وزراء في حكومة أحمدي نجاد ينقلبون عليه بسبب إدارته للاقتصاد

وزيرا الاقتصاد والعمل يدعوان الرئيس إلى تغيير سياساته في مجال الإقراض والفوائد

TT

باتت الحرب مفتوحة بين الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ووزراء في حكومته بسبب سياساته الاقتصادية والمالية التي يعتقد الكثير من الوزراء أن تأثيراتها سلبية، في وقت يبدو أن ارتفاع الأسعار يخرج أكثر فأكثر عن السيطرة في إيران.

وكشف داوود دانيش جعفري وزير الاقتصاد الايراني الذي أقيل في التاسع من الشهر الحالي من منصبه، أن خروجه من الحكومة سببه هذه التوترات. وفي مقابلة مع مجلة «شهروند ايمروز» الاسبوعية، انتقد دانيش جعفري الحكومة، مؤكدا أن «العديد من أعضاء الحكومة لا يزالون معارضين لتحرير الاقتصاد». وأضاف «لقد عارضت السياسات التي زادت حجم الكتلة النقدية.. لقد أدت رغبة الحكومة في رفع الانفاقات الجارية الى حرمان القطاع الخاص من الرساميل». وقال وزير الاقتصاد الايراني انه عارض الكثير من سياسات الرئيس الايراني رغم انه يعمل منذ ثلاث سنوات في حكومته، وتابع «أحمدي نجاد وأنا لم نتفق على بعض المسائل.. لقد انتقدت السياسات التي نتج عنها ضخ الكثير من الأموال العامة في الحركة الاقتصادية».

وعمد الرئيس محمود أحمدي نجاد الى تطبيق سياسة ضخ كميات ضخمة من أموال النفط (البترودولار) في الدورة الاقتصادية، الأمر الذي ساهم في ارتفاع الاسعار. ومن بين سياسات أحمدي نجاد الرئيسة تمويل مشاريع البنى التحتية المحلية التي وعد بها خلال رحلاته الى المحافظات، اضافة الى منح الفقراء قروضا بدون فائدة. إلا ان خبراء اقتصاديين قالوا ان ضخ هذه المبالغ الكبيرة في الاقتصاد تسبب مباشرة في ارتفاع التضخم الى نسبة تصل الى 18 في المائة. وقال جعفري «لا يزال هناك أشخاص في الحكومة والبرلمان يقولون ان زيادة ضخ الاموال العامة ليس له اية آثار سيئة»، ودافع عن مبدأ ان هذه السياسة هي مؤشر رئيس على التضخم المستقبلي. كما انتقد جعفري سياسات احمدي نجاد المصرفية. وقال ان الرئيس الايراني «يرغب في تحول كافة البنوك الى مؤسسات تمنح القروض من دون فائدة. وقد منعته انا والعديد من الخبراء الاقتصاديين من القيام بذلك». وأضاف أن أحمدي نجاد الذي أجبر البنوك الحكومية والخاصة على خفض معدلات الفائدة، لا يزال مصمما على وجود بنك كبير واحد على الأقل يمنح القروض من دون فائدة. وأعلن متحدث باسم الحكومة في 9 ابريل أن وزيري الاقتصاد والداخلية سيستقيلان، إلا ان التعديل الحكومي لم يتم بعد وسط انتقادات للتعديل المتكرر لحكومة احمدي نجاد. وكان الرئيس الايراني الذي تنتهي ولايته في صيف 2009، قد تعهد بتوزيع ثروات النفط الايرانية بشكل اكثر مساواة، إلا ان حكومته عانت من ارتفاع التضخم وازدياد البطالة.

وبدوره أرسل وزير العمل محمد جهرومي أمس رسالة مفتوحة الى الرئيس الإيراني يطالبه فيها بعدم تطبيق الاجراءات التي أعلن عنها حاكم المصرف المركزي طهمسب مزهري للسيطرة على التضخم والارتفاع الهائل لحجم الكتلة النقدية.

