الفجوة تتسع بين «القاعدة» وحلفائها

انتقادات بسبب العمليات الانتحارية والعداء للتنظيمات الفلسطينية

TT

يقول مسؤولون في المخابرات الأميركية وخبراء في محاربة الإرهاب، إن تنظيم «القاعدة» يواجه انتقادات حادة متنامية من قبل بعض من كانوا يتعاطفون معه وأصبحوا الآن يشككون بمنهجه والوسائل التي يتبعها، مثل الهجمات التي يُقتل فيها مسلمون أبرياء. وهناك مشاعر استياء ضد تنظيم «القاعدة»، الذي يتزعمه أسامة بن لادن، والتنظيمات التابعة له في العراق وشمال أفريقيا، بسبب لجوئهم للعمليات الانتحارية، بدلا من العمل السياسي، والدعم الضعيف الذي يقدمه التنظيم للمجموعات المسلحة التي تخدم القضية الفلسطينية، أو العداء الظاهر الذي يُكنّه للبعض من هذه المجموعات. وقد تزايدت حدة هذه الانتقادات بشكل كبير، مما دفع أيمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم، إلى الطلب ممن لديه تساؤل بطرحه عن طريق شبكة الإنترنت، وقد أجاب على هذه الأسئلة في تسجيل صوتي مدته 90 دقيقة، ظهر هذا الشهر، وفيه حاول الظواهري تخفيف حالة الغضب. وكان الظواهري قد أصدر في مارس (آذار) الماضي كتابا يبلغ عدد صفحاته 188 صفحة يفند فيه العديد من الادعاءات ضد التنظيم، لاسيما قول مسلح إسلامي سابق إنه يجب محاسبة الظواهري وبن لادن بسبب العنف الذي يُرتكب ضد المسلمين. وكان سيد إمام شريف الذي يعرف باسم الدكتور فضل، وهو طبيب مصري كان في السابق منظرا بارزا في تنظيم «القاعدة»، وأحد المقربين من الظواهري، قد أصدر مراجعات فكرية في هذا الإطار من سجنه في مصر. كما استنكر العديد من رجال الدين البارزين ومسلحين سابقين ما يقوم به تنظيم «القاعدة». وقد بدأ هذا الخلاف منذ عدة سنوات، ولكنه تزايد في الفترة الأخيرة على شبكات الإنترنت وفي بعض الدول العربية. وهاجم البعض العديد من قيادات «القاعدة»، ومن بينها أسامة بن لادن نفسه وأيمن الظواهري، ما حدا بابن لادن إلى طلب الصفح من أتباعه بسبب مقتل بعض المدنيين في العراق. وهناك وجهات نظر متباينة لمحللين بوكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة وبعض الدولة الحليفة حول ما إذا كانت ردود الفعل هذه تمثل خطرا كبيرا على تنظيم «القاعدة»، أم أنها مجرد مشكلة في علاقات التنظيم العامة. ويقول مسؤول أميركي في مجال محاربة الإرهاب، إن التنظيم يتوسع وهناك أعداد جديدة تنضم إليه. ويرى متخصصون في الاتصالات على شبكة الإنترنت وبعض أجهزة المخابرات الأخرى، أن رسالة التنظيم المضادة لأميركا ما زال لها صداها في آذان العديد من المتطرفين في الكثير من بلاد العالم الإسلامي. ويسعى التنظيم إلى استخدام مجموعات إقليمية ليزيد من قوته وقاعدته. من جانبه، قال جوان كارلوس زارات، نائب مستشار الأمن القومي لشؤون مكافحة الإرهاب بالبيت الأبيض: «نعلم أن كل هذا يهم تنظيم القاعدة وأنه من السهل التأثير على قيادات التنظيم التي تولي اهتماما كبيرا لصورتها، لأن هذا يؤثر على المنضمين الجدد والتبرعات والدعم الذي تقدمه المجتمعات الإسلامية والدينية لتنظيم القاعدة».

ويسوق المسؤولون الأميركيون العديد من الأدلة، ومن بينها تقارير مخابراتية وبيانات لقيادات «القاعدة» واستبيانات، وحتى بعض الأغاني لبعض العازفين الباكستانيين والإندونيسيين. وكان رجل الدين السعودي البارز سلمان العودة قد أرسل خطابا مفتوحا إلى بن لادن في سبتمبر (أيلول)، استنكر فيه ممارسة العنف ضد الأبرياء، وأشار العودة إلى أن «القاعدة» تضر ببعض المؤسسات الخيرية الإسلامية بعلاقتها معها. وقال العودة في خطابه: «الأخ أسامة، كم من الدماء سكبت؟ وكم من الأبرياء، منهم أطفال وشيوخ وعاجزون ونساء، قتلوا أو شردوا باسم القاعدة؟ من يستفيد من تحويل بعض الدول مثل المغرب والجزائر ولبنان والسعودية إلى أماكن يسود فيها الخوف ولا يشعر فيها أحد بالأمان؟».

وكان الظواهري قد قال في التسجيل الصوتي إن هذا التسجيل هو الأول بين العديد من «الاجتماعات المفتوحة»، وأجاب على العديد من التساؤلات، الكثير منها بخصوص قيام تنظيم «القاعدة» بقتل الأبرياء، ومنهم الطلاب الذي قتلوا في هجوم بالقنابل وهم يستقلون إحدى الحافلات في الجزائر في شهر ديسمبر (كانون الأول). وتساءل شخص، قال عنه الظواهري إنه مدرس جغرافيا: «هل تعتبر قتل النساء والأطفال ضربا من الجهاد؟».

وغالبا ما تحيل إجابات الظواهري المتسائلين إلى كتابه «التبرئة»، الذي أصدره أخيرا، ومن خلاله يفند ما قاله سيد إمام. ويعتقد الظواهري أن سيد إمام قد أُجبر على نقد «القاعدة». ولكن سيد إمام نفى ذلك. ويرى فرانك سيلوفو، وهو مسؤول سابق بالبيت الأبيض في مجال محاربة الإرهاب ومدير معهد سياسات الأمن الداخلي بجامعة جورج واشنطن، أن هذه الانتقادات ستقوض تنظيم «القاعدة». وأضاف فرانك: «بدأ الناس يطرحون الكثير من التساؤلات الصعبة، ولذا سيخسر التنظيم شعبيته، فالأمر لم يعد محصورا في المفكرين، بل بين الأعضاء العاديين في التنظيم». وكانت أول بوادر هذا النزاع في العراق، عندما قام أمير تنظيم «القاعدة» هناك، أبو مصعب الزرقاوي، بقتل العديد من المسلمين الشيعة والسنة، وقيل إن الظواهري قد وجّه إليه خطابا عام 2005 يطلب منه التوقف عن هذه الممارسات. بيد أن العنف استمر بعد أن قامت القوات الأميركية بقتل الزرقاوي عام 2006، مما دفع الغاضبين من أهل السنّة الى تشكيل مجالس تضم متطوعين بدعم من الولايات المتحدة لمحاربة المقاتلين الأجانب الذين ساعدوا في تشكيل تنظيم «القاعدة» في العراق. وفي اليمن، هناك خلاف بين أعضاء «القاعدة» حول الممارسات العنيفة التي يقوم بها بعض المقاتلين الشباب، ومنها التفجير الانتحاري في يوليو (تموز)، الذي قتل فيه سبعة سياح إسبان ويمنيان اثنان.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز»