مدير «مؤسسة كويليام» لمكافحة التطرف : حاولت اختراق «حزب التحرير» من الداخل قبل الانقلاب عليهم

ماجد نواز لـالشرق الأوسط»: اكفر عن نشر أفكار الأصوليين في أوروبا بنشر مفاهيم التسامح والوسطية

ماجد نواز
TT

يقول ماجد نواز، المسؤول الدولي السابق عن التجنيد بجماعة «حزب التحرير» الاسلامية الذي انشق عن التنظيم الاصولي بعد قضائه أربع سنوات في سجون مصر بتهمة الانتماء للحزب انه من الضروري التصدي لأفكار الاصوليين وإظهار عدم انسجامهم مع الاسلام التعددي المتسامح. ونواز اليوم هو مدير مؤسسة «كويليام» البحثية لمكافحة التطرف الاصولي التي تم الاعلان عنها بوسط لندن الثلاثاء الماضي، وقال إنهم يريدون «تخليص الاسلام من الآيديولوجية العنيفة لتنظيم القاعدة». واوضح انه تخلص من الافكار الاصولية المتطرفة بطريقة التدرج خطوة خطوة، بل حاول ان يخترق حزب التحرير من الداخل بعد الافراج عنه من سجن طرة بمصر، من اجل إحداث تغييرات هيكلية في افكار الحزب تميل الى التسامح ومنهج الوسطية المعتدل في الاسلام، لكن قادة الحزب الذين رقوه بعد عودته من مصر، رفضوا الاستماع له، وضربوا عرض الحائط بنصائحه، وقطعوا قنوات الحوار معه بعد انشقاقه عنهم. وتقول «مؤسسة كويليام» التي أطلق عليها اسم رجل انجليزي اعتنق الاسلام في القرن التاسع عشر وأسس اول مسجد في بريطانيا إنها تهدف لفضح التشدد الاصولي كآيديولوجية زائفة، ومساعدة المسلمين على تطوير نموذج متسامح وحديث من الاسلام الغربي.

وقال إنه تعلم من العلماء الازهريين الذين قابلهم في سجن مزرعة طرة بمصر بأن الآيديولوجية التي اعتنقها وتحمس لها تخالف المعنى الحقيقي للإسلام.

ويدعو ميثاق تأسيس «مؤسسة كويليام» المسلمين الى اتخاذ موقف ضد الاصوليين الذين يعرضون خطابا «يوفر الموسيقى التصويرية التي يتمايل على ايقاعها المهاجمون الانتحاريون». كما يقترح انشاء «مراكز لاقتلاع التطرف» في المدن البريطانية الرئيسية يتولى أمرها علماء مسلمون قادرون على مواجهة الخطابات المتشددة. ويقول أيضا ان زعماء الجاليات المسلمة ينبغي أن يدينوا صراحة أعمال الارهاب. وتقول السلطات البريطانية إن المتشددين الذين يستلهمون نهج «القاعدة» يشكلون أخطر تهديد للبلاد. وجاء الحوار مع نواز على النحو التالي :

* كيف كانت بداية الانقلاب على افكار حزب التحرير ؟

ـ البداية كانت في سجن مزرعة طرة بمصر عام 2002 بعد ترحيلي من سجن لاظوغلي التابع لأمن الدولة أي بعد انتهاء التحقيقات، هناك تعرفت على اساتذة من الازهر الشريف من اعضاء «الجماعة الاسلامية» وآخرين من التائبين من جماعة الجهاد، هناك تعرفت على الاسلام المتسامح ولمست مفهوم الوسطية في الاسلام، كنت في ليالي السجن الطويلة المظلمة أفكر في ادبيات الحزب التي حفظتها عن ظهر قلب مثل إقامة الخلافة الاسلامية بالتغيير الجذري والشمولي والانقلابي في العالم الإسلامي، وعرف يقينا أن هذه الحركة وغيرها من الحركات الأصولية تخلق مناخاً راديكالياً.

* كيف كانت ردة فعل قادة الحزب بعد الانشقاق عليهم ؟ ـ قادة الحزب الاسلامي الذين كانت تربطني بهم علاقات قوية بمجرد اعلاني الخروج عليهم وانشقاقي قاطعوني وقطعوا عني الماء والهواء، أي الكلام والحوار، رغم صداقتي المتينة بقيادات الحزب، بل اعلنوا انني انتقلت الى «معسكر الكفر».. طلبت منهم الجلوس اليهم وفتح نافذة حوار بيننا، ولكنهم سدوا اذانهم ورفضوا الحديث الي، ولكني اليوم اعيش في عالم رحب فسيح من الافكار المعتدلة، الكلمة الاولى فيها لمنهج الوسطية، لأن الإسلام دين حضارة، وطبيعة العلاقة بين المسلمين وغيرهم هي التعارف، وليس الانغلاق.

