الإعلان يطارد الزبائن على الإنترنت

تحول طريقة بحث المعلنين عن زيادة زيارات مواقعهم

تم إنفاق نحو 21.1 مليار دولار في الولايات المتحدة، في قطاع الإعلان على الإنترنت (شاتر ستوك)
TT

قام تايلور تاونسند، مدير الإعلام الرقمي بحملات إعلانية لشركات السفر في وكالة «واي بارتنرشيب» في أورلاندو الاميركية، بقيمة 150 ألف دولار لمكتب سياحي في جزر الكاريبي. ولم يهتم ذلك المكتب بالعلامات التجارية، ولكنه كان يريد نتائج ملموسة. وبدأ تاونسند حملة إعلانية كبيرة بدأت بشهر مارس (آذار) الماضي، حيث قام بشراء إعلانات على موقع «بادجت ترافل». كما قام بشراء صفحة البدء على «موقع لونلي بلانيت» لأسبوع. واستخدم كذلك شبكات إعلانية مخصصة شملت مواقع سياحية، وشبكات أخرى تضع الإعلانات على المواقع المشهورة. وفي العام الماضي، أفاد تاونسند بأن العديد من العملاء كانوا سعداء لإنفاق المال على زيادة الوعي بأعمالهم بين الجمهور. وأوضح أنه منذ شهر يناير (كانون الثاني) كان الجميع يهتم بإعلانات تجارة التجزئة. وكانت جميع الشركات ترغب في زيادة عدد الزيارات من قبل الجمهور لمواقعها، إلى أكبر قدر ممكن.

وإلى الوقت الحالي، لم ينتج عن الخوف من التراجع الاقتصادي أي تباطؤ في هجرة أموال الإعلانات إلى الإنترنت، حيث أظهرت نتائج «غوغل» القوية خلال الأسبوع الماضي، زيادة وصلت إلى 30 بالمائة في دخل الإعلانات على الإنترنت خلال الربع الأول من العام الحالي. ولكن حملة تاونسند توضح أن الاقتصاد المتباطئ قد يعمل على تغيير المجالات التي تتجه إليها الأموال المخصصة للإعلانات. فقد تزايد عدد الشركات التي تبحث عن الشبكات الإعلانية التي تبيع الإعلانات عبر مجموعات من مواقع الإنترنت. وبعض الشبكات الإعلانية تقدم حملات إعلانية تستهدف فئة معينة من الجمهور، وبعضها الآخر يخاطب جميع فئات الجمهور، بما في ذلك المواقع التي تركز على موضوع واحد مثل السياحة أو الرياضة. ويمكن أن يؤدي نمو هذه الشبكات الإعلانية إلى انخفاض نصيب المواقع الكبرى من الإعلانات مثل مواقع «ايه او إل» و«ياهو»، التي تتميز إعلاناتهم بالقوة.

