستتلهف لاستقبال كتب التاريخ الشاملة.

ووجد المدققون ان ما لا يقل عن 4990 نسخة من «التاريخ العام لأميركا اللاتينية»، وهو ما يشكل ربع الكتب المطبوعة، قد جرى اتلافه. وتشير السجلات ان اتلاف الأجزاء الستة الأولى، التي كان سعر الواحد منها 30.5 يورو، أو حوالي 48 دولارا في مستودع اليونسكو، صدرت الأوامر به حتى عندما كان المؤرخون والمؤلفون يعملون في الأجزاء الثلاثة الأخيرة من الكتاب الذي يتكون من تسعة أجزاء.

وفضلا عن ذلك فان ما يزيد على 10 آلاف من النسخ الفرنسية والانجليزية من «التاريخ العام لأفريقيا» (سعر النسخة الواحدة حوالي 72 دولارا) جرى اتلافها، كما كان الحال مع 3572 نسخة من «النواحي المختلفة للثقافة الاسلامية» (سعر النسخة الواحدة 72 دولارا) و2944 من النسخ الفرنسية لكتاب «تاريخ البشرية» بالطبعة الورقية الغلاف الذي يحتوي على 1500 صفحة وبسعر يبلغ حوالي 41 دولارا.

وتشتمل قائمة المطبوعات التي أتلفت وحولت الى عجينة ورقية كتبا حول كوزكو، العاصمة القديمة لامبراطورية الإينكا في بيرو، وألفين من النصب البوذية في عاصمة بورما القديمة باغان.

وقد اكتشف المدققون هذا الأمر خلال تحقيق واسع النطاق في الانتهاكات والتبذير في مطبوعات اليونسكو وعمليات التوزيع.

وبسبب ان كثيرا من الكتب جرى طلبها وأخرى لم يجر توزيعها بشكل ملائم فان عشرات الألوف منها تراكمت في مستودعات اليونسكو بتكلفة بلغت 100 ألف دولار سنويا، الى ان قررت المنظمة نقل وظائف التوزيع الى شركة في بروكسل ونقل مخازنها الى هناك.

وقال مونوز غونيز، الذي تولى منصبه في ابريل (نسيان) 2005 وكان رئيسا لقسم النشر لفترة تسعة أشهر حينما حدث اتلاف الكتب، انه لم يعرف بذلك حتى أوائل عام 2006، عندما كشف له موظف جديد عن فواتير بالاتلاف تبلغ قيمتها ألوف الدولارات.

وقال انه أعطى تفويضا بدفع تلك الفواتير «التي كانت قيمة كل واحدة منها عشرات ألاف اليوروهات»، ولكنه لم يدرك حجم المشكلة. وقال في مقابلة معه ان «كل ما عرفناه هو أن الفواتير أرسلت من جانب الشركة وان علينا ان نسددها». وقال انه اتصل بالشركة لايقاف عملية الاتلاف ولكن «بحلول عام 2006 لم يكن هناك مزيد مما يتعين اتلافه».

وكتب مونزو غوميز في فبراير(شباط) الى رئيس قسم المطبوعات، المتقاعد الآن، طالبا منه تفاصيل حول قرار اتلاف الكتب، ولكنه لم يتلق ردا. ولم يحدد هوية الموظف السابق كما لم يقدم معلومات عن مكان وجوده في الوقت الحالي.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»