مجزرة إسرائيلية تودي بحياة أم و4 من أبنائها في شمال غزة

قذيفة قضت على خضرة وأطفالها بينما كانوا يتناولون طعام الإفطار

شاحنة عسكرية اسرائيلية تحمل عددا من الفلسطينيين اعتقلتهم اثناء توغل في شمال غزة امس (ا ف ب)
TT

لم يحدث أن جمعت مائدة الإفطار خضرة أبومعتق وابنائها الستة في هذا الوقت المبكر، كما حدث فجر أمس، فأطفالها الذين معظمهم تقل عمره عن السادسة من العمر كان من المفترض أن يكونوا يغطون في نوم عميق في الساعة الخامسة، لكنهم استيقظوا على وقع أصوات الإنفجارات التي كانت تدوي في المنطقة بفعل القصف الإسرائيلي.

فوجئت خضرة أن ابناءها، بمن فيهم مسعد الذي لم يتجاوز عمره الثمانية أشهر قد استيقظوا، وظناً منها أن هذا سيهدئ من روعهم قامت بإعداد طعام الإفطار الذي تضمن الجبن والمربى وقليلا من الخبز والشاي، ووضعتها على «طبلية» من الخشب في صحن المنزل المتواضع الذي يقع شمال بلدة بيت حانون، اقصى شمال شرق قطاع غزة. حلق الأطفال حول الطبلية، حيث وضعت ردينة ذات الست سنوات مسعد في حضنها، وجلس الى جانبها صالح، 4 سنوات، وهناء، 3 سنوات، وشيماء، 7 سنوات، وأسماء، 8 سنوات. وبينما كانت الام تحاول أخذ مسعد من ردينة، التي كانت تجلس على الجانب الآخر من الطبلية لتمكينها من تناول الطعام ولتقوم بإرضاعه، فإذا قذيفة من دبابة إسرائيلية تسقط في منتصف الطبلية، وبالضبط في قلب مسعد، فيقتل على الفور وردينة وصالح وهناء، وتصب الام بجراح بالغة، قرر الأطباء في البداية انها في حالة موت سريري، ثم قرروا وفاتها بعد ذلك، في حين أصيبت كل من شيماء وأسماء بجراح خطرة. كان رب الاسرة أحمد ابومعتق، في هذه الأثناء يؤدي صلاة الفجر في المسجد، وعاد الى البيت مشدوها ومذهولا لا يكف عن ترديد عبارة «لا حول ولا قوة إلا بالله، لقد تركوني بلا عائلة». ويروي أحمد أن ابناً اخر له اسمه مسعد، قتل قبل عام في قصف نفذه الجيش الاسرائيلي في احد توغلاته في المنطقة. ونظراً لتعلقه به، قرر تسمية أول مولود ذكر جديد له بمسعد، فخسر «المسعدين» كما يقول. لم تكن عائلة ابومعتق العائلة الوحيدة التي فجعت صباح امس في هذه البلدة التي تعرضت أكثر من أية بلدة في قطاع غزة للمجازر الاسرائيلية. فبعد ساعة من هذه المجزرة، وبينما كان الفتى ايوب عطا الله يسير برفقة صديقه معتصم سويلم في طريقهما للمدرسة الاعدادية في البلدة، فإذا بالجيش الاسرائيلي يطلق قذيفة على الطريق الذي يسلكه طلاب المدارس، فتقع قرب ايوب فيقتل على الفور ويصاب معتصم بجراح خطرة. وفي هذه الأثناء قتل احد عناصر «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في قصف استهدف مجموعة من المقاومة تصدت للقوات الاسرائيلية التي توغلت في المنطقة. وأعلنت سرايا القدس، في بيان صادر عنها أن ابراهيم حجوح، 23 عاما، قتل خلال اشتباكات مع القوات المتوغلة شمال شرق البلدة.

من ناحيته ادان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابومازن) المجزرة، معتبراً أن هذا العدوان «لا يخدم الجهود المبذولة للتهدئة، ويعيق عملية السلام»، مشدداً على أهمية التوصل لتهدئة بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية. اما رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية فقد استنكر المجزرة، مؤكداً أنها تعكس بشكل واضح «مدى الانحدار الأخلاقي والهمجية البشعة التي يتمتع بها الاحتلال الذي يوغل في قتل المدنيين من أبناء شعبنا».

وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قال هنية «هذه الجرائم وما سبقها وما يمكن أن يتلوها لن يفت من عزيمة شعبنا وإصراره على التمسك بحقوقه كاملة غير منقوصة وتشبثه بخيار الصمود والمقاومة وسعيه الدءوب من أجل الحرية والاستقلال».

أما حركة الجهاد الاسلامي فاعتبرت المجزرة تأكيدا على «دموية وعدوانية الاحتلال المجرم وحقيقة نياته المبيتة لقتل وإبادة الشعب الفلسطيني». وفي بيان صادر عنها، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه قالت الجهاد إن كل الجهود السياسية التي تبذل من قبل الأطراف المختلفة لن تفلح في تحقيق الاستقرار، «لأن المشكلة مرتبطة أساساً بوجود الاحتلال وبسياساته العدوانية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه، ولا حاجة لشعبنا بأي جهد سياسي غير قادر على وقف العدوان ورفع الحصار»، على حد تعبير البيان.