روما: أماكن رومانسية تناسب كل الأذواق

فيها تشعر وكأنك شاعر في البلاط الملكي

تتميز روما بطابعها الرومانسي فهي بمثابة متحف مفتوح («الشرق الأوسط»)
TT

من المحتمل، اينما كنت في روما، وجود متاحف منزلية على الزاوية او امامك. ولم يكن الباباوات وحدهم هم الذين يعتقدون ان غرف وقاعات قصورهم يجب ان تكون ضخمة وذات ديكورات رائعة، ورسومات حائطية ولوحات ذات اطر ذهبية وتماثيل من المرمر لآلهة اليونان في كل ركن من اركان القصور. وكان للباباوات ابناء اخوة كونوا ثروات استخدموها في جمع الاعمال الفنية، وهو ما فعله ايضا كاردينالات ونبلاء وملكات يعيشون في المنفى وفرنسيون محبون للفن وشعراء بريطانيون اتسموا بالرومانسية طوال قرون عديدة. وقد تركوا خلفهم العديد من القصور المليئة بالكنوز وترضي جميع الاذواق.

ليست كل المتاحف المنزلية على نفس المستوى. البعض منها مثل غاليري بورغيزي ودوريا بامفيلج ضخمة، ومعروفة ومليئة بالاعمال الفنية اكثر من الطرف الاخر. ولكن بالنسبة للسائح يمكن ان تعني شهرة المكان الحجز المسبق وبأسعار تذاكر مرتفعة. اما المتاحف الاقل شهرة فيسهل دخولها والاطلاع على محتوياتها خلال ساعة. كما ان مد ساعات الدخول ورسوم الدخول التي لا تزيد على عدة يوريهات ـ واقل مع شراء «ابونيه» لوسائل المواصلات في روما ـ يمكن ان تجعل مشاهدة لوحة تعود الى عصر النهضة امرا سهلا.

ففي بلازا باربريني، على سبيل المثال، يعرض الطابق الاول الذي اعيد افتتاحه مؤخرا جزءا كبيرا من مقتنيات المتحف الوطني للفنون القديمة، بما في ذلك اعمال من مجموعة باربريني وغيرها من المتبرعين. فبعد سنوات من عملية التجديد البطيئة التي حولت الحديقة الى مقلب قمامة والمتحف الى غرفة واحدة عاد البلازو ـ الذي بدأ تشييده في عام 1625 لفرانسيسكو باربريني ابن شقيق البابا اوربان الثامن ـ الى سباق عهده بنافورته وأشجار النخيل التي ترحب بالزوار لمدخله المدرج.

وتشمل اهم مقتنيات المتحف لوحة رافاييل الشهيرة «فورنارينا» بالاضافة الى عملين لكارافاجيو. لا تنسَ زيارة البهو الرئيسي الذي يحتوي على سقف رسمه بيترو دا كورتونا. ويمكن للاطفال الاستمتاع بالزيارة بالبحث عن النحل ـ رمز اسرة باربريني ـ المخبأ في جميع انحاء القصر، من لوحة كورتونا الحائطية الى الارضية الموزاييك.

ويحتل المعرض الوطني جناحا في بلازو كورسيني، عبر نهر التيبر في القمة الشمالية لتراستفيري. وهو ينتمي اصلا الى اسرة رياريو، والقصر معروف بأنه مقر الملكة كريستينا ملكة السويد، التي أقامت هناك بعد تنازلها عن العرش في عام 1654 بعد تحولها الى الكاثوليكية.

وقد امتلكت القصر فيما بعد اسرة كورسيني ووسعته. ويحتوي القصر على 300 لوحة لفنانين مثل فرا انجليكو وانيبال كاراتشي كارافاجيو وموريللو وروبينز موزعة على ثماني قاعات. وحتى في قمة الموسم السياحي، فإن عدد الحضور لا يزيد على 50 زائرا ولذا تستمتع بالمتحف بلا زحام وكأنك وحدك.

