كابل: الرئيس كرزاي ينجو من محاولة اغتيال بصواريخ طالبان

مئات العسكريين والمسؤولين يلوذون بالفرار من المنصة

جنود مشاركون في العرض العسكري، اثناء محاولتهم الفرار من صواريخ طالبان، التي استهدفت الرئيس كرزاي (رويترز)
TT

نجا الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمس، من هجوم بالصواريخ، نفذته حركة طالبان خلال عرض عسكري في كابل، وأسفر عن قتيل و11 جريحا، بحسب مصادر رسمية.

وقال مسؤول في القصر الرئاسي، انه تم اجلاء الرئيس كرزاي و«لم يصب بأذى». وأعلنت طالبان عن مسؤوليتها عن الاعتداء، مؤكدة انها ارادت استعراض قوتها، ونفت ان تكون استهدفت هدفا محددا.

وبحث كرزاي ووزراء وأمراء حرب سابقون ودبلوماسيون وفرقة الموسيقى العسكرية، عن مكان يحتمون به، بعد سماع صوت أعيرة نارية أثناء الاحتفال بيوم الجيش الأفغاني. وقالت مصادر رسمية، إن أعضاء في الحكومة الأفغانية وسفراء أجانب، بينهم السفيران الأميركي والبريطاني، والرجل الثاني في الامم المتحدة في افغانستان، وعشرات البرلمانيين والمسؤولين العسكريين، ارتموا ارضا او لاذوا بالفرار لدى وقوع الهجوم، ولم يصابوا بأذى. وكان السفير البريطاني السير شيرارد كوبر ـ كولز، يقف في الصف الاول على المنصة، الى جانب المبعوث الاميركي في كابل. وقال لرويترز: «مع نهاية الإحدى والعشرين طلقة، تحية من المدفعية، شاهدت انفجارا وسحابة من الغبار على يسار العرض العسكري، ثم سمعت فرقعة نيران اسلحة صغيرة من جميع الاتجاهات. وبعد فترة تردد جذبني حارسي الشخصي من الخلف بقوة، ودفعني الى الامام بعيدا».

وقال متحدثون، ان جميع اعضاء الحكومة والدبلوماسيين الاجانب الذين كانوا يحضرون الاحتفال الى جانب الجنرال الاميركي دان مكنيل قائد القوات الدولية في أفغانستان بخير. ويبدو ان اطلاق النار من طالبان، جاء من مبنى يقع على بعد مئات الامتار من موقع العرض، وهو طريق مغلق للعروض الرسمية، به منصة على احد جانبيه وهو قريب من القصر الرئاسي. وافاد شاهد لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن رصاصات ارتدت الى المنصة، حيث جلس كرزاي والشخصيات الأخرى. كما سمع اطلاق نار من اسلحة اوتوماتيكية ودوي عدة انفجارات، بحسب شهادات جمعتها الوكالة. وقتل زعيم قبلي كان بين الحشد، فيما اصيب 11 شخصا بجروح، من بينهم «نائبان أو ثلاثة نواب افغان»، بحسب الناطق باسم وزارة الدفاع الجنرال محمد ظاهر عظيمي. وأعلن كرزاي عبر التلفزيون عن توقيف بعض من مرتكبي الاعتداء. وقال «لحسن الحظ ان قوات الأمن الافغانية حاصرتهم بسرعة». واضاف «تم القبض على بعض منهم».

واعلن الرئيس الافغاني في بيان، انه امر السلطات بالتحقيق بـ«شكل جدي وعاجل» لتحديد ملابسات الحادث. واضاف «ان قوى الجيش والشرطة تحفظ الأمن في المدينة، والوضع تحت السيطرة». وعلى الفور، اعلنت حركة طالبان مسؤوليتها عن الهجوم، مشيرة الى ان ثلاثة من مقاتليها سقطوا فيه.

وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد «نحن مسؤولون عن الهجوم. اطلقنا صواريخ على الموقع الذي اقيم فيه العرض. كان ستة من عناصرنا في الموقع، قتل منهم ثلاثة». واوضح ان الهجوم ينفي تأكيدات الحكومة الافغانية وحلف شمال الاطلسي، بأن تمرد طالبان شابه ضعف. وقال مجاهد: «السلطات الافغانية وسلطات حلف شمال الاطلسي، كررت مرارا هذا العام، ان طالبان على شفا الزوال.. والان ثبت لهم ان طالبان ليست لديها القدرة على العمل في الاقاليم فحسب، بل في كابول نفسها، «ليس بوسع كرزاي ولا حكومته، ان يكونا بمأمن من هجمات طالبان».

وفور الهجوم احتمى أعضاء الفرقة الموسيقية العسكرية بزيهم الرسمي وسط الجنود العاديين، في محاولة للابتعاد عن اطلاق النيران، بينما اتخذ جنود آخرون وحراس كرزاي الذين كانوا يرتدون زيا أسود اللون، مواقعهم في الطرق قرب مكان الاحتفال.

وافاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بإطلاق نار من اسلحة رشاشة، وانفجارات دوت بعيد وصول كرزاي الى المنصة، اثر تفقده آلاف الجنود الذين كانوا يشاركون في اكبر عرض عسكري سنوي للجيش الافغاني. واوضح صحافي ان حراس الرئيس الشخصيين احاطوا به على الفور، حيث استمر اطلاق النار حوالي ربع ساعة. ولم يوضح المتحدث باسم طالبان ظروف مقتل عناصر طالبان، لكن مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، اشار الى تبادل لإطلاق النار بين المهاجمين والعسكريين على ما يبدو. ويبدو ان طالبان لم تكن تنوي اغتيال كرزاي، بل اثبات قدرتها على الضرب كيفما يحلو لها. وقال مجاهد «لم نستهدف احدا بشكل خاص. اردنا ان نظهر للعالم اننا نستطيع الضرب حيثما نريد».

ونجا كرزاي من محاولتي اغتيال على الأقل، الأولى عام 2002 عندما فتح حارس النار على سيارته في قندهار (جنوب) والثانية عام 2004 عند توقيف رجل كان يحمل عبوة تستهدفه.

وتخوض طالبان ومجموعات أصولية أخرى، تمردا دمويا ضد السلطات الأفغانية والقوات الدولية التي تدعمها منذ اطيح نظامها في افغانستان في نهاية 2001.

وعلى الرغم من وجود 79 الف جندي اجنبي في البلاد، تضاعفت هجمات طالبان منذ حوالي عامين. واوقعت المعارك بين طالبان والقوات الحكومية العام المنصرم حوالي ثمانية آلاف قتيل، اغلبهم من المتمردين.

وعرض الرئيس كرزاي مرارا، اجراء محادثات سلام مع طالبان، لكن اعضاءها قالوا انهم سيقاتلون حتى إطاحته وطرد اكثر من 50 الفا من القوات الأجنبية من البلاد.

وتعتمد حكومة كرزاي على المعونات الأجنبية والدعم العسكري الغربي، فيما تحاول احلال السلام، واعادة بناء بلد مزقته نحو 30 عاما من الحرب.

3 محاولات اغتيال لكرزاي منذ سقوط طالبان

* نجا الرئيس الأفغاني حميد كرزاي، من عدة محاولات اغتيال في السنوات الأخيرة، منذ وصوله الى السلطة، بعدما اطاحت القوات التي تقودها الولايات المتحدة والقوات الأفغانية طالبان أواخر2001 . وتعرض حميد كرزاي في سبتمبر (أيلول) 2002 لمحاولة اغتيال أثناء زيارة له لولاية قندهار، فقد تبادل حرسه إطلاق النار مع مسلحين كانوا ينوون اغتياله، وقد أصيب في المحاولة حاكم الولاية جل آغا، وبعض مرافقيه. واتهمت الحكومة الأفغانية «القاعدة» بتدبير محاولة اغتيال كرزاي في قندهار جنوب أفغانستان.

ولم يُصب كرزاي في الهجوم، برغم أن رصاصتين أخطأتاه بفارق سنتيمترات قليلة، وأصابتا حاكم قندهار الذي كان يستقل معه السيارة. وصرح كرزاي بعد الهجوم أنه لن يحتجب عن العامة، وسيواصل اختلاطه بالجماهير، وأنه سيعيد النظر في الاجراءات المتبعة للحفاظ على سلامته. وفي سبتمبر 2004. أعلن مصدر في الشرطة المحلية، أن صاروخا أطلق امس على مدرسة في غارديز (جنوب شرقي أفغانستان (قبيل هبوط مروحية تقل الرئيس كرزاي في مكان مجاور للمدرسة.

وقال المسؤول: «إن الصاروخ أطلق، بينما كانت مروحية الرئيس كرزاي تحط في غارديز». وقد ألغى كرزاي زيارته إلى المدرسة المعروفة باسم (معهد عبد الحي غارزيدي) ـ حيث كان يفترض أن يلقي كلمة.

ومن المعلوم أن كرزاي لا يغادر قصره الرئاسي في كابل، إلا نادرا، وتحاط به دائما إجراءات أمنية مشددة، وتحميه فرقة أمنية أميركية. وفي سبتمبر 2007 قطع الرئيس كرزاي كلمة كان يلقيها في استاد كابل، بعد ان عمت حالة من الفوضى، إثر سماع أعيرة نارية، واصطحبه حراسه المدربون في أميركا بعيدا عن المنصة، واختتم كرزاي كلمته بسرعة، بعد ان تحدث اليه احد الحراس.

ونجا الرئيس كرزاي من محاولة اغتيال اخيرة امس، وكان معه عدد كبير من المسؤولين.