إسرائيل تقوم بـ«حلاقة» مناطق التماس مع غزة تمهيداً لعمل عسكري كبير وتكريساً للحزام الأمني

ملحقة مزيداً من المعاناة بأصحاب المزارع الحدودية

فلسطينيون يتظاهرون امام مقر وكالة غوث اللاجئين في مدينة غزة احتجاجا على توقف الخدمات التي تقدمها, أمس (ا ف ب)
TT

كل مظاهر السخط كانت بادية امس على محيا مصطفى غراب، 40 عاما. فما كان يراهن عليه هذا المزارع الفلسطيني في قطاع غزة، لتحسين وضع اسرته المادي المتهاوي تبخر بين عشية وضحاها. فقد استيقظ غراب وأفراد عائلته الذين يقطنون في منطقة «قوز ابو حمام»، شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، على هدير جرافات الجيش الاسرائيلي وهي تقوم بتجريف مزرعة النحل الكبيرة التي أقامها حول منزله. وكان مصطفى ينتظر على أحر من الجمر انتهاء ابريل (نيسان) الجاري لكي يجني العسل من مزرعته. فهذا المزارع الذي لم يستطع فلاحة بقية أرضه بفعل تدهور اوضاعه الاقتصادية، كان يراهن على ناتج العسل. لم يكن السخط من نصيب مصطفى وحده، فقد قامت الجرافات الاسرائيلية ايضا بتدمير وتجريف كل شيء تقريباً في المنطقة من كروم الزيتون واللوز والعنب ومزارع الدواجن والبقر، وآبار المياه الارتوازية. والعارف لهذه المنطقة التي كانت من مناطق القطاع القليلة التي احتفظت بخضرتها ومناظرها الطبيعية، فأنه لن يعرفها، بعد أن تغيرت معالمها وتحولت الى اراضٍ جرداء.

في نفس الوقت، قامت الجرافات الاسرائيلية التي تعمل تحت حماية الدبابات وطائرات الهليكوبتر التي تحلق على ارتفاع منخفض، ببناء سواتر ترابية على الشوارع التي تربط المنطقة بالخط الفاصل بين القطاع واسرائيل. وما تم في «قوز ابو حمام»، تم تقريباً في نفس الوقت في غيرها من مناطق التماس الحدودية، مثل قريتي ابو العجين، والقرارة، اللتين تقعان الى الشمال من مدينة خان يونس، جنوب القطاع.

وقال شهود عيان في المنطقة التي لا تزال القوات الاسرائيلية تواصل فيها عمليات التجريف لـ«الشرق الاوسط»، إن عمليات التجريف هذه تمكن المرء من مشاهدة شاطئ البحر والمنازل التي تقع بجانبه.

واكدت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن قيام القوات الاسرائيلية بـ«حلاقة» المناطق الحدودية، التي جميعها من المناطق المرتفعة، وتشرف على مجمل السهل الساحلي في القطاع، يأتي في اطار استعداد اسرائيل لشن عمليات عسكرية كبيرة ضد القطاع مستقبلاً، الى جانب تقليص قدرة عناصر حركات المقاومة على التسلل والاقتراب من تجمعات الجنود الاسرائيليين الذين ينتشرون قرب الخط الفاصل. واضافت المصادر «مَنْ يستطيع السيطرة على هذه المناطق بإمكانه اتخاذها نقاط انطلاق للتوغل في بقية مناطق القطاع حتى وصول التجمعات السكانية ذات الكثافة العالية».

واكدت المصادر أن التحصينات الترابية التي اقامها جيش الاحتلال في المنطقة تأتي لخدمة الوحدات الخاصة التي تتوغل في المنطقة بين الفينة والاخرى لتنفيذ عمليات اختطاف وتصفية. واوضحت أن إسرائيل استكملت عملياً إقامة حزام امني بعمق كيلومترين في قلب قطاع غزة من دون أن تعلن عن ذلك. وشددت المصادر على أن الرسالة التي يحاول الجيش الإسرائيلي نقلها للجمهور الفلسطيني في مناطق التماس أن كل من يتحرك في المنطقة سيكون مصيره الموت. واشارت الى أن اسرائيل تواصل جمع المعلومات الاستخبارية عبر عمليات الاعتقال الجماعي التي تقوم بها، حيث يتم اخضاع المعتقلين لعمليات تحقيق قاسية والضغط عليهم للإدلاء بمعلومات حول تحركات المقاومة في مناطق سكناهم.