وفي عام 2007، تباطأ حجم عوائد الولايات المتحدة على ثلاثة من المواقع الأربعة الرئيسة، وهي («ياهو»، و«ايه او إل»، و«غوغل») حسبما أفاد أحد المحللين في شركة «إيماركتر». والشركة الرابعة هي «ام اس ان». ويمكن أن يشكل أيُّ انكماش اقتصادي أخباراً سيئة للمواقع الإعلامية التي تجذب الكثير من الإعلانات مثل مواقع CCN.com وnytimes.com، وغيرها. وتم إنفاق نحو 21.1 مليار دولار في الولايات المتحدة، في قطاع الإعلان على الإنترنت، أي ما يزيد على الإنفاق البالغ 16.9 مليار دولار عام 2006 حسبما أفادت «إيماركتر». وأفاد جيفري ليندساي المحلل في «سانفورد برنستين» أن الإعلان على محركات البحث الشهيرة ـ وأشهرها «غوغل» ـ يحتل مركز الصدارة في الإنفاق الإعلاني. وحسبما أفاد تقرير عمران خان، وهو محلل إنترنت في «جاي بي مورجان تشيس»، فإن الشبكات الإعلانية «تنمو بصورة أسرع من صناعة الإعلان العامة». وقد توقع أن تكون شبكات الإعلان الـ20 الرئيسة حققت أرباحا تبلغ نحو ملياري دولار عام 2008، أو ما يعادل 14 في المائة من السوق الإعلانية. ويعد انخفاض أسعار إعلاناتها هو السبب الرئيسي في النمو الهائل للشبكات الإعلانية، بالإضافة إلى التقنيات المتقدمة التي تستخدمها. وتبلغ تكلفة الإعلان على الشبكات الإعلانية نحو 4 دولارات مقارنة بنحو 40 دولارا على المواقع الكبرى مثل «ام اس ان» أو «ياهو». وأشارت مارغريت كليركن الرئيس التنفيذي لشركة «مايندشير إنترآكشن»، وهي شركة متخصصة في الشراء الإعلامي إلى أنه على الرغم من أن صفحات البدء على المواقع تمثل وسيلة إعلامية فعالة، إلا أن أسعارها أصبحت باهظة لكثير من الشركات المعلنة. كما أن هناك المزيد من الأساليب التي يمكن عن طريقها استهداف المزيد من الجمهور بسرعة كبيرة وبصورة أكثر فعالية. وساعدت التقنية الحديثة في ذلك. فقد كانت الشبكات الإعلانية في السابق تعرض الإعلانات على صفحات لم تكن الشركات المعلنة ترغب في الإعلان عليها، مثل الصفحات التي لا تلقى إقبالا كبيرا من جانب الزائرين أو التي تحتوي على محتويات مثيرة للجدل. أما الآن، فإن العديد من المواقع الجذابة لم تعد تمثل صفحة البدء الرئيسية لكثير من المستخدمين. وكذلك، فإن العديد من الشبكات الإعلانية تقدم الآن حملات إعلانية تستهدف فئات محددة (مثلما تفعل المواقع الكبرى بأسعار كبيرة)، حسب طبيعة الإعلان وحسب فئات الزائرين على الإنترنت. فعلى سبيل المثال، إذا أرادت شركة طيران تسويق رحلة جوية من دلاس إلى شيكاغو، يمكنها أن توجه هذا الإعلان إلى رواد مواقع الإنترنت في هذه المناطق. ويمكن للمسؤولين عن التسويق توجيه الإعلان حسب محتواه، فمن يتصفح موقعا عن أسعار أجهزة الجوال من المحتمل أنه سيشتري جهازا جديدا، ولكن مَنْ يتصفحْ صفحة التقنية على موقع «ياهو» قد يهدف فقط إلى القراءة عن شيء مثل تقنية «واي فاي» بعيدا عن شراء أي شيء. ويقول ديفيد ميتر، المسؤول الأول عن التسويق في «ميل وان/ آتلنتك أوتوموتف»، وهي مجموعة حصلت على العديد من توكيلات السيارات، ويعمل بها أكثر من 3000 موظف، إنه من الممكن أن تنفق الكثير على أحد مواقع الإنترنت. وأضاف ميتر أنه يفضل أن يكون أكثر تحديدا وأن يذهب إلى العملاء ليقابلهم وجها لوجه، وقد يكون العدد أقل ولكنه يرى أن هذا أفضل وأكثر فعالية. وفي ضوء النجاح الذي تحققه الشبكات الإعلانية، بدأت بعض المؤسسات البارزة في الدخول إلى هذا المجال، فقد اشترى موقع «ياهو» في سبتمبر (أيلول) الماضي شركة «بلوليثيام» للإعلانات على مواقع الإنترنت مقابل 300 مليون دولار، وفي يوليو (تموز) الماضي، اشترت «أميركا أون لاين» شركة «تاكودا» مقابل 275 مليون دولار. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، اشترت كذلك شركة «كويجو تكنولوجيز» مقابل 350 مليون دولار. وفي مايو (أيار) الماضي، اشترت شركة «مايكروسوفت» شركة «ايه كوانتاتف»، التي تمتلك بعض شبكات الإعلانات على الإنترنت، مقابل 6 مليارات دولار، كما اشترى موقع «غوغل» شركة «دبل كليك»، التي تمتلك بعض الشبكات الإعلانية، مقابل 3.1 مليار دولار، وقد أدى ذلك إلى ظهور العشرات من الشبكات الإعلانية في الفترة الأخيرة. ويقول ميتش لو، من «جامب ستارت أوتوموتف ميديا» المسؤولة عن الإعلانات في 12 موقعَ سياراتٍ أنه لا يوجد أيُّ تراجع من ناحية الإنفاق على الإعلانات التي تصل إلى الجمهور على نحو جيد. واشترت «هاتشيت فيليباتشي ميديا» شركة «جامب ستارت» العام الماضي مقابل 110 مليون دولار. ويقول المحلل البارز في شركة «إيماركتر» ديفيد هالرمان إن الفترة الراهنة هي فترة ازدهار الشبكات الإعلانية على مواقع الإنترنت. ولكنه أوضح أن من غير المحتمل أن يستمر عدد كبير من هذه الشبكات في العمل. كما أن استمرار تدفق الدولارات على مثل هذه الخدمات يعني أن الأسعار سوف ترتفع. ولكن، سيقلل الاعتماد على الشبكات الإعلانية من عنصرين من عناصر الجذب الأساسية في هذه الشبكات، وهما البساطة والتكلفة الأرخص.

ويقول تاونسند إن عملاءه كانوا سعداء بالحملة التي قاموا بها ويريدون منه أن يقوم بحملة مشابهة. وهم يريدون منه كذلك توجيه ضربة أقوى لهذه الشبكات. ويضيف تاونسند «فكرنا في الأمر، وبهذا القدر من المال، يمكننا أن نحقق نتائج أفضل من التي قمنا بها».

* خدمة «نيويورك تايمز»