وكان البنك المركزي قد أعلن الخميس ان معدل الفوائد على القروض المصرفية سيلحق من الآن فصاعدا معدلات التضخم الذي بلغت أرقامه الرسمية العام الفائت 18.4%، ولكن عددا من الخبراء يجزم بأن الأرقام الحقيقية هي اعلى من هذا بكثير. وقال جهرومي في رسالته ان «هذه السياسة لا تساعد أبدا في خفض التضخم بل تؤدي الى ارتفاع الاسعار». ولكن حاكم المصرف المركزي أعلن ليل اول من امس للتلفزيون الرسمي ان تطبيق هذه الاجراءات «امر إلزامي». ويريد المصرف المركزي خصوصا السيطرة بشكل أفضل على المصارف الرسمية كما الخاصة في منح القروض للحؤول دون ارتفاع معدل التضخم وحجم الكتلة النقدية. وفي الواقع تضاعفت التحذيرات من مخاطر حصول ارتفاع هائل في معدل التضخم خلال السنة الايرانية الراهنة التي بدأت في 20 مارس (آذار).

ويعمد الرئيس الايراني بشكل منتظم الى تحميل مسؤولية التضخم الى «اعداء الداخل» والحملات الاعلامية التي يشنها ضده معارضوه. واتهم احمدي نجاد الخميس هؤلاء بإدارة مافيا اقتصادية وبمنعه من تطبيق برنامجه الاقتصادي. ومن دون ان يسميهم، استهدف الرئيس الايراني في هجومه مسؤولين مقربين من بينهم رئيس مجلس الخبراء اكبر هاشمي رفسنجاني. وانتقد ثلاثة مسؤولين دينيين إيرانيين علانية السبت السياسة التضخمية التي ينتهجها الرئيس. وبدوره أطلق رفسنجاني، الذي لا يزال يحتفظ بمفتاح أساسي في الحكم، تحذيرا بقوله ان «ارتفاع اسعار السلع الغذائية يصيب بالدرجة الاولى الفقراء». وأضاف رفسنجاني الذي لم تعد خصومته لاحمدي نجاد خافية «اليوم، الناس في العالم واعون، اذا ازداد الظلم يثورون وهذا حقهم لأن لا خيار آخر أمامهم».

وعلى صعيد آخر، قالت ايران امس ان الاتهامات الاميركية والبريطانية بأن طهران تسعى لتصنيع سلاح نووي لا أساس لها من الصحة، وان الجمهورية الايرانية لن توقف عملها الذري السلمي. وتعهد الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الذي زار واشنطن الاسبوع الماضي بتوحيد الجهود لمنع ايران من تصنيع قنبلة نووية عن طريق على الارجح توسيع العقوبات ضد طهران. وقال محمد علي حسيني المتحدث باسم الخارجية الايرانية «موقف الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء البريطاني بشأن نشاطات ايران النووية ليس متوافقا مع حقيقة أي من نشاطاتها». وتابع في مؤتمر صحافي «ستستمر الجمهورية الاسلامية الايرانية في نشاطاتها السلمية»، مضيفا «ما من قانون يمنع بلادنا من مواصلة هذه النشاطات السلمية». وتقول ايران رابع اكبر منتج للنفط في العالم إنها تسعى لاتقان تكنولوجيا نووية لتوليد الكهرباء وليس لصنع القنابل. لكن تقاعسها عن إقناع القوى العالمية بشأن نواياها دفع الأمم المتحدة الى فرض ثلاث جولات من العقوبات ضدها. وقال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي هذا الشهر، إن ايران ستكشف قريبا النقاب عن مقترحات تهدف الى المساعدة في نزع فتيل النزاع النووي من دون ان يذكر أي تفاصيل. ولم يوضح حسيني هذه المقترحات. وقال للصحافيين عندما سئل عن حزمة المقترحات النووية التي أعلن عنها متكي «فيما يتعلق بالحزمة سنوافيكم بالتعليقات والمقترحات في الوقت المناسب». ويصل أولي هاينونن كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى ايران اليوم للضغط من أجل الحصول على ردود ايرانية على معلومات أجهزة مخابرات غربية تزعم أن ايران درست سرا كيفية تصميم قنابل ذرية. وتنفي إيران ذلك. ووصف حسيني جولة هاينونن بأنها زيارة «عادية». الى ذلك، كرر حسيني القول إن اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي ارتكبها تنظيم القاعدة في الولايات المتحدة هي «حادث مشبوه» بعد ان شكك أحمدي نجاد بطابعها الإرهابي.

وقال حسيني «طالما لم تتضح كل جوانب (تلك الاعتداءات) فان الأمر يتعلق بحادث مشبوه». وأضاف «أن العديد من المحللين والمراقبين الذين درسوا الموضوع لديهم الشعور بأنه يتضمن دوافع عديدة للشكوك والغموض».