أميركا: بدائل معيشية للخروج من الأزمة الاقتصادية

الأكل في المنزل بدل المطاعم ومزيد من السباغيتي وقليل من اللحم الأحمر

طبق من المعكرونة المطبوخة مع المأكولات البحرية (أ.ب)
TT

يجد الأميركيون الذين ترهقهم زيادة اسعار البنزين والأغذية طرقا مبتكرة لتقليص التكاليف حول المواد الروتينية، مثل مواد البقالة والملابس، مما يرغم باعة التجزئة والمطاعم وشركات التصنيع على ترجمة أذواق الجمهور المتحول على نحو مفاجئ.

وتظهر معلومات الانفاق والمقابلات التي أجريت في مختلف انحاء البلاد، أن مستهلكي الطبقتين الوسطى والعاملة بدأوا بالانتقال من الماركات الشهيرة الى بدائل أرخص، وتناول الطعام في البيت بدلا من الخارج والسفر جوا في الساعات غير المعتادة من أجل تقليص الانفاق على تكاليف السفر. وعلى الرغم من أن هذه المساومات التي يقومون بها تبدو صغيرة، حيث المزيد من الباستا والقليل من اللحم الأحمر، والكثير من استئجار الفيديو مقابل القليل من بطاقات السينما، فانها ترقى الى مستوى تحول مهم في سلوك المستهلك.

وفي اوهايو تستبدل هولي لفيتسكي حساء اللوكي تشارمز في مطبخها بحساء ملفيل مارشمالو آند ستارز، وهي ماركة أرخص سعرا. وفي نيوهامبشاير لم يعد جورج غوليت يحجز غرف فندق في الهيلتون، مفضلا عليه «هامبتون إن» الأقل سعرا. وفي مشيغان تشتري جنيفر مسحوق الغسيل «غير» بدلا من تايد الأعلى سعرا.

وخلف التقشف، ومقايضة الماركة، يقف التصادم بين قوى اقتصادية عديدة تؤثر على ميزانيات الناس. كما ارتفعت أسعار الحاجيات الضرورية للأسرة حيث بلغ سعر الغالون من الحليب اربعة دولارات في الكثير من المحلات ووصل سعر البنزين العادي الى 3.60 دولار على مستوى البلاد.

وهبطت اسعار البيوت وتعاني الأجور من الركود، ويزداد فقدان الوظائف وانخفض مؤشر ستاندارد اند بورز، وهو معيار واسع لاداء البورصة، بنسبة ستة في المائة في العام الماضي. ولهذا فان المستهلكين يمرون بحالة حمية من الركود.

وتؤكد أرقام مبيعات التجزئة واستطلاعات آراء المستهلكين أن الأميركيين يتوجهون الى المواد الأرخص سعرا سواء كان ذلك في المقهى أو المطار.

ففي مارس (اذار) الماضي أنفق الأميركيون اقل على ملابس النساء (بنسبة 4.9 في المائة) والأثاث (بنسبة 3.1 في المائة) والسلع الفاخرة (بنسبة 1.3 في المائة) وبطاقات السفر جوا (بنسبة 1.1 في المائة) بالمقارنة مع العام السابق وفقا لمؤشر ماستركارد للانفاق، وهو مؤشر يقيس الانفاق على 300 مليون من مستخدمي بطاقة ماستركارد وتقدير المبيعات مع البطاقات الأخرى.

وافادت تقارير وال – مارت بمبيعات أكثر من المعتاد لزبدة الفول السوداني والسباغيتي، بينما عانت مطاعم مثل دومينوز بيتزا وروبي تيوزداي من هبوط في الطلبات، مما يشير الى ان كثيرا من الأميركيين يميلون الى الوجبات المعدة في البيت والرخيصة السعر.

وقال مايكل ماكنمارا، نائب الرئيس لشؤون البحث والتحليل في مؤسسة ماستركارد، ان «الناس بدأوا في تحويل اتجاه الانفاق كما لو أننا نعاني من ركود». عرضت هذه المساومة بشكل حيوي الأسبوع الماضي في أوهايو، حيث ظلت التسريحات من العمل سائرة على قدم وساق. ففي محل للأغذية يحمل عنوان «وفِّر كثيرا» في مدينة كليفلاند، وبخت تريزا روثرفورد، 51 سنة، صديقتها دونا دوناواي، 44 سنة، لشرائها سلة من اللحم المقدد من ماركة سارة لي (2.49 دولار لثمانية أونصات). وقالت: «نحن لا نستطيع تحمل ذلك. اشتري النوعية الرخيصة»، ثم اتفقا على شراء نوعية أخرى وزنها 16 أونصة مقابل 3.29 دولار.

وقالت المرأتان إن ارتفاع الأسعار للطعام والوقود غير ما اعتادتا عليه من شراء مواد غذائية ومن أين يجب شراؤها. وقالت روثرفورد: «كنا نأكل في مطاعم مثل مطعمي بوب ايفانز أو دني مرة في الشهر. والآن نحن لا نخرج أبدا».

لكن زيادة الأسعار لا تشمل سلعا مثل سلع الالكترونيات، فالتلفزيونات ذات الشاشة المسطحة أو أجهزة العاب الفيديو هي الأخرى في طور الزيادة، حسبما قال باعة المفرد ومراكز البحوث.

وأدى هبوط الأسعار لسلع من هذا النوع مع الأجل النهائي الذي وضعته الحكومة للتحول نحو التلفزيون الرقمي إلى جعل الاستثمار في مجال التكنولوجيا ناجحا. ففي مستودع بيست باي في ساوثفيلد كان المهندس الميكانيكي جيمس سزيكلين 28 سنة، يبحث عن تلفزيون ذي صورة عالية من حيث الوضوح، ويتوقع أن يكلف جهاز من هذا النوع ما لا يقل عن 2000 دولار، وهو يرى هذا السعر معقولا «لأننا سنتمكن من مشاهدة الأفلام في البيت». وأوضح استطلاع للرأي قامت به هذا الشهر مؤسسة البحوث «إن دي بي غروب» أن المستهلكين أشاروا إلى أنهم سيقلصون قريبا من تكاليف الملابس والأثاث والأكل في المطاعم أكثر من تقليل المصاريف على ألعاب الفيديو.

واكتشف العاملون في «هوم ديبوت» مستودع السلع المنزلية أن بعض الأنواع من المغاسل الرخيصة بدأت تباع بشكل واسع فجأة. ويعتقد بعض المسؤولين في هذا المستودع أن ذلك يعود لأن المستهلكين بدأوا يكرهون إنفاق المال على تجديد المطبخ أو على سقف جديد، وهم يفضلون الآن شراء حمامات رخيصة. كذلك وجد مستودع آخر متخصص في بيع السلع ذات العلاقة بتحسين البيوت أن هناك توجها واسعا لاستخدام مواد العزل وأجهزة التنظيم الحراري المبرمجة من أجل تقليل تكاليف الفواتير.

* خدمة «نيويورك تايمز»