مستشار الرئيس الجيبوتي لـ«الشرق الاوسط»: نزعنا فتيل حرب مع إريتريا

نجيب الطاهر قال إنه لا يعرف سبب توغل قوات أسمرة داخل أراضي بلاده قبل أيام

TT

كشف مسؤول جيبوتي رفيع المستوى، النقاب عن أن بلاده تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية، من نزع فتيل أزمة حدودية خطيرة مع اريتريا، كادت تؤدي إلى حرب حدودية جديدة بين البلدين.

وقال نجيب علي طاهر المستشار السياسي للرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة الجيبوتية، إن قوات اريترية مسلحة انسحبت قبل يومين من المنطقة الحدودية بين البلدين، بعدما كانت قد توغلت فيها بشكل مفاجئ مؤخرا. وأوضح نجيب أن الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، أجرى قبل هذا الانسحاب اتصالاً هاتفيًا مع نظيره الأريتري أسياس أفورقي، اتفقا خلاله على معالجة الخلافات الحدودية بشكل ثنائي وسلمي عبر الجلوس إلى مائدة المفاوضات.

يشار إلى أن نزاعًا حدوديًا دار في الماضي بين جيبوتي واريتريا المتجاورتين في منطقة القرن الأفريقي، حول هذه المنطقة الواقعة على أبواب البحر الأحمر. وقال مستشار الرئيس الجيبوتى لـ«الشرق الأوسط» إنه سادت خلال الاتصال الهاتفي بين جيلة وأفورقي روحا من التفاهم والحرص على العلاقة الطيبة بين البلدين، واتفقا على أن أي سوء تفاهم حدودي تجب معالجته بالطرق السلمية.

وعقد وفدان عسكريان من جيبوتي واريتريا أول من أمس اجتماعا لهما في المنطقة الحدودية المتنازع عليها لدراسة الخرائط الحدودية، وإنهاء الخلاف بشكل دائم. وكان الرئيس الجيبوتي قام على رأس وفد سياسي وعسكري بتفقد المنطقة الحدودية ظهر يوم الثلاثاء الماضي، لكي يرى الأمور على الطبيعة بعد انسحاب القوات الاريترية. وأكد نجيب لـ«الشرق الأوسط» أن المنطقة الحدودية باتت الآن خالية من القوات، موضحًا أن القوات الجيبوتية تسيطر الآن على الموقف من المناطق الخاضعة لها على الحدود الثنائية.

وأضاف: «كان الوضع خطيرا، جيبوتي حركت قوات وطلبت من القوات الاريترية الانسحاب، وكانت هناك مساع دبلوماسية غير معلنة لاحتواء الموقف، وضمان عدم فلتان الأمور». ولفت مستشار الرئيس الجيبوتي إلى أنه ليس من المعروف تماما دوافع توغل القوات الاريترية في أراضي جيبوتي، لكنه أشار إلى أنه يمكن أن يكون هذا التوغل جزءا من تحركات القوات الإثيوبية والاريترية في المنطقة الحدودية التي تشبه المثلث بين الدول الثلاثة. وأوضح أنها ليست المرة الأولى التي تتوغل فيها قوات اريترية إلى الأراضي الجيبوتية، فقد حدث ذلك عدة مرات في السابق، وتمت معالجته بشكل ثنائي، مؤكدا أن اريتريا ادعت ملكيتها للمنطقة الحدودية خلافا للحقيقة.

وقال نجيب طاهر، إن السلطات الجيبوتية لم تعرف بالأمر إلا بعد أيام من وقوع هذا التوغل، ولكنه شدد في المقابل على أن الموقف بات الآن تحت سيطرة القوات الجيبوتية. وأضاف: «عدة أمتار كانت تفصل فقط بين القوات الاريترية والجيبوتية، وكان يمكن أن تندلع حرب حدودية، ولكن، حمدا لله، تمكنا من احتواء الموقف ونزع فتيل هذه الأزمة». وأكد نجيب أن القوات الاريترية انسحبت بالفعل وعادت إلى مواقعها داخل الأراضي الاريترية، من دون حدوث أية اشتباكات مسلحة بين الطرفين.

وقال الآن نتجه لعقد مفاوضات ثنائية لإنهاء هذا الموضوع بين البلدين عبن طريق الحوار السياسي، مضيفا «المهم أن تكون الحدود آمنة، نحن لا نريد بقاء أية قوات بجوارها ونحافظ على العلاقات الأخوية». وكانت قوات نظامية تابعة للجيش الاريتري قد دخلت قبل نحو ثلاثة أيام بشكل مفاجئ أراضي جيبوتي في منطقة دميرة الحدودية (شمال) وبدأت في نشر نظام دفاعي.

وتحدثت مصادر جيبوتية عن حفر هذه القوات لخنادق وإقامة متاريس، قبل أن تقوم القوات الفرنسية المتمركز في جيبوتي، بناء على طلب من حكومتها بعملية استطلاع لحجم القوات العسكرية الاريترية. ووفقا لبيان رسمي تلاه محمود علي يوسف وزير الخارجية الجيبوتي في مؤتمر صحافي عقده في عاصمة بلاده، فإن القوات الجيبوتية سارعت باستكشاف مبررات الوجود العسكري الاريتري، قبل أن تتم سلسلة من الاتصالات السياسية والدبلوماسية المكثفة لاحتواء الموقف. وقال يوسف إن سلطات إقليم أبخ، رصدت حفريات كانت تقوم بها الحفارات الإريترية منذ أسابيع عدة، مضيفاً أن هذه الحفارات تخطت الحدود بعد ذلك، وواصلت حفرياتها داخل الأراضي الجيبوتية، وبالتحديد فوق سفح راس دوميرا الذي يمر عبره الرسم الحدودي الفاصل بين البلدين.

وأكد في الوقت ذاته، أن القوات المسلحة الجيبوتية تحركت على الفور وتوجهت إلى مكان الحادث لتقصي الحقائق، لافتا إلى أنه تم رصد جنود مسلحين مرابطين على الجانب الآخر من راس دوميرا، وخندق على طول قمة التل وأعمال أخرى تتعلق بملء الخور الموجود في الموقع. وقال إن قوات بلاده أخذت مواقعها فوق كل راس دوميرا، فيما بذلت حكومة بلاده حتى الآن، جهوداً مضنية بغية إيجاد حل سلمي للخلاف. وأضاف: «هذا هو الطريق الذي اختاره الرئيس الجيبوتي حفاظاً على علاقات الصداقة والتعاون القائم بين البلدين، وشدد على أن الاتصالات السياسية ستتواصل بغية تجاوز الأزمة العارضة في علاقات البلدين بشكل نهائي». وأعادت هذه الأزمة الأخيرة إلى الأذهان اقتراب جيبوتي واريتريا في شهر ابريل (نيسان) عام 1996 من وقوع نزاع مسلح بعد اتهامات وجهها مسؤول جيبوتي لأسمرة، بقصف منطقة راس دوميرا الحدودية. وخلال عام 1999 اتهمت اريتريا، التي كانت في حرب مع إثيوبيا، جيبوتي بالانحياز لصالح الإثيوبيين، بينما اتهمت جيبوتي من جهتها أسمرة بدعم متمردي الجبهة الثورية الموحدة وبأن لها مطامع في منطقة راس دوميرا، وهو ما تنفيه اريتريا.