معتقل سعودي عائد من غوانتانامو: كنت مستعدا للاعتراف بأي شيء مقابل أن يسمحوا لي بالنوم

التحقيق في مزاعم معتقلين حقنوا بالعقاقير خلال التحقيقات

TT

يسترجع عادل النصيري، وهو ضابط سابق في الشرطة السعودية قبضت عليه القوات الأميركية في أفغانستان عام 2002، الشهور الستة الأولى له في معتقل غوانتانامو بكوبا، قائلا: «تم استجوابي لساعات طوال ولكن كان هذا بعد أن تم حقني». وأضاف في حديث له مع محاميه: «استغرقت في النوم» بعد هذه الحقنة. وعندما استيقظ النصيري أدلى ببعض الاعترافات لينعم ببعض الراحة، ولكنه بعد ذلك قال إن هذه الاعترافات مختلقة. ويضيف النصيري: «قلت لهم: دعوني أذهب، أريد أن أنام، ولو كان المقابل هو أن أقول إنني عضو في القاعدة، فأنا كذلك». ولا يعرف النصيري، الذي يعيش الآن حرا في السعودية، العقار الذي حقنوه به خلال الاستجوابات. وهناك على الأقل نحو 24 معتقلا، البعض منهم أطلق سراحه والبعض الآخر مازال في السجن. وهم يقولون أيضا أنهم قد حقنوا قسرا ببعض العقاقير أو أنهم قد شاهدوا رفاقهم يحقنون، حسب ما جاء في مقابلات شخصية مع المعتقلين ووثائق المحاكمات. ويعتقد المعتقلون، ومنهم النصيري، أن هذه الحُقن كانت لإجبارهم على الإدلاء باعترافات محددة. ومع هذا، تنكر وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات، وهما الجهتان المسؤولتان عن اعتقال المتهمين بالإرهاب، استخدام العقاقير خلال الاستجوابات وتقولان إن هذه القصص التي يسوقها النصيري وأمثاله هي إما قصص مختلقة أو تأويلات خاطئة للعلاج المعتاد الذي كان يقدم لهم. ولكن، طفت هذه القضية على السطح مرة أخرى بعد أن نشرت خلال الشهر الجاري مذكرة صدرت عام 2003 عن وزارة العدل والتي توافق على حقن المعتقلين ببعض العقاقير. ويضيف ليونارد روبنستين، الخبير في الطب الأخلاقي ورئيس منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان: «يعد استخدام العقاقير كنوع من تقييد حرية السجناء فعلا غير قانوني وغير أخلاقي». وأضاف ليونارد: «تحتاج هذه الادعاءات إلى تحقيق شامل من قبل الكونغرس ووزارة العدل».

ويضيف آلن، وهو طبيب ومنسق في مركز صحة السجناء وحقوق الإنسان بمدينة بروفيدنس، بولاية رود آيلاند، أنه لا توجد معايير طبية مقبولة لاستخدام العقاقير للتحكم في السجناء، ومن ثمّ فإن أي استخدام لهذه العقاقير خلال الاستجوابات سينظر إليه على أنه تجربة لهذا العقار.

وإلى الوقت الحاضر، فإن الأدلة محصورة في سجلات المعتقلين الذين يصفون مراحل يقولون إنه تم خلالها حقنهم قسرا ببعض العقاقير التي كان لها آثار غير طبيعية تتراوح بين الإحساس بالنعاس إلى الهذيان. ويقول جي. دي. جوردون، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية: «سياستنا كانت وستظل هي علاج المعتقلين بصورة إنسانية، ولم يكن استخدام الدواء للتأثير على المعتقلين يوما أحد الوسائل التي تتبعها وزارة الدفاع في تحقيقاتها».

