«باسم الله».. أول فيلم باكستاني يعرض في الهند منذ 43 عاماً

«لوليوود» الباكستانية تغزو «بوليوود» الهندية

صالة عرض سينمائية بنيودلهي تعرض الفيلم الباكستاني («خدمة نيويورك تايمز»)
TT

من بين كل العناوين التي عرضت هذا الشهر، كان عن أول فيلم باكستاني يتم عرضه في الهند خلال أربعة عقود. قال مخرج هذا الفيلم شعيب منصور في مقابلة جرت معه: «نحن لم نكن نعرف أن لباكستان بيوتا جيدة كهذه». كان تذكيرا صاعقا بحجم ضآلة ما يعرفه الهنود عن جارتهم باكستان.

فخلال الثلاث والأربعين سنة الأخيرة، لم يتم توزيع أي فيلم جرى إنتاجه في باكستان داخل الهند بطريقة تجارية لصالات السينما في الهند حتى افتتح المخرج منصور فيلمه «باسم الله». وكان غياب الأفلام الباكستانية لهذه الفترة الطويلة سببا في الجهل السائد داخل الهند بباكستان الحديثة، البلد الذي ظل منفصلا عن الهند بفضل عداء سياسي جعل القليل من الهنود يزورونه.

من جانبها، فرضت الحكومة الباكستانية حظراً على توزيع الأفلام الهندية بعد الحرب التي جرت بين البلدين عام 1965، وهي واحدة من ثلاث حروب خاضها البلدان؛ أحدهما ضد الآخر منذ أن انشطر شبه القارة الهندية إلى دولتين عام 1947.

ولم يصدر قرار مماثل في الهند ضد الأفلام الباكستانية لكن العداء السياسي الاولي لفكرة عرض أفلام باكستانية في الهند ساد خلال الأعوام الأخيرة لاعتبارات تجارية.

وفي النصف الثاني من القرن العشرين، تقلصت السينما الباكستانية التي تعرف باسم لوليوود إلى درجة كبيرة، ولم يتم توزيع الكثير منها في الهند التي تمتلك صناعية سينمائية واسعة تعرف باسم بوليوود. وعلى الرغم من الحظر، فإن نسخا مقرصنة من أفلام بوليوود أصبحت شعبية جدا في باكستان. وفي عام 2006 ومع تحسن الأواصر بين البلدين بدأت الحكومة الباكستانية تدريجياً برفع الحظر عن الأفلام الهندية سامحة بعدد محدود من الأفلام الهندية بعرضها في صالات السينما داخل باكستان.

وكان التأثير مرآة ثقافية ذات جانبين تقسم البلدين حيث تكون باكستان قادرة على مراقبة الهند، ولكن مع الهند عاجزة عن رؤية ما هو أبعد من حدودها. وقال منصور ان «الأفلام الهندية لا تتوقف ابداً عن المجيء الى باكستان عبر الـ«دي.في.دي»، ولذا فان كل باكستاني يتمتع برؤية واضحة حول طريقة الحياة في الهند، وحول كيفية سير الأمور في الهند. ولكن ليس هناك ما يأتي في الاتجاه الآخر، ونتيجة ذلك ان هناك سوء فهم حول باكستان في الهند».

وقد أجري مونتاج فيلمه في دلهي، حيث «صدمه جهل» الزملاء الهنود في قاعة المونتاج وفقا لما قاله. وتذكر منصور قائلا «كان لديهم الكثير من الأسئلة التي تدل على الدهشة حول باكستان. فقد سألوا: «هل لديكم سيارات أجرة هناك؟»، «هل يمكن للنساء قيادة السيارة؟»، «هل يسمح للبنات بالذهاب للجامعة». كانوا يعتقدون ان باكستان تتشكل بالكامل من المتعصبين والملالي.

وبغضِّ النظر عن اندهاشهم تجاه الجمال غير المتوقع للبيوت الباكستانية، فان مشاهدي الأفلام ومقدمي العروض النقدية تأثروا بالأفكار العميقة التي يطرحها الفيلم حول صعوبات أن يكون المرء مسلما ليبراليا في باكستان بعد الحادي عشر من سبتمبر(أيلول). فالفيلم يصور شقيقين، كلاهما موسيقيان موهوبان في لاهور، ينشآن منعزلين عن بعضهما بعضاً بسبب قراءاتهما المختلفة للإسلام. فأحدهما يقدم تحت تأثير رجال الدين المحليين، ويتخلى عن فريقه للموسيقى الصوفية ووالديه الليبراليين الثريين في بيتهما الجميل الديكور، ويتجه للالتحاق بطالبان.

اما الثاني، فيغادر باكستان لدراسة الموسيقى في شيكاغو حيث يقع في حب الولايات المتحدة ويتزوج من أميركية. ولكنه يعتقل من ثم ويخضع الى انتهاك على نمط انتهاكات أبو غريب من جانب مسؤولين، متشككين من خلفيته الاسلامية. وكانوا مقتنعين خطأ بأنه لعب دورا في هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وقال منصور «تلك هي المأساة التي يواجهها مسلمو هذه الأيام. فنحن نتعرض الى الهجوم من جانب الأصوليين بزعم أننا غربيون أكثر من اللازم، وعندما نخرج من البلد نوصف باعتبارنا أصوليين فقط لأن أسماءنا باكستانية». ومستوى التمثيل غير متجانس، ولكن منصور ينشر عبر العديد من الحبكات في الفيلم وجهة نظره بأن المسلمين ليسوا كلهم ارهابيين.

وقال «يجب على الناس فهم ان الباكستانيين ليسوا اصوليين». وقد شعر بالسعادة من رد الفعل في الهند. وأوضح «يصفق الناس للمشاهد التي يصفق لها الناس في باكستان. وهي اشارة جيدة». وذكر الناقد الهندي، سوبهاش كجها، ان على الجميع مشاهدة الفيلم «لفهم العزلة وفهم الشعور عندما توصف بالإرهابي، وعندما تفتش تفتيشا خاصا، والألم والإهانة. وهو امر ليس بالسهل فهمه على الهندوس». ولكنه قال ان الفيلم لا يجذب جميع المشاهدين الهنود. واوضح «للأسف لا يهتم الكثير من الناس بمشاهدة فيلم يكشف الحياة من وجهة نظر مسلم، ولذا، فإن تأثيره محدود. والفيلم لا يضم نجوماً كباراً يجذبون الجماهير». ووصف جواد اختار وهو سيناريست في بوليوود فيلم «خودا كاي لي» ويعني «باسم الله» بالجرأة والصدق. واضاف اختار «الجهل يولد الشكوك والشكوك تؤدي للكراهية، وتخلق الأشرار. وهناك الكثير الذي يجب على الهنود وعلى الاميركيين المقيمين هنا رؤيته والاستماع اليه. وكانت هيئة الترخيص الهندية قد أوصت بحذف مشهدين قبل اقرار الفيلم للعرض تشير الى قتل المسلمين في كشمير الواقعة تحت السيطرة الهندية. الا ان شيلندرا سينغ المدير الاداري لشركة «بيرسبت بيكتشر» التي توزع الفيلم، قال ان الجهود التي بذلت لعرضه في الهند كانت سهلة، وان ايرادات الفيلم مشجعة. وتوقع ان الفيلم الذي بلغت تكلفته 1.5 مليون دولار سيحصد 2.5 مليون دولار في الثلاثة شهور القادمة في الهند. واكد «نشعر بأننا جزء من التاريخ».

* خدمة «نيويورك تايمز»