وعبر نهر التيبر يوجد بلازو سبادا وهو المقر السابق للكاردينال برناردينو سبادا الذي كلف في عام 1652 واحد من اكثر المباني التي ليس لها استخدام من تصميم فرانشيسكو بوروميني. وهي معروفة باسم منظور بوروميني، وهو عبارة عن مبنى تم إمالة الارضية والحوائط والسقف مما ادى الى الوهم بوجود اعمدة تمتد مسافة 120 قدما، إنما هي في الواقع اقل من 30 قدما. ويمتلك المتحف لوحتين لارتميسيا جنتيلشي، وهي من اولى الرسامات الاوروبيات.

وتحتل اللوحات الفردية وضعا ثانيا في بلازو كولونا. فمدخل القصر ـ عبر سلالم لولبية الى جوار مكتب التذاكر ـ يضفي الاحساس بالانبهار عندما يشاهدون قاعة العرض الرئيسية الضخمة التي تعود الى طراز الباروك. وعلى الحائط توجد لوحات لمارسنتونيو كولونا الثاني، عميد العائلة الذي لعب دورا حاسما في هزيمة العثمانيين في معركة ليبانتو البحرية عام 1571. ولذا يزدحم القصر بسلسلة من اللوحات الجدارية تمجد عمله. وفوق الابواب توجد بيارق عسكرية ودروع.

وتجدر الاشارة الى ان عرض المقتنيات الشخصية والعائلية كان دائما منتشرا في روما. ولم يكن الفرنسيون الذين وصلوا مع نابليون في اوائل القرن التاسع عشر، غرباء عن تقاليد عرض املاك الاسرة وبذلوا كل ما في وسعهم للارتباط بالتقاليد الفنية القديمة لروما. ويعكس متحف نابليون المقر السابق للكونت جوسيبي برمولي، ابن كارلوتا بونابرت، كيف استخدمت تلك التقاليد في الفنون الرفيعة والديكورات لتلك الفترة ـ من الاثاث والبورسلين الى اللوحات الشخصية لأسرة بونابرت.

وهناك ايضا متحف ماريو براز الذي يضم اعمال جامع تحف كان يزور اسواق الروبابكيا وتجار التحف لجمع ما يقرب من 1200 عمل فني تنتمي لعصر الكلاسيكية الجديدة في جميع المجالات. ويقدم المتحف الذي تم افتتاحه في عام 1995، نظرة على كيفية احتضان الناس لفكر روما الكلاسيكية حتى يومنا هذا.

وحتى منطقة التسوق في فيا ديل كورسو وبياتسا دي سبانا تضم بعض المواقع الثقافية التي تستحق الاهتمام مثل المنزل التذكاري لكيتس وشيلي الذي افتتح عام 1945. وهو المنزل الذي اصيب فيه كيتس بالسل. ويضم المتحف وثائق وذكريات كل من كيتس وشيلي وبايرون وغيرهم من أدباء العصر الرومانسي في القرن التاسع عشر.

وهناك مبنى وسط محلات الانتيكات يضم متحف واستديو كانوفا تادوليني، الاستديو السابق لنحات العصر الكلاسيكي الجديد انتونيو كانوفا وفيما بعد تلميذه المفضل ادامو تادوليني. والمتحف / الاستديو يضم قوالب من الجبس لكل شيء من أضخم أعمال النحات الى دراسات لأجزاء من الجسم، ومما يزيد من سحر المكان انه مقهى تنتشر طاولاته وسط المعروضات.

وبالنسبة لهؤلاء الذين يفضلون المنحوتات الكلاسيكية، فعليهم الاتجاه الى بلازو التيم الذي كان مقرا لعدد من النبلاء والأسر البابوية وهو اليوم جزء من متحف روما الوطني. ويضم مجموعة ضخمة من التماثيل من مجموعة لودفيزي في قاعات مليئة بعديد من اللوحات الجدارية التي ترجع الى القرنين الخامس عشر والسادس عشر.

* خدمة: «نيويورك تايمز»