بابا الفاتيكان أمضى أطول فترة لضيف أجنبي في البيت الأبيض وغاب عن أضخم عشاء في تاريخ الرئاسة الأميركية

البابا يدعو واشنطن إلى دعم دبلوماسية تسوية النزاعات

بوش يرافق بابا الفاتيكان الى داخل المكتب البيضاوي في البيت الابيض (أ ب)
TT

أمضى امس بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر أطول فترة يقضيها ضيف أجنبي في البيت الابيض، في وقت احتشد فيه أكبر عدد من الاميركيين اللاتينيين (هسبانيك) خاصة في شارع بنسلفانيا المجاور للبيت الابيض حيث سرت بينهم موجة هيستيريا عندما كان البابا في طريقه من مقر اقامته داخل البيت الابيض، وكان بعضهم قد افترشوا الأرض منذ الليلة قبل الماضية وظلوا يعزفون الحاناً شجية ويلوحون بالآتهم الوترية خاصة الغيتار للمارة. وأجرى الرئيس الاميركي جورج بوش محادثات مطولة مع بابا الفاتيكان، حول عدد من القضايا شملت تلك التي يختلفان حولها مثل قضية الحرب في العراق. وقالت دانا بيرنو المتحدثة الصحافية باسم البيت الابيض إن هذا الموضوع لم يهيمن على المحادثات كما كان متوقعاً إذ ان بابا الفاتيكان تعرض له من زاوية معاناة أقلية مسيحية وسط أغلبية مسلمة. كما تطرقت المحادثات الى قضية الهجرة حيث يدعو البابا الى تسوية وضعية المهاجرين والتساهل مع سكان اميركا اللاتينية واغلبيتهم الساحقة من الكاثوليك، ورفع الحظر التجاري المفروض على كوبا والغاء عقوبة الاعدام في عدد من الولايات الاميركية. وقالت بيرنو إن الرئيس بوش ركز على دور التسامح الديني في كبح المتطرفين، وكذلك الوضع في لبنان والقارة الافريقية، مشيرة الى ان قضية التحرش الجنسي من طرف كهنة كاثوليك ضد اطفال والتي تكررت مراراً منذ عام 2000 في اميركا لم تكن لها اولوية خلال المحادثات. وكانت هذه القضية هي التي ركزت عليها وسائل الاعلام الاميركية التي اشارت الى ان البابا يرغب في «طي هذه الصفحة المخجلة».

وذكر ان البابا تطرق في محادثاته مع الرئيس الاميركي الى حماية البيئة والرفاهية الاجتماعية، وتناولت المحادثات ايضاً قضايا الاجهاض وزواج المثليين وأبحاث الخلايا الجذعية، وهي قضايا تتطابق فيها مواقف البابا مع مواقف الرئيس الاميركي. وقال بوش في كلمته الترحيبية بالبابا ان «الحياة البشرية مقدسة ويجب ان توجه عبر القوانين الاخلاقية مع ضرورة العناية بكل الناس في اميركا وحول العالم». وقد دعا البابا بنديكتوس السادس عشر اميركا الى «دعم جهود الدبلوماسية الدولية لتسوية النزاعات» في خطاب القاه في البيت الابيض من دون ان يتطرق بشكل مباشر الى الحرب في العراق التي كان الفاتيكان قد اعلن معارضته لها. وقال البابا، بمناسبة زيارته الاولى للولايات المتحدة، ان «اميركا اظهرت على الدوام كرما بتلبية الحاجات الانسانية الملحة ودعم التنمية واغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية» حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

واضاف الحبر الاعظم «انني واثق من ان الحرص على العائلة الانسانية سيستمر من خلال الجهود الحثيثة التي تبذلها الدبلوماسية الدولية لتسوية النزاعات وتشجيع التطور».

واعرب البابا عن سعادته لانه حل ضيفا على الشعب الاميركي، مؤكدا انه يكن «احتراما كبيرا لهذا المجتمع التعددي».

وشهد البيت الابيض امس قداساً حاشداً في الحديقة الجنوبية، شارك فيه حوالي عشرة آلاف شخص، وحضر ليلة امس حوالي تسعة آلاف شخص أكبر حفل عشاء في تاريخ رئاسة جورج بوش نظم في القاعة الشرقية في البيت الابيض بمناسبة زيارة البابا واحتفاء بعيد ميلاده حيث بلغ من العمر 81 سنة، لكن البابا نفسه لم يحضر حفل العشاء الباذخ إذ كان في ذلك الوقت يترأس صلاة شارك فيها أبرز رجال الدين الكاثوليك في اميركا. آخر زيارة قام بها بابا فاتيكان لاميركا، كانت قبل 29 سنة حين زار البابا بولس الثاني واشنطن في عهد الرئيس جيمي كارتر. يذكر ان الرئيس بوش حصل على دعم الناخبين الاميركيين الكاثوليك في المرتين التي ترشح فيهما للرئاسة، وبدا انه من خلال خروجه على البروتوكول المعتاد حيث استقبل البابا في المطار وهو ما لم يحدث مع اي زائر اجنبي من قبل اراد ان يعبر عن تقدير استثنائي لبابا الفاتيكان، كما انها المرة الاولى التي تشاركه فيها زوجته لورا وابنته جينا استقبال شخصية أجنبية حيث كانوا جميعاً عند سلم الطائرة بعد هبوطها في قاعدة أندروز الجوية في ولاية ميرلاند. واللقاء بين بوش والبابا هو اللقاء الخامس والعشرين بين رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم والرؤساء الاميركيين، على الرغم من ان الاغلبية الساحقة للاميركيين لا ينتمون لهذه الكنيسة. ولم تكن أجواء الحملة الانتخابية بعيدة عن زيارة البابا حيث يسعى المرشحون الثلاثة الى استقطاب الناخبين الكاثوليك الذي يمثلون ربع الناخبين. وورد في تقرير اخباري ان المرشحين الديمقراطيين هيلاري كيلنتون وباراك اوباما يعملان على كسب السباق الى البيت الابيض  جاهدين لكسب تأييد الناخبين الكاثوليك مع تسجيل  هيلاري حتى الان تقدما واضحا على اوباما، حيث فازت في الانتخابات التمهيدية في ثمان من الولايات العشر التي تسجل اكبر نسبة من الكاثوليك وبينها ماساتشوستس مهد عائلة كينيدي التي اعطت البلاد رئيسها الكاثوليكي الوحيد وهو جون كنيدي. ولا يدين اي من المرشحين الثلاثة للانتخابات بالمذهب الكاثوليكي، إذ ان هيلاري من اتباع  الكنيسة المنهجية وباراك اوباما ينتمي الى كنيسة المسيح الموحدة في حين ان الجمهوري جون ماكين انغليكاني.

يذكر ان نحو نصف الناخبين في بنسلفانيا التي ستجري فيها الانتخابات التمهيدية الديمقراطية يوم الثلاثاء المقبل من الكاثوليك وتفيد استطلاعات  الرأي بان غالبيتهم ستصوت لصالح هيلاري. وحصلت كلينتون على حوالي 65 بالمئة من اصوات الكاثوليك في الانتخابات التمهيدية التي جرت في الاشهر الاخيرة، وهذه الكتلة الناخبة متداخلة مع الكتلة الناخبة المتحدرة من اميركا اللاتينية والتي تؤيد غالبيتها كلينتون. وهذا ما سجل في ولايات مثل كاليفورنيا ونيومكسيكو وتكساس، اذ حصلت هيلاري على غالبية اصوات الكاثوليك وفي الينوي وهي ولاية اوباما، حصلت هيلاري على غالبية اصوات الكاثوليك الذين يمثلون 30 بالمائة من سكان الولاية. ويحظى اوباما بدعم بعض كبار الشخصيات السياسية الكاثوليكية مثل ادوارد كنيدي شقيق الرئيس الراحل، والمرشح السابق جون كيري. أما في بنسلفانيا، فقد حصل على تاييد السناتور الديمقراطي الوحيد عن هذه الولاية الكاثوليكي بوب كايسي المعارض لحق الاجهاض.