قالت ايران إن «الوضع الكارثي» الذي تواجهه الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان الى جانب قضايا واشنطن الداخلية، يجعل من المستبعد أن تشن الولايات المتحدة أي هجوم على الجمهورية الايرانية. وجاءت التعليقات الصادرة عن وزارة الخارجية الإيرانية بعد يومين من اعلان البحرية الاميركية أن سفينة شحن استأجرها الجيش الاميركي أطلقت طلقات تحذيرية باتجاه زورقين اقتربا منها في الخليج في حادث سلط الضوء على التوترات في منطقة حيوية لمرور شحنات النفط العالمي ودفع أسعار الخام الى الصعود. ويأتي ذلك فيما أعلنت إيران أن مندوبين من الدول المنتجة للغاز الطبيعي يجتمعون هذا الاسبوع في طهران لبحث تشكيل تجمع للدول المصدرة للغاز على نمط أوبك للدول المصدرة للبترول، وهي خطوة تعارضها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ويريا أنها يمكن ان تؤدي الى التلاعب في الأسعار. وقال محمد علي حسيني المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية تعليقا على احتمال توجيه واشنطن هجمات ضد طهران «نعتقد أنه سيكون من المستبعد أن يتخذ الاميركيون قرار ادخال أنفسهم في فشل ذريع جديد.. أقروا هم أنفسهم أن عواقب الهجوم علينا ستكون مؤلمة على المنطقة والعالم». وأضاف في مؤتمر صحافي أمس «نأمل أن ينظر أصحاب التفكير الصائب في أميركا الى الوقائع عن قرب وينجحوا في تصحيح مثل تلك التوجهات». وأثار الخطاب العدائي بين الخصمين واقترابهما من الدخول في مواجهات في الخليج، بعض التكهنات بأن الولايات المتحدة ربما تخطط لعمل عسكري ضد طهران.
غير أن محللين يقولون إن تقريرا للمخابرات الاميركية صدر في ديسمبر (كانون الاول)، وأشار الى أن ايران أوقفت برنامجها للتسلح النووي عام 2003، جعل من المستبعد شن أي هجوم أميركي على طهران. وقال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الاسبوع الماضي، ان أي حرب أخرى في الشرق الاوسط ستكون «كارثية على عدة مستويات». لكنه أضاف أنه ينبغي ابقاء الخيار العسكري على الطاولة «نظرا لسياسات زعزعة الاستقرار من جانب النظام الايراني والمخاطر المترتبة على ظهور تهديد نووي ايراني في المستقبل.. بشكل مباشر أو من خلال الانتشار». لكن حسيني استبعد احتمالية توجيه أي ضربة عسكرية اميركية «في ضوء المشكلات العديدة التي يواجهها الاميركيون.. فضلا عن الوضع الكارثي في العراق وأفغانستان ومشكلاتهم الداخلية». ولم يحدد المشكلات الداخلية الاميركية التي كان يشير اليها، لكن ادارة الرئيس جورج بوش تواجه انخفاضا في معدلات التأييد لها وتباطؤا اقتصاديا خلال العام الاخير لها في السلطة.
وقال مسؤولو دفاع اميركيون في البداية إنهم يشتبهون في أن الزورقين اللذين اقتربا من سفينة الشحن يوم الخميس ايرانيان، لكن متحدثة باسم البحرية الاميركية تراجعت في وقت لاحق عن ذلك. ونفت ايران وقوع أي مواجهة بين زوارق ايرانية وسفينة الشحن في الخليج. وفي يناير قالت الولايات المتحدة ان خمسة زوارق ايرانية سريعة صغيرة اقتربت بشكل عدائي من ثلاث سفن للبحرية الأميركية في مضيق هرمز، وهو ممر هام لشحن النفط. لكن ايران قالت ان زوارقها كانت تحاول فقط تحديد هوية السفن الاميركية.
ويأتي ذلك فيما قال حسيني إن الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد سيزور الهند وباكستان هذا الاسبوع لإجراء محادثات حول قضايا تشمل خططا معلقة منذ وقت طويل لمد خط انابيب لنقل الغاز الايراني الى البلدين الواقعين في شبه القارة الهندية. وتجري الدول الثلاث محادثات بشأن خط الانابيب منذ سنوات. واتفقت مبدئيا على صيغة تسعير، لكن الهند انسحبت من المحادثات في منتصف 2007 قائلة انها تريد ألا تتفق أولا على قضايا مع باكستان مثل رسوم العبور. وقالت الهند وباكستان انهما على بعد ايام او اسابيع من اتفاق نهائي على الشروط الخاصة بخط الانابيب العابر للحدود. وسبق ان قالت ايران وباكستان انهما ستمضيان قدما في المشروع بدون الهند اذا احتاج الأمر. وتابع حسيني «يبدو أن التوصل لذلك الاتفاق لن يكون بعيدا عن المتناول»، وأضاف «ومن الطبيعي أن المسألة.. وهي من أهم القضايا التي تهم الدول الثلاث.. ستبحث أثناء رحلة الرئيس»، وتابع «نأمل للمشروع.. ان يكتمل قريبا». ومن المقرر ان يزور احمدي نجاد باكستان اليوم حيث من المتوقع ان يجتمع مع نظيره الباكستاني برويز مشرف على ان يتوجه لزيارة الهند غدا. ويتوقف الرئيس الايراني في البلدين في طريقه لزيارة رسمية الى سري لانكا. وتبلغ تكلفة المشروع 6. 7 مليار دولار ويطلق عليه «خط أنابيب السلام والتقدم»، بسبب الفوائد المشتركة التي سيحققها للهند وباكستان اللذين خاضا ثلاث حروب منذ استقلالهما عام 1947. وسينقل خط الانابيب في البداية 60 مليون متر مكعب من الغاز يوميا الى باكستان والهند مناصفة بينهما. وسترتفع طاقة الخط في وقت لاحق الى 150 مليون متر مكعب. وإيران صاحبة ثاني أكبر احتياطيات للغاز في العالم بعد روسيا، لكن جهودها لتطوير صادراتها اتسمت بالبطء فيما يرجع جزئيا الى العقوبات الاميركية.
الى ذلك، أكد حسيني أن مندوبين من الدول المنتجة للغاز الطبيعي يجتمعون هذا الاسبوع، سيبحثون تشكيل تجمع على نمط أوبك، وهي خطوة تعارضها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي. وينعقد منتدى الدول المصدرة للغاز اليوم في طهران على مستوى خبراء كبار ونواب وزراء. وقالت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ان انشاء كيان للغاز يشبه منظمة البلدان المصدرة للبترول (اوبك) سيهدد أمن الطاقة العالمي ويفسح المجال للتلاعب في السعر.
لكن يستبعد الخبراء ان يكون تجمع للغاز فعالا بنفس درجة اوبك، لأن صفقات الغاز تبرم على أساس طويل الاجل وليس بالنظام الفوري الذي يجري به تداول النفط. ويجتمع منتجون للغاز مثل روسيا وايران وقطر وفنزويلا ونيجيريا والجزائر في اطار منتدى الدول المصدرة للغاز. وعلى صعيد ذي صلة، أعلنت وزارة الخارجية الايرانية أن ايران حثت اذربيجان على الافراج عن شحنة من أجزاء روسية لأول محطة طاقة نووية في الجمهورية الايرانية. وتقول روسيا إن مسؤولين من أذربيجان اوقفوا الشهر الماضي على الحدود مع ايران العوازل الحرارية لمحطة بوشهر النووية والتي تبنيها احدى الشركات الروسية في جنوب غربي ايران. وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية «نطالب حكومة جمهورية اذربيجان باتخاذ الاجراءات الضرورية لتسليم الشحنة الى الجمهورية الاسلامية الايرانية». وأضاف أن ايران طلبت من سفير اذربيجان في طهران «بذل قصارى جهده لتسليم الشحنة في اطار التعاون الايراني الروسي فيما يتعلق بإكمال محطة بوشهر للطاقة. لا يوجد حظر بخصوص الشحنة». ويقول مسؤولو الجمارك في أذربيجان ان الشحنة بحاجة لتصريح خاص لم يتم تقديمه.
وسلمت روسيا بالفعل وقودا نوويا بموجب عقد قيمته مليار دولار لبناء محطة بوشهر. ويقول المسؤولون الايرانيون ان من المرجح أن يبدأ المفاعل العمل في 2008.