* ما أصعب لحظة مرت في حياتك؟

ـ فترة التحقيق في سجن امن الدولة في لاظوغلي ثم الحبس الانفرادي في سجن طرة لعدة شهور قبل نقلي الى عنابر السجناء السياسيين بمزرعة طرة.

* كيف كان اندماجك في مجتمع سجن طرة؟ ـ ساعدتني اللغة العربية التي ذهبت لاتعلمها في جامعة الاسكندرية، وكنت اسكن في عمارات الضباط بمصطفى كامل على الكورنيش قبل اعتقالي، وفي السجن احتضنني كثير من الاخوة ومدوا لي يد العون، مثل الشيخ صلاح هاشم وعدد اخر من مشايخ الاخوان وقادة الجماعة الاسلامية حيث واظبت على قراءة مراجعاتهم الفكرية، وعدد اخر ممن يسمونهم «التائبون» من جماعة الجهاد، وتعرفت على الدكتور طارق والأخ صلاح بيومي وهم اخوة افاضل، وكذلك الدكتور ايمن نور والناشط الحقوقي الدكتور سعد الدين ابراهيم.

* من اين تحصلون على تمويل المؤسسة الجديدة، خصوصا انكم تتحدثون عن انشاء فروع لها في المدن الداخلية البريطانية ؟ ـ تلقينا بعض الدعم من رجال اعمال خليجيين .

* ما نقاط اعتراضك على افكار حزب التحرير التي تخلصت منها كما تقول ؟ ـ آيديولوجية الافكار الاصولية التي تعرفت عليها في حزب التحرير وحفظتها عن ظهر قلب وتفوقت فيها، وكنت ألقنها للاخرين، كانت اشبه بأفكار اشتراكية او بعثية في ثوب اسلامي، وادعى منظرو الحزب انها افكار اسلامية، وان الرسول الكريم اسس حزبا سياسيا في مكة المكرمة، وان اصحابه كانوا جماعة الرسول، وكذلك اليوم لا أفهم افكار الاصوليين من خلال حديثهم عن ديار الحرب وديار الاسلام.. كيف يمكن القول ان مصر والسعودية مثلا هما ديار حرب، لذلك يجب الرد عليهم وتفنيد آرائهم. والمراجعة الشرعية المتأنية قادتني الى تطليق افكار حزب التحرير بالثلاثة وتوديع احلام الخلافة الداعية الى اقامة دول اسلامية في كل انحاء العالم، ورفع علم الخلافة فوق قصر باكنغهام.

* كيف تم تجنيدك اولا في حزب التحرير؟ ـ كنت صغير السن، في حدود 16 عاما، واستقبلت المفاهيم الاصولية برحابة صدر مثل الخلافة، بادعائهم انه النظام السياسي الوحيد الصالح في الاسلام، وهو نظام فيه كثير من الاخطاء، وأنظر اليه اليوم بانه مرادف للديكتاتورية، ولكني استطيع القول انني ترقيت بسرعة في سن صغيرة في الحزب، واسست فرعا لهم في باكستان وكذلك في الدنمارك.

* هل تلقيتم تهديدات بعد انشقاقكم عن حزب التحرير ؟ ـ التهديدات لم تتوقف عبر الـ إي ميل او المكالمات الهاتفية، وفي الدنمارك نعتوني بـ«الخائن»، وجاءوا في ثلاث سيارات لإخافتي.

* ما الخطوة المقبلة بعد تأسيس مؤسسة كويليام ؟ ـ انا مشغول اليوم بكتابة ابحاث شرعية باللغة الانجليزية اشبه بالمراجعات للرد على افكار الاسلامويين، وتأسيس فروع اخرى في برمنجهام وغيرها من المدن الداخلية. وفي الكتب الجديدة سأتحدث عن افكار الحزب القديمة وادبيات الاصوليين التي عملت من اجل نشرها في تحويل ديار الكفر الى ديار اسلام، وتقسيم العالم الى معسكرين، وكذلك المراجعات الداخلية التي تنسجم مع السياسة الشرعية.

* من وقف معكم من المشايخ عند تأسيس مؤسسة كويليام ؟ ـ وقف معنا الشيخ عبد العزيز البخاري وهو من عائلة البخاري المعروفة من القدس، والشيخ اسامة حسن إمام مسجد لوتن، والدكتور مشرف حسن، والدكتور بيومي وكيل كلية اصول الدين بمصر.