النقص في الوقود يشل جميع مظاهر الحياة في غزة

مؤسسات القطاع تغلق أبوابها

امرأة فلسطينية تعود للطرق القديمة (الصاج) في خبز عيشها, بسبب نقص المحروقات في قطاع غزة جراء الحصار امس (ا ف ب)
TT

لم يكن حتى للذين تعودوا أن يزوروا معسكر النصيرات، أكبر المخيمات في المنطقة الوسطى، وثاني أكبرها من حيث عدد السكان، أن يتذكروا أن أمس هو اليوم الذي ينعقد فيه السوق الشعبي للمخيم، وذلك بسبب قلة الباعة والمتسوقين. فقد كان هذا السوق يعج في كل يوم بعشرات الآلاف من المتسوقين من مختلف مناطق القطاع، بحيث يصعب على السيارات التحرك إلا في أطراف المخيم. لكن كان أمس غير عادي، بعد ان عجز معظم الباعة ناهيك من المتسوقين الوصول للسوق لعدم وجود وسائط النقل. ومن استطاع الوصول الى السوق، اضطر للانتظار وقتاً طويلاً حتى يعثر على سيارة للعودة. وبسبب موجة الحر الشديد التي تضرب المنطقة لم يكن بوسع أحد ان يعود مشياً على الأقدام، وأن يستخدم، كما يقول أهل غزة «الاوتوبيس رقم 11»، في إشارة الى الرجلين. وخيمت مظاهر شلل الحياة بفعل نقص الوقود على كل مناطق القطاع، فقد توقف العمل في معظم الدوائر الرسمية والمؤسسات الأهلية والمرافق التعليمية والجامعات في غزة، اذ ان معظم الطلاب الجامعيين لم يستطيعوا الوصول الى جامعاتهم، مما اضطر إدارات الجامعات الى تأجيل جميع الامتحانات النصفية التي تبدأ عادة هذه الأيام. واعلن بعض المدارس توقفهه عن العمل بشكل نهائي، كما أعلنت إدارة مدرسة «دار الأرقم» بغزة، فمعظم طلاب ومدرسي هذه المدرسة يفدون إليها من خارج المدينة، وبالتالي لا يوجدون أي امكانية لانتظام الدراسة في ظل هذه الأوضاع. وأثر نقص الوقود بشكل كبير بالطبع على الخدمات الصحية، فمعظم سيارات الإسعاف توقفت عن نقل المرضى للمستشفيات. فالاحتياط البسيط من الوقود المتبقى في وزارة الصحة مخصص لاستخدام سيارات الاسعاف في حال شنت إسرائيل عمليات توغل يسقط فيها عدد كبير من القتلى والجرحى.

لذلك فان بعض المرضى ينقلون على متن عربات كارّو تجرها الحمير أو البغال أو في احسن الاحوال في سيارات تعمل بزيت السيرج المخلوط بالكاز الأبيض. لكن أكثر ما يثير الفزع في نفوس الفلسطينيين في القطاع هو الخوف من انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل. وقال كنعان عبيد، نائب رئيس سلطة الطاقة، لـ«الشرق الأوسط» انه في حال لم تسمح اسرائيل بدخول الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء فإن غزة ستغرق في الظلام في غضون ساعات. وأضاف انه في حال لم تسمح بتزويد القطاع بالوقود حتى صباح اليوم، فأنه سيغرق مجدداً في الظلام، وسيحدث المزيد من التدهور في أوضاع الناس الصحية». وهو غير مقتنع ببعض التطمينات التي تطلقها بعض الجهات المرتبطة بحكومة سلام فياض بشأن إمكانية أن تسمح اسرائيل مجدداً باستئناف دخول الوقود. ويقول الدكتور محمود الخزندار، نائب رئيس جمعية أصحاب شركات البترول في غزة، ان إسرائيل منذ الهجوم الذي شنه مقاومون فلسطينيون على منطقة ناحل عوز قبل أربعة أيام لم تسمح بإدخال أي كمية من الوقود ومشتقاته أو الغاز الصناعي. الى ذلك أعلنت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أمس عن وفاة المريض رقم 133 جراء الحصار. وفي بيان صادر عنها أوضحت اللجنة أن سهى ياسين الجماصي، 22 عاما، المصابة بالسرطان، توفيت بسبب نقص العلاج في القطاع. وأكدت حركة حماس مجددا أنها ستعمل على كسر الحصار ولن تسلم باستمراره. ودعت حماس حكومة هنية المقالة إلى بذل كل جهد ممكن لمحاربة ظاهرة الاستغلال من قبل التجار ورفع الأسعار و«الضرب بيد من حديد على يد كل من يحاول استغلال الظروف التي يمر بها شعبنا». وحملت حماس الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، داعيةً في الوقت ذاته الحكام العرب إلى «تحمل مسؤولياتهم إلى جانب شعبنا لكسر الحصار، خاصة من خلال فتح معبر رفح، وإلا فإن استمرار الصمت يحملهم المسؤولية أمام الله ثم أمام شعبنا وأمتنا».