وزير الصحة المصري لـ«الشرق الأوسط»: نظام التأمين الجديد يحمي الطبقة الوسطى.. والفقراء علاجهم مجاني

الدكتور حاتم الجبلي: التخلص من مرض التهاب الكبد خلال 10 ـ 15 عاما.. وإنفلونزا الطيور استوطنت

د. حاتم الجبلي
TT

قال الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة المصري، إن من بين الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بنظام التأمين الصحي الجديد الذي تخطط وزارته لتطبيقه، بدلا من النظام الحالي، هو حماية شريحة من الطبقة الوسطى، قوامها بين 9 و10 ملايين مصري، مهددة بالتحول الى أسر فقيرة لو تعرضت الى صدمة صحية نتيجة تكلفة العلاج، وفي الوقت ذاته تقليل التكلفة على فئة واسعة من الفقراء، رغم انها تأتي بين اقل الشرائح دخلا، الا انها تنفق نسبة عالية من دخلها (16%) على تكلفة العلاج. وتحدث الوزير الذي كان في زيارة عمل الى بريطانيا قبل ايام، تتعلق باتصالات حول هياكل انشاء هيئة التأمين الصحي الجديدة، ودراسة انشاء هيئة لجودة الخدمات الصحية، اضافة الى افتتاح تجديدات المكتب الصحي المصري في لندن، ان هناك خطة للتخلص من مرض التهاب الكبد الوبائي(فيروس سي) في مصر، خلال فترة بين 10 و15 عاما، كما قال ان انفلونزا الطيور اصبحت مشكلة وتوطنت في مصر، وستستمر مشكلتها عدة سنوات.

وفي لقاء اجرته معه «الشرق الأوسط» لم يهون وزير الصحة المصري، من شأن المعارضة لنظام التأمين الصحي الجديد، المطروح سياسيا أو على صعيد التطبيق، لكنه اشار الى انه من اكثر مشروعات القوانين التي خضعت لمناقشات على جميع المستويات، واخذت في الاعتبار اعتراضات احزاب سياسية معارضة عليه. واعتبر أن مسألة ان العلاج مجاني في النظام القديم، هي كلمة نظرية فقط، لا تعكس الواقع، فآخر إحصاءات أجريت في 2007، أظهرت أن الانفاق الصحي وصل الى 32 مليار جنيه مصري، جاءت منها 21 مليار جنيه من جيوب المواطنين و11 مليارا من الحكومة. وأشار الى أنه في نظام التأمين الجديد ستكون وحدة التعامل داخله، هي الأسرة وليس الفرد، وسيكون هناك ما يعرف بـ«حارس البوابة» المتمثل في الطبيب الممارس العام على نمط النظام المطبق في بريطانيا، بحيث لا يستطيع الفرد الذهاب للمستشفى للعلاج، الا من خلال المرور عبر الطبيب الممارس العام، وسيكون هناك حق الاختيار بين الحكومة والقطاع الخاص بمعنى يمكن للشخص ان يسجل نفسه لدى ممارس عام في القطاع الخاص أو طبيب ممارس عام يعمل في وحدة صحية حكومية، وقد اظهرت الدراسات ان أهل المدن سيفضلون القطاع الخاص، والريف الوحدات الحكومية. وشرح الدكتور حاتم الجبلي، ان الحد الأدني للاشتراكات في النظام الجديد، سيكون في حدود 480 جنيها سنويا لأسرة مكونة من 4 أفراد، وتتدرج حسب مستويات الدخول نسبة الاشتراكات بينما ينص مشروع القانون على أن محدودي الدخل المقدر عددهم بـ22 مليونا سترعاهم الدولة مجانا، وهؤلاء سيجري تعريفهم من قبل وزارة التضامن الاجتماعي، التي سيحصلون منها على شيكات لوزارة الصحة، التي سيحصلون منها على بطاقات التأمين الصحي، ولن يكون هناك أي تمييز بينهم وبين الآخرين الذين يدفعون اشتراكات في العلاج بالمستشفيات، التي لا تستطيع ان تعرف اذا ما كان هذا محدود الدخل أم لا. والمفترض ان يمول الـ50 مليونا الآخرون الذين تسدد عنهم الاشتراكات هؤلاء، اضافة الى ما ستدفعه خزينة الدولة. واعترف الوزير أن أحد تحديات النظام الجديد، هو هؤلاء الذين لا يعملون في الاقتصاد الرسمي المسجل مثل الحرفيين أو عمال الزراعة أو أصحاب المحلات الصغيرة، لكنه يراهن على انه مع التوعية والنضج في المجتمع سينكمش الاقتصاد غير المسجل، كما ستكون هناك حوافز لهؤلاء لربط سداد الاشتراكات بمميزات اخرى. وفي النظام حسب ما قال الوزير ستكون تكلفة العلاج والأدوية في المستشفى مجانية، بينما سيدفع المتعالج ثلث ثمن الدواء عند شرائه من خارجها.

وأعرب عن أمله في أن تنتهي دراسات هذا المشروع خلال الشهور المقبلة، حيث تجري وزارة المالية دراسة تمويلية له، معربا عن أمله في أن يقر في 2009 ليطبق تدريجيا اولا في محافظة السويس، ثم سوهاج ودمياط وبعدها 4 محافظات سنويا. في قضية ما يثار حول ارتفاع معدلات الاصابة بالسرطان ومرض التهاب الكبد الوبائي (فيروس سي)، ومدى صحة ما يتردد عن علاقة ذلك بالتلوث، سواء في الغذاء أو البيئة؟ قال الوزير ان الثابت علميا ان متوسط عمر المصريين زاد، فبعد ان كان 41 عاما للرجل و43 عاما للمرأة عام 1960، اصبح حاليا 69 للرجل و71 للمرأة، ولذلك تغيرت تركيبة الأمراض وأصبحت الأمراض المزمنة غير المعدية تمثل نسبة 84% من الأمراض، بينما كانت نسبتها عام 1960 نحو 40%، أما الامراض المعدية وقتها فكانت 50% وهي الآن نسبة 5% وذلك نتيجة الوعي والوقاية.

اما بالنسبة الى انتشار المرض الكبدي «فيروس سي»، فقال ان هذا الفيروس كان العالم يجهله قبل عام 1989، والذي ساعد على نشره، انه في الستينات عندما كانت البلهارسيا تغطي حوالي 40% من الشعب المصري، كان العلاج يتم بواسطة الحقن الزجاجية، التي تستخدم مرات عديدة بدواء يسمى الطراطير، وبعضها لم يكن معقما، وانتقل المرض نتيجة الحقن من شخص الى آخر بينما لم يكن احد يعرفه، وعندما اكتشف كان المرض قد زاد جدا، وحاليا هناك لجنة قومية تعد خطة للتخلص من المرض خلال 10 الى 15 عاما، مثلما حدث للبلهارسيا التي انخفضت نسبة المصابين بيها من 40% من السكان الى 1.8%. واشار الى ان البلهارسيا استمرت حتى الثمانينات، والذي اتاح خفضها، هو ان الدواء المعالج سقطت عنه حقوق الملكية الفردية، بما مكن الدواء من تقديمه مجانا.

وربط الوزير بين خفض تكلفة العلاج وبين ما يسمى بالأدوية «الجنيسة» أي الشبيهة التي يمكن انتاجها بتكلفة بسيطة بعد سقوط حقوق الملكية الفكرية عنها (بعد 5 سنوات من التسجيل)، ونفى ان تكون فعاليتها اقل من الأصلية قائلا، ان ما يحدث هو ان بعض الاطباء يوجهون مرضاهم للادوية الاصلية مرتفعة السعر لارتباطات مصالح، كما ان الصيادلة في احيان كثيرة يوجهون لها، لأن ما يحصلون عليه من عمولة بيعها اعلى من الادوية المنتجة محليا.

وعن انفلونزا الطيور، قال انها اصبحت مشكلة قومية، واستوطنت، وأنه أول من اشار الى انها ستمكث عدة سنوات، ولكن هذا هو الوجه السلبي، اما الوجه الايجابي فهو ان مصر تسجل اقل عدد وفيات بالنسبة لعدد المصابين، فمن 44 حالة حصلت 21 وفاة، بنسبة 44% بينما النسبة العالمية 60%، كما اشار الى بدء انتشار تطعيم الطيور المنزلية، لأن هناك 7 الى 8 ملايين اسرة تربي طيورا في منازلها. واشار الى أن الدواء المستخدم حاليا في الاصابات البشرية فعاليته عالية في الـ72 ساعة الاولى من الإصابة، لكن بعد ذلك يكون تأثيره ضعيفا.

هل سيتطور الفيروس لينتقل ما بين البشر كما يقال؟ الوزير الجبلي يؤكد أن حدوث ذلك مسألة وقت، ولذلك تستعد دول العالم لسيناريو حدوث وباء مثل هذا لتخفيف حجم الكارثة، وقال ان هناك خطة لمواجهة وباء مثل هذا تتضمن اجراءات لتأمين الخدمات مثل المياه والكهرباء وحصر انتشار المرض، وعدم انتقاله بين المناطق.