حقائق حول ممارسة الحوامل للتمارين الرياضية

مناقشات طبية متواصلة حول سلامة تأثيراتها على الأم والجنين

TT

الأساس هو أن المتابعة الطبية للحوامل، وسيلة لتحقيق أفضل ما يُمكن من سلامة الأم الحامل والحمل والجنين وإتمام ولادته. ولاستشارة الطبيب، في كل ما يهم الحامل من تساؤلات، دور في تحقيق ذلك. وليس السؤال: هل تُمارس الحامل الرياضة البدنية؟ بل السؤال: كيف ومتى ولماذا عليها أن تُمارسها؟ والسبب أن النصيحة الطبية، على وجه العموم، للحوامل بممارسة الرياضة تظل محدودة، وهي بين أخذ ورد بين الأطباء خوفاً على سلامة الحمل والحامل والجنين. وعلى وجه الخصوص، تختلف على حسب صحة المرأة والحمل والجنين، وعلى مدى ممارسة المرأة للرياضة قبل الحمل. وهذا الجانب مهم، لأن تعلم مهارات ممارسة الرياضة، وبالطريقة الصحية في ضبط المسافة والجهد وتغيرات نبض القلب، لا يكون لأول مرة في فترة الحمل.

وتشير مصادر طب الحمل إلى أن بإمكان منْ تعودت ممارسة الرياضة قبل الحمل، الاستمرار فيها مع بدء الحمل. والأفضل ممارسة الرياضة على فترات قصيرة ومتكررة. وأن يكون ثمة توازن في ممارسة تمارين هوائية، إيروبيك، وتمارين مرونة للعضلات والمفاصل، وتمارين تقوية للعضلات. ومع مراعاة تناول السوائل، وتجنب التعرض للإجهاد أو لأنواع من الرياضة المتطلبة لمهارات في الحركة والتوازن، فإن من الأفضل تخفيف ممارستها في ما بين الأسبوع 12 و 24 من عمر الحمل.

ولكي نفهم ما بمقدور الحامل، القيام به من أنشطة بدنية رياضية، علينا أن نُدرك ما هي التغيرات البدنية والنفسية المُؤثرة على قدرتها في الحركة والنشاط، وذلك بالمقارنة مع المرأة غير الحامل.

* تغيرات بدنية في الحمل

* ثمة أربعة جوانب رئيسية، تتفرع عنها جوانب أخرى، يجب وضعها في الذهن حال تفكير الحامل في قدراتها البدنية على أداء المجهود الرياضي، