مدينة الصدر.. القمامة تملأ الشوارع وبرك مياه المجاري في كل مكان

سكانها يشكون للأميركيين.. والحكومة تقول إنها لن تعيد الخدمات ما لم يتحسن الأمن

عراقية تحمل ابنتها التي أصيبت في احداث العنف الأخيرة، بعد تلقيها العلاج في المستشفى في مدينة الصدر ببغداد أمس (أ.ب)
TT

فيما تقاتل فيه القوات الأميركية والعراقية للسيطرة على مدينة الصدر، تواجه الحكومة العراقية مشاكل في استعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمجاري وجمع القمامة، مما يؤثر على الجهود الرامية لجذب سكان المنطقة الى جانبها.

فقد ترددت لأسابيع بعض التقارير، بأن رئيس الوزراء نوري المالكي يستعد لتطبيق برنامج يكلف عدة ملايين من الدولارات لإعادة بناء القطاع الجنوبي من مدينة الصدر، الذي تسيطر عليه القوات الأميركية والعراقية. ولكن وبعد مرور شهر تقريبا ودخول القوات العراقية في المنطقة، لا توجد أية اشارات على إعادة إعمار المنطقة. وبدلا من ذلك تتراكم القمامة في الشوارع وتنتشر برك المجاري. ولا تزال العديد من الأحياء بلا كهرباء، بينما يخشى العديد من السكان الخروج للعلاج خوفا من اطلاق النار. كما ان المسؤولين العراقيين في مجال الاشغال العامة، نادرا ما يذهبون الى مقرات اعمالهم خوفا من المعارك، وتصر الحكومة العراقية على ان المنطقة ليس آمنة بدرجة كافية لبدأ الاصلاحات.

والسبت الماضي، اقترب ثلاثة من سكان مدينة الصدر من موقع للجيش الأميركي لتسليم تحذير: اذا لم تقم الحكومة العراقية او شريكتها الاميركية بشيء ما لاستعادة الخدمات الضرورية وازالة اكوام القمامة، فإن جماعات المتطرفين ستكسب المزيد من الدعم.

تجدر الاشارة الى ان الحكومة العراقية تواجه صعوبات في تحسين الخدمات المقدمة لمواطنيها، ولكن التأخير في تطبيق جهود اعادة الأعمار في مدينة الصدر يعقد الاستراتيجية الاميركية الهادفة لإضعاف الميليشيات ووقف قذائف الهاون والصواريخ التي تطلق من شوارعها على المنطقة الخضراء. لتقسيم المنطقة، ووصلت مع القوات العراقية الى منطقتي الثورة وجميلة، جنوب الحاجز.

إلا أن واحدة من تكتيكات الجماعات المسلحة الفاعلة هي اكتساب شعبية بعد انتهاء المعارك في المنطقة باستعادة وتحسين الخدمات الاساسية. وقال السيرجنت اليكس بليتساس من فصيلة العمليات النفسية رقم 312، الذي التقى مع ممثلي مدينة الصدر «من ينجح في تحسين المرافق العامة، يمسك بمفتاح المملكة فيما يتعلق بكسب تأييد الشعب العراقي، وبالتالي ينهي النزاع». ولا شك ان ميليشيات جيش المهدي ظلت على مدى فترة طويلة تستغل تقديم المساعدات والخدمات الأساسية كوسيلة لكسب النفوذ. وتشغل مدينة الصدر مساحة شاسعة ويسودها الفقر والإهمال، كما ان القتال في مناطقها ألحق المزيد من الأضرار. وكان سكانها قد طلبوا مرارا من القوات الاميركية خلال الدوريات التي تقوم بها إزالة النفايات والقيام بأعمال الصيانة في المناطق تسير فيها القوات الاميركية دورياتها، خصوصا منذ زوال حدة القتال في هذه المناطق. إلا ان أفراد القوات الاميركية أكدوا انهم لا يقفون في طريق مثل هذه الجهود، وانهم يريدون هذه الأعمال ان تبدأ. وفيما أبدت الحكومة نبتها في الشروع في إصلاح خدمات المياه والمجاري وخطوط الكهرباء في وقت سابق، قال مسؤولون ان الوضع لا يزال خطرا، على نحو لا يسمح ببدء العمل في هذا الجانب. ويبدو تأخير إعادة الخدمات الأساسية واضحا للقوات الاميركي التي تقوم بدوريات في المنطقة. فقد سار أفراد دوريات عسكرية اميركية راجلة يوم الأحد عبر سحب من الدخان الرمادي اللون بفعل النفايات المحروقة، كما بدت برك مياه الصرف الصحي في بعض الشوارع. إدارة الإطفاء من الجهات التي تعمل في الوقت الراهن، إلا أن هناك شكاوى إزاء إغلاق المدارس. والبعض لا يزال يخاف من السير في الشوارع خوفا من العنف. وقال مسؤولون اميركيون، ان تغطية تكلفة العمل في إصلاح أنابيب الصرف الصحي أو خطوط الكهرباء أمر سهل، إلا ان السياسة الاميركية تقوم على أساس تحويل مثل أعمال إعادة الإعمار هذه إلى السلطات العراقية. وقال الكابتن أليكس كارتر، ضابط الشؤون المدنية في السرية الأولى التابعة لفوج الفرسان سترايكر الثاني، المرتبط بالكتيبة القتالية الثالثة، وهي جزء من فرقة المشاة الرابعة «نحاول أن نظهر بعض الصبر هنا».

غير ان تحفيز العراقيين على التقدم غالبا ما كان تجربة محبطة. ومكتب الأشغال العامة العراقي المحلي يقع في بناية قريبة من التقاطع الرئيسي في الثورة. ويقول مسؤولون أميركيون، انه يبدو ان الكثير من الموظفين توقفوا عن المجيء. وقال الكابتن كارتر انه «ليس هناك الكثير من المسؤولية في الوقت الحالي على الحكومة العراقية». وكان مواطنو مدينة الصدر الثلاثة، الذين اتصلوا بالأميركيين يخشون من مراقبتهم وهم يتحدثون الى الجنود. وقد أدخلوا الى المجمع سريعا والتقوا بمفردهم بالسيرجنت بليتساس.

وقال العراقيون انهم كانوا قد اتصلوا بمكتب الأشغال العامة المحلي بوزارة الكهرباء، ولكن الجواب كان نفسه. فقد قال المسؤولون العراقيون انهم لا يعتزمون الوصول الى هناك ما لم تكن المنطقة آمنة. واذا لم تكن الحكومة بمستوى المهمة حسب ما قاله المقيمون فإن من واجب الأميركيين ان يتصرفوا طالما انهم في حرب مع الميليشيات. وابلغ السيرجت بليتساس العراقيين، ان عليهم أن يقوموا بدورهم بجعل المنطقة آمنة لإعادة الاعمار عبر تقديم معلومات عن نشاط الميليشيا، ورفع اهتماماتهم الى الجهات المعنية.

وفي بديل مؤقت لسد الفراغ ينفذ الأميركيون برنامجا بقيمة 400 ألف دولار لتوزيع صناديق القمامة الكبيرة، وتشغيل 200 من العراقيين المحليين. وقد جرى تشغيل ما يزيد على تسعين، ولكن بعض العمال أخفقوا في المجيء كما أن بعض النتائج كانت بائسة، وفقا لاعتراف الكابتن كارتر. وقد أعطي جامعو النفايات بدلات صفراء. وفي صباح يوم أول من أمس، طلب احد الجنود تقريرا عبر جهاز الارسال عن عدد الأشخاص الذين يرفعون النفايات من الطرق الرئيسية. لم يكن الجواب عبر الجهاز مشجعا: «بدأوا بعشرين، ولكن العدد انخفض الى أربعة». ـ ساهمت أليسا روبن في إعداد هذا التقرير

* خدمة «نيويورك تايمز»