وعلى الرغم من أن جوردون قد رفض التعليق على بعض المزاعم، فقد قال إن الرعاية الطبية يتم تقديمها للمعتقلين حسب حاجة المعتقل، مؤكدا على أن الاستجوابات لا تضر أو تؤثر على العلاج الطبي. ونصيري هو أحد المعتقلين السابقين القليلين الذين يزعمون بشكل مباشر استخدام المخدرات أثناء عمليات الاستجواب في السجن العسكري بغوانتانامو. كما قال آخرون إنه قد تم إجبارهم على تناول مهدئات تركتهم غائبين عن الوعي أو في حالة ترنح، وذلك قبل عملية نقلهم. كما وصفوا كيفية إجبارهم على تناول حبوب أو أخذ حقن لأسباب غير واضحة، وما عانوه من أعراض غريبة فيما بعد. وادعى أحد المعتقلين في إقرار كتبه محاميه أنه قد تم تخديره بعد «تسليمه» أو نقله بواسطة المسؤولين الأميركيين إلى سجن في المغرب. وفي إحدى المرات بداخل غرفة استجواب، يتذكر نصيري أنها كانت شديدة البرودة وكان نصيري في حاجة شديدة إلى النوم إلى درجة جعلته يقوم بالتوقيع على اعتراف بعلاقته بالقاعدة، وذلك وفقاً لمذكرة محاميه. لقد شاهده المستجوب وهو يوقع باسمه، «ثم ابتسم وأطفأ جهاز تكييف الهواء. وذهبت لأنام»، حسبما قال نصيري في المذكرة. وبعد أن أدلى بالاعتراف، الذي قال نصيري عنه في ما بعد إنه كذب، ظل نصيري في معسكر غوانتانامو لثلاث سنوات أخرى قبل أن يتم تسليمه إلى السلطات في بلاده، والتي أطلقت سراحه. وحول ذلك، قال روت: «لقد قام بالتوقيع على إقرار، واعتبروه مقاتلا عدوا. ومع ذلك، فقد أطلقوا سراحه دون أي تفسير». ورفضت السفارة السعودية التعليق على الأمر. ووصف محتجزون آخرون، في إطار لقاءات أجريت معهم أو شهادات قدمها محاموهم، إجبارهم على تناول أقراص وتعرضهم للحقن لأسباب لم تكن دائمًا واضحة لهم. وقال «مراد بنتشالي»، وهو مواطن فرنسي تم احتجازه في غوانتانامو على مدار ثلاث سنوات، أن مسؤولي السجن وصفوا في بعض الأحيان العقاقير التي يعطونها للمحتجزين بأنها مضادات حيوية أو فيتامينات، إلا أن هذه العقاقير كانت تتركه دائماً في حالة ذهنية مشوشة. وأضاف «بنتشالي» الذي يعيش حالياً في فرنسا في رسالة عبر البريد الإلكتروني أن «هذه العقاقير أصابتنا بالصداع والغثيان والدوار». واستطرد بقوله: «لكن التأثيرات اختلفت من محتجز إلى آخر. فقد أصيب البعض بالإغماء. وظهرت بثور لدى البعض الآخر». كما أشار إلى تعرضه لعمليات حقن بصورة دورية، غالباً ما كانت تتم بالإجبار، وكانت تسبب له شعوراً بالغثيان والدوار. وقال: «لقد شعرنا دوماً بالإرهاق والترنح». وعلى ما يبدو، فإنه تم تخصيص نمط معين من الحقن للمحتجزين غير المتعاونين، حسبما قال بنتشالي، الذي أشار إلى حالات سبق ذكرها على لسان أربعة محتجزين سابقين آخرين أثناء لقاءات أجريت معهم أو في إطار وثائق قانونية. وأكد بنتشالي بقوله: «كان الحقن يصيبهم بالجنون. وتصيبهم أزمة أو حالة من الجنون.. حيث يبدأون في الصراخ ولا ينامون ويضعون الأوساخ على أجسادهم. واشتبه بعضنا في أنه يجري حقنهم بمادة «إل. إس. دي». من جانبه، أعرب «جيه. ويلس ديكسون»، أحد المحامين التابعين لمركز الحقوق الدستورية والذي تم انتدابه لتمثيل المحتجزين، عن اعتقاده بأن الحكومة على ما يبدو قدمت عقاقير مخدرة إلى المحتجزين الذين تسببت فترات احتجازهم الطويلة في إصابتهم بحالة من الهياج أو التمرد. وقال: «وجاءت استجابة الحكومة متمثلة في تقديم المزيد من العقاقير، غالباً دون موافقة المحتجزين». وأكد العديد من المحتجزين أن الأطباء المسؤولين عن حقن المحتجزين عادة ما كان يصاحبهم حرس مجهزون بشكل خاص، أطلق عليهم اسم فريق «قوة رد الفعل الفوري»، وذلك للسيطرة على أي شخص يحاول المقاومة. ومع ذلك، لم تراود جميع المحتجزين الشكوك بشأن الحقن. فعلى سبيل المثال، أعرب «معظم بيغ»، وهو مواطن بريطاني تم أسره في أفغانستان، في إطار لقاء أجري معه عن اعتقاده بأن مسؤولي السجن الذين اتسموا بمستوى رديء أعطوه عقاقير مشروعة، لكن بجرعات خاطئة.

* خدمة «واشنطن بوست»