أعلنت شركة عقارات الاماراتية امس ان المستثمرين الآسيويين ضخوا في القطاع العقاري الاماراتي أكثر من 9 مليارات درهم (2.4 مليار دولار) خلال الربع الاول من العام الماضي وحتى الربع الاول من العام الحالي. وقالت شركة بنيان الدولية للاستثمار ومقرها دبي إن القطاع العقاري في الامارات مقبل على مزيد من النمو في الفرص الاستثمارية، حيث يسعى المستثمرون القادمون من الهند وباكستان وإيران للاستثمار في العقارات السكنية والتجارية والمتعددة الاستخدام ضمن المشاريع العقارية الأكثر جذباً في البلاد. وتستعد بنيان لاستثمار 2.7 مليار دولار في مشاريع عقارية جديدة في الامارات خلال السنوات الثلاث المقبلة وفقا لرئيسها التنفيذي عبد الله عطاطرة. وبنيان ليست الشركة الوحيدة التي لا تزال متفائلة بتحقيق ارباح كبيرة من العقار في الامارات وخاصة في دبي وابوظبي اللتين أصبحتا أسخن بؤرتين عقاريتين في منطقة الشرق الاوسط برمتها. ويشهد السوق العقاري في الإمارات نمواً ملحوظاً، حيث تتميز بموقع جغرافي استراتيجي وقطاع اقتصادي مزدهر، بالإضافة إلى اعتمادها للإجراءات التنظيمية الملائمة للمستثمرين.
ولا يبدو أن أزمة الائتمان العالمية التي هزت الاسواق العالمية في اغسطس (آب) من العام الماضي كنتيجة مباشرة لفضيحة القروض العقارية السيئة في الولايات المتحدة التي يتوقع ان تتجاوز خسائرها 900 مليار دولار، لا يبدو ان لها ظلالا سيئة على المشهد العقاري الاماراتي. ورغم ان ارتفاع اسعار المواد الاساسية في الاسواق العالمية ومنها اسعار مواد البناء كالاسمنت والحديد مثلا، ألقى بظلال ثقيلة على قطاع الانشاءات في البلاد، إلا ان ذلك قاد من جهة اخرى الى رفع أسعار العقارات القائمة من جديد نتيجة التوقعات بتأخر دخول وحدات سكنية وتجارية جديدة الى السوق. وقد شهد القطاع العقاري في الامارات العام الماضي تحولات نوعية اعادت الثقة اليه بعد موجة من التكهنات بقرب وصوله الى عتبة التشبع وتوقف النمو.
كما برزت امارة ابوظبي على الخارطة العقارية من خلال خطط ومشاريع عقارية ضخمة لتقود الثورة العقارية الثانية في الامارات التي كانت دبي قد أشعلتها في بداية العقد الحالي. ويكون القطاع العقاري ما بين 9-10 في المائة من اجمالي الدخل القومي للامارات، فيما تشكل القروض العقارية 3.5% من اقتصاد البلاد مقارنة بـ20% في الاقتصادات المتقدمة، فيما يتوقع ان تقفز النسبة في الامارات الى 11% بحلول 2012. وفي وقت سابق من العام الحالي، حررت أبوظبي سوق العقارات وسمحت بوجود سوق حرة لأول مرة، فيما سبق كانت الحكومة تمنح الناس أراضي بقروض ميسرة لإنشاء مساكنهم عليها، لكن بيع الأراضي كان محدوداً. الآن أنشأت الحكومة شركتين وحصلتا على أراض لتطوير المشروعات عليها. ويرى خبراء أن الحاجة لتطوير قطاع العقارات في أبوظبي جاءت استجابة للزيادة المضطردة في عدد السكان والنقص في المساحات السكنية والتجارية، مضيفين أن هذا التطور الهائل في قطاع الإنشاء عائد إلى الاستثمارات الكبيرة التي ساهمت بشكل أو بآخر في دعم التنوع الاقتصادي ودعم حركة النمو في الإمارة مستقبلا.
