في عالم السياسة والساسة، سيلفيو برلسكوني سياسي وحزبي وبرلماني ورئيس وزراء للمرة الثالثة حيث اعيد انتخابه مؤخرا، وفي عالم الرياضة ومحبي كرة القدم يطل من عليائه مالكاً لنادي إيه سي ميلان أحد أغنى وأنجح أندية كرة القدم في العالم. غير أن برلسكوني يظل في المقام الأول رجل أعمال لامعا بنى ثراءه الكبير على الإعلام وبمساعدة الإعلام. حيث تقدر ثورة برلسكوني الذي يعد أحد أغنى ثلاثة إيطاليين مع ميكيلي فيريرو (مجموعة فيريرو روشيه للشوكولاته) وليوناردو دل فيكيو (مجموعة لوكسوتيكا لإطارات النظارات) بنحو 9.4 مليارات دولار أميركي وفق تقديرات مجلة «فوربز» لعام 2008. وتعد مجموعة «فينينفيست» المالية والإعلامية التي أسسها برلسكوني ويملك الحصة الأكبر فيها إحدى أكبر عشر شركات خاصة في إيطاليا. كما أنه يملك ثلاث قنوات تلفزيونية من أصل القنوات الوطنية الإيطالية السبع، بجانب عدد من الصحف. وعموماً يبلغ عدد الشركات التي يملكها – أو يملك حصصاً كبيرة فيها – وتشكل معاً شركته القابضة الأم 22 شركة.
وكان برلسكوني الذي ولد عام 1936 في عائلة من الطبقة فوق المتوسطة في مدينة ميلانو، العاصمة الاقتصادية لإيطاليا، تلقى علومه الجامعية متخصصاً في الحقوق وتخرج بتفوق عالٍ من جامعة ميلانو (الحكومية). وفي الجامعة اهتم اهتماماً خاصة بالعلاقة بين القانون والإعلانات وكان هذا الموضوع محور أطروحة التخرج، والجانب الذي شكل منطقاً مؤثراً في مسيرته المهنية لاحقاً.
وبدأ برلسكوني بناء امبراطوريته الإعلامية عام 1973 عندما انشأ مؤسسة تلفزيون كابلات أسماها «تيليميلانو» لتوفير خدمة تلفزيونية خاصة للأبنية ووحدة سكنية عقارية يملكها. وخلال ثلاث سنوات كان قد اشترى قناتين تلفزيونيتين أخريين ونقل مقر أعماله الإعلامية إلى قلب ميلانو، وبدأ البث عبر الأثير. وفي عام 1978 خطا برلسكوني خطوة جبارة بتأسيسه مجموعته المالية والإعلامية الكبرى «فينينفيست» التي نجحت خلال خمس سنوات من تأسيسها في تحقيق عوائد بلغت 113 مليار لير (ما يعادل 260 مليون يورو حسب أرقام عام 1997). وتوسعت نشاطات المجموعة لتغطي عموم إيطاليا بشبكة واسعة من محطات التلفزيون المحلية التي تتشارك في البرامج نفسها، وكأنها محطات فرعية لشركة مركزية، وشكل هذا التوسع البداية لكسر احتكار هيئة التلفزيون الحكومي الإيطالي «راي».
وعام 1980 أسس برلسكوني أول شبكة تلفزيونية خاصة على مستوى إيطاليا كلها (المستوى الوطني) هي «كانالي 5»، وما لبث عام 1982 أن اشترى شبكة أخرى من عائلة روسكوني هي «لإيطاليا 1»، ثم عام 1984 شبكة «ريتي 4» من شركة موندادوري التي ضمتها إليها «فينينفسيت» لاحقاً. وفي وجه التشريعات التي كانت في ذلك الحين تضيق على منافسة الشبكات الخاصة للتلفزيون الحكومي، استفاد برلسكوني من صداقته لأمين عام الحزب الاشتراكي ورئيس الوزراء بتينو كراكسي لتأسيس وامتلاك شبكة التلفزيون التجارية الأولى والوحيدة في البلاد.
وعام 1995 باع قسماً من مجموعته القابضة لمجموعة كيرش الألمانية، وعام 1999 عاد إلى توسيع أعماله في مجال الإعلام التجاري بالتعاون مع كيرش في مجموعة جديدة هي «إيبسيلونميدياغروب».
وراهناً تتشكل امبراطورية برلسكوني الإعلامية من شركته الأساسية «ميدياسيت» (التي يسيطر عليها عبر «فينينفيست»)، التي تشمل ثلاث محطات تلفزيونية على مستوى عموم إيطاليا تتمتع بنسبة مشاهدة تبلغ نصف إجمالي المشاهدين في البلاد، ووكالة «بوبليتاليا» كبرى وكالات الإعلانات في إيطاليا.
أيضاً يملك اليوم شركة أرنولدو موندادوري، أكبر دور النشر في إيطاليا، التي تنشر ضمن ما تنشره مجلة «بانوراما» إحدى أهم المجلات الخبرية في البلاد. ويملك أيضاً مؤسسات توزيع للسينما والفيديو («ميدوزا» و«بينتا»)، ومؤسسات مصرفية («ميديولانوم») ومؤسسات تأمين. ومن جهة ثانية، يملك شقيقه باولو ويدير صحيفة «إل جيورنالي» (يمين وسط) التي تدافع عن سياسات برلسكوني وحزبه اليميني «فورتسا إيطاليا» (إلى الأمام يا إيطاليا). وفي سياق غير بعيد عن الإعلام، تجدر الإشارة إلى أن برلسكوني حالياً متزوج (للمرة الثانية) من ممثلة السينما السابقة فيرونيكا لاريو التي أنجبت له بنتين وولدا، وله بنت وولد من زواجه الأول.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»