مشهد مختلف من العراق .. زغاريد وملابس تنكرية في حفل تخرج جامعي

في أجواء ملبدة بالأتربة والرصاص طلبة الجامعة التكنولوجية يرقصون على أنغام الموسيقى الصاخبة في يوم تخرجهم

طلبة دفعة 2008 في الجامعة التكنولوجية ببغداد يرمون قبعاتهم في الهواء احتفالا بالتخرج (أ.ب)
TT

بدت الاجواء المفرحة التي عاشتها الجامعة التكنولوجية يوم اول من امس الخميس شبه غريبة، خصوصا ان الاجواء في بغداد كانت مغبرة جدا، حيث نزل الغبار على الابنية والاشجار والناس، هذه الاجواء لم تمنع الطلبة الذين يعدون العدة للتخرج هذا العام من الرقص والغناء في يوم عدوه (حنة) زفافهم، وهو اليوم الذي يسبق عرس التخرج عادة في الجامعات العراقية.

ملابس غريبة لبسها الطلبة والطالبات في يوم (حنتهم) وبدو بصور مضحكة ومفرحة للجميع، حيث يعيش الطلبة ايامهم، من دون ان يلتفتوا للتفجيرات التي تحصل هنا وهناك، احد طلبة المرحلة الاولى في الجامعة عاد منها وهو في اشد حالات الفرح والغبطة والتمني بان يكون يوم تخرجه كيوم تخرج اخيه علي، ويؤكد محمد ان اخاه علي لبس اليوم ملابس بدوية واخذ يرقص في باحة الجامعة مع زملائه وزميلاته اللواتي لبست احداهن ملابس العروس، بينما راحت زميلاتها يزغردن باعلى صوت جعل جميع الطلبة يخرجون من محاضراتهم للاحتفال مع الطلبة بيوم تخرجهم.

دعاء حميد طالبة اخرى من الجامعة التكنولوجية تقول ان يوم التخرج بمثابة يوم جديد في الحياة يحاول البعض ان يغتاله، لكننا سنفرح دوما بكل خطوة نحو الحياة الجديدة، تؤكد دعاء وهي البنت الوحيدة لاهلها ان دخولها للحرم الجامعي كان يمثل اجمل خطوة في حياتها، وسيكون يوم تخرجها اجمل وسترتدي ثوبا مميزا وسترقص على انغام الموسيقى الصاخبة في باحة الجامعة.

هاني مازن نوفل طالب في قسم الكهروميكانيك في الجامعة التكنولوجية يقول، ان حفلتنا ويوم حنتنا ستكون بعد عدة ايام، وهو وزملاؤه يعدون العدة لهذا اليوم، وهم يشترون الملابس التنكرية والورود وسيقومون بتأجير فرقة موسيقة للاحتفال، ويؤكد نوفل انه يحلم باكمال دراسته العليا والحصول على شهادة الماجستير، ومن ثم الدكتوراه، ويأمل في ان يزرع كلمة في قاموس العراق الكبير كما يقول.

نغم محمود طالبة في المرحلة الاخيرة من كلية الزراعة جامعة بغداد، تقول ان «الظرف الأمني الذي يعيشه العراق ربما يمنعنا من الفرح، لكن التخرج من الجامعة يعني ان نتخطى كل حواجز الخوف ونفرح بملء ارادتنا». وتؤكد نغم ان اهلها يوميا يقومون بتوصيلها الى الجامعة خوفا عليها من حوادث التفجير او الاختطاف او القتل، لكنها مصرة على الاستمرار في تلقي العلم، وان يوم تخرجها يعني انها اكملت مرحلة مهمة في حياتها في اصعب مرحلة مر بها العراق، وهذا الامر بالذات يعني لها الكثير فهي قد اكملت الدراسة، بينما هناك من يزرع قنبلة في الطريق يحاول من خلالها ان يقول لا للفرح والتقدم.

الطلبة في العراق يعيشون اجواء صعبة جدا في بغداد وبقية المحافظات، وخصوصا في المناطق الساخنة من بغداد، فهذه المناطق قد تمنع في اوقات كثيرة خروج الطلبة الى مدارسهم وجامعاتهم، بفعل الوضع الامني المتأزم فيها، وعلى الرغم من كل الاحباطات والخوف وسخونة المناطق هناك من حمل شهادة التخرج في يده ولوح بها عاليا وهو يرقص على انغام الموسيقى الصاخبة وسط الاجواء الامنية الصاخبة هي الاخرى، وبهذا فقد تحدى الطلبة الجامعيون الاوضاع الامنية المتردية ورفعوا بعلمهم وكفاءتهم اليد عاليا ولوحوا للجميع بان الاربع او الخمس سنوات التي مرت حازوا فيها على انتصار مهم في حياتهم العملية.