وكشفت ابوظبي عن العديد من المشاريع العقارية الضخمة قيد التنفيذ في الإمارة بما في ذلك مشروع تطوير شاطئ الراحة والذي تبلغ كلفته 53.94 مليار درهم ومشروع تطوير جزيرة الريم والذي تبلغ كلفته 34.86 مليار درهم ومشروع توسعة مطار أبوظبي الدولي تبلغ قيمته 24.9 مليار درهم، وذلك إضافة لعدة مشاريع أخرى مثل مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد ومشروع شمس أبوظبي الذي تعمل عليه شركة صروح العقارية وغيرها من المشاريع التي تم الإعلان عنها. ورافقت هذه الموجة الثانية في ابوظبي تحذيرات من مصارف ومؤسسات استثمارية من تباطؤ نمو القطاع العقاري وخاصة في دبي لدرجة ان تقارير تحدثت عن تصحيح سعري للعقارات بنهاية العام الماضي نتيجة موجات بيع للوحدات السكنية بسبب هبوط معدلات اشغالها مع دخول المزيد من الوحدات للسوق وخاصة في امارة دبي التي تعد أنشط الاسواق العقارية في المنطقة. وتوقعت المجموعة المالية ـ هيرميس حدوث هبوط في معدلات إشغال العقارات بسبب عمليات البيع الكبيرة التي سيقوم بها من سبق أن اشترى دون تخطيط، مفضلا البيع على المخاطرة بالاحتفاظ بمسكن فارغ في سوق ضعيفة نسبياً. وحذر البنك من ان يفرض هذا السلوك ضغوطاً تدفع نحو هبوط أسعار العقارات، مما ينتج عنه حركة تصحيحية للسوق في عام 2008، مع توقع البدء في انخفاض الأسعار قليلا أواخر عام 2007، وهو ما لم يحدث الى الآن في نهاية الربع الاول من عام 2008، بل على العكس شهدت الاسعار ارتفاعات اضافية نتيجة تصاعد الطلب وأزمة شح مواد البناء، مما يعني تباطؤ العمليات الانشائية للوحدات الجديدة وبالتالي تأخر دخولها للسوق.
ولا تزال دبي نقطة ارتكاز أساسية للقطاع العقاري في الامارات بعد ان نجحت خلال سنوات قليلة من البروز على المشهد العقاري العالمي.
ويقول ستيف برايس رئيس قسم الدراسات والأبحاث لدى بنك «ستاندرد تشارترد» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن حجم المشاريع قيد البناء في الإمارة في الوقت الحاضر يصل إلى ما يزيد على 20 مليار دولار، مضيفاً أن قطاع البناء والتشييد در في العام الماضي ما يعادل 24.2% من اجمالي الناتج المحلي لدبي مقابل 4.9% هي اسهام قطاع النفط. وقالت مجموعة اوكسفورد للأعمال، إن الحكومة هي في واقع الأمر المحرك الحقيقي لهذه النهضة العمرانية؛ فشركة «نخيل» مملوكة بالكامل لحكومة دبي وهي أيضاً المسؤولة عن أبرز مشاريع تطوير ساحل دبي ومنها كما سبق ذكره مشاريع النخلة والعالم وواجهة دبي المائية الذي يتضمن تطوير قطعة أرض أكبر من مدينة مانهاتن الأميركية وبناء مدينة متكاملة عليها. وقالت «نخيل» إن مشروع واجهة دبي المائية باكتماله خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2015 سيكون آخر مشاريع تطوير ساحل دبي. وعلى الرغم من غياب الأرقام الرسمية، إلا أن خبراء قطاع العقارات في دبي يقدرون حجم الوحدات السكنية الجديدة التي ينتظر دخولها إلى السوق قبل عام 2010 بما يتراوح بين 150 و280 ألف وحدة. ويرى البعض أن الحجم الهائل للعقارات المنتظر طرحها أثار المخاوف لدى البعض من احتمال تشبع السوق إلى درجة تنهار معها الأسعار التي تواصل حالياً النمو والارتفاع بشكل ملحوظ، بيد ان الحكومة تعتمد في طموحاتها العقارية على النمو المستمر في عدد سكانها والذي يتراوح معدله بين 10 و15%. وأغلبية شركات التطوير العقاري في دبي مقتنعة تماماً بأن عدد سكان الإمارة سوف يتضاعف إلى ما يزيد على 2 مليون نسمة بحلول عام 2010 ليصل إلى 4 ملايين عام 2020.وأكد عبيد جنيد المدير التنفيذي لشركة «اي تي ايه» للتطوير العقاري: «أن الشركات لا تقوم بتنفيذ مشاريعها العقارية استناداً إلى عدد السكان الحالي، فنحن على ثقة في قدرة دبي على استقطاب المزيد من السكان في السنوات القليلة المقبلة». وقال ايه جيه جناتان الرئيس التنفيذي السابق لشركة إعمار: «قبل 3 سنوات عندما قمنا ببيع 5000 وحدة سكنية، تساءل المشككون من أين سيأتي العدد الكافي للإقامة في هذه العقارات، ووقتها توقعنا أن يحدث تصحيح في الأسعار، لكننا لم نواجه هذا التصحيح إلى اليوم». ويرافق الطفرة العقارية نمو في قطاع تمويل شراء المنازل الذي شهد خلال 2007 نموا قويا مع تزايد الطلب والذي شجع مؤسسات مالية عديدة على دخول هذا القطاع المربح.