الاقتصاد في الطاقة وحماية البيئة يطغيان على المعرض الصناعي الدولي بهانوفر

بمشاركة 5100 شركة من 62 دولة.. وصناعة المكائن تحتل حصة الأسد

روبوتات تلعب كرة المضرب في معرض هانوفر الدولي («الشرق الأوسط»)
TT

بدت مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل وجلة، وهي تتفحص كتلة الصفيح والأسلاك الأنيقة التي تحمل اسم الروبوت شبه البشري HRP-2 Promet في معرض هانوفر الدولي للصناعة. يقترب وزن «بروميت» لأول مرة من وزن الإنسان الطبيعي، يستجيب للأوامر، ينفذ التعليمات، ينحني، بل يستطيع النهوض بشكل طبيعي بعد أن ينام على الأرض. ولا يلوم أحد البروفيسورة ميركل، استاذة الكيمياء، لأن السياسة، كما يبدو، شغلتها كثيرا عن متابعة صناعة الروبوتات. ورغم جولتها الصغيرة في المعرض (ساعتان) فقد عبرت عن دهشتها للتطور التقني الذي حققه الروبوت على مستوى الصناعة. إذ عرضت شركة «نيوترونك» السويسرية روبوتها الجديد «كاتانا» الذي يربط بين الإنسان والآلة في ورش العمل. ويستطيع «كاتانا»، بفضل أجهزة الاستشعار والمجسات والكاميرات التي تحركه، من التعرف على محيطه والتفريق بين الأهداف الثابتة (الآلة) والمتحركة (العمال). وبمقدور«كاتانا» التعاون مع العمال لإنجاز مهمة واحدة، وأن يثبت بالتالي أنه لا يقف عثرة في طريق العمل أو يتسبب في زيادة البطالة.

وتواجه الصناعة منذ سنوات مشكلة تفوق سرعة تطور المنتجات على سرعة تطور الروبوتات، وبمعنى عجز الشركات، في قطاع صناعة الهاتف الجوال كمثل، عن تطوير الروبوت لينهض بمهماته أمام سرعة تطور الجوال نفسه. وتقول شركة «فري روبوتك» النمساوية أنها تغلبت على هذه المشكلة بفضل روبوتها الجديد «موتو». فموتو مبرمج كي يتعلم يومياً ويطور معارفه التقنية وخدماته مع تطور المنتجات. وليست الروبوتات والأتمتة الصناعية إلا الجزءَ التقنيَّ «المتحرك» من معرض هانوفر الدولي، الذي افتتحته ميركل مساء الاثنين الماضي، ويستمر حتى اليوم، إذ طغت تقنيات حماية البيئة والاقتصاد بالطاقة على المعرض الذي يقيم مركزا خاصا للصناعة اليابانية هذا العام. وتشارك في معرض الصناعة الدولية هذا العام 5100 شركة من 62 دولة وتحتل الصناعة الألمانية، وخصوصاً صناعة المكائن، حصة الأسد منه. وأقام اتحاد صناعة المكائن واتحاد الصناعة الإلكترونية الألمانيان «نفقا» طويلا استعرضا فيه خروج الإنسان من أنفاق الظلام إلى نور التقنية الإلكترونية الحديثة. واستعرض الاتحادان هنا مضخات بيئية تقتصد بنحو 70% من الطاقة التي تحتاجها المضخات العادية. وامتدت تقنيات حماية البيئة لتشمل أجهزة القطع والصب والأفران وغيرها وشكلت علامة بارزة في نزعات معرض هذا العام.

ولأن صناعة السيارات تشكل العصبَ الحيويَّ في الاقتصاد الألماني فقد استعرضت العديد من الشركات تقنيات حماية البيئة في صناعة السيارات. واستعرضت شركة «ريتال» المختصة بأجهزة التبريد أجهزة جديدة لتبريد المصانع ترفع قدرة التبريد بنسبة 30% وتخفض استهلاك الوقود بما يعادل 120 ألف يورو سنويا، علما أن هذه الشركة تشغل 11 ألف إنسان منهم 5000 عامل في ألمانيا. وعرض فيرنر مولر، رئيس شركة «ايفونك» إطارات جديدة للسيارات تقتصد بالطاقة وتقلل من ضجيج احتكاك الإطارات بالتبليط. والإطارات الجديدة كفيلة بخفض استهلاك السيارة للوقود بنسبة 8%.

وعلى صعيد صناعة البواخر، عرضت شركة «ميتال غوس» أكبر براغ في نوعها بالعالم، وتعتبر هذه الشركة الرائدة عالميا في صناعة مراوح السفن وتفتخر بتصنيع أكبر مروحة في العالم تزن 131 طناً.

وإلى جانب المكائن الكبيرة والرافعات الضخمة، كانت بعض الشركات الصغيرة ستعرض منتجات صغيرة، لكنها كبيرة المعنى بالنسبة للعالم. وإذا كانت الأشنات والعوالق المائية من الكائنات المزعجة لأصحاب السفن، فقد استخدم علماء جامعة دويسبورغ هذه النباتات لسحب ثاني اوكسيد الكربون من مياه البحار العميقة. كما استخدمت هذه العوالق كمواد غذائية لتربية الحيوانات وصنعت منها مولدات بيولوجية تستخدم الأشنات في توليد الكهرباء. ويحول المولد البيولوجي، الذي اخترعه هيلمار فرانكة، غاز ثاني اوكسيد الكربون إلى وقود لإنتاج الطاقة، ويستهلك من هذا الغاز 200 مرة أكثر مما تستهلكه غابة من الأشجار.

عموما حقق المعرض الصناعي الدولي في هانوفر قفزة كبيرة منذ تأسيسه عام 2006. وقفزت المساحة التي يغطيها من 20 ألف متر مربع إلى 170 ألف متر مربع عام 2008 وزاد عدد الشركات المساهمة من 200 إلى أكثر من 500. وتتوقع إدارة المعرض أن يرتفع عدد الزوار إلى 200 ألف زائر، أي 4 آلاف زائر أكثر من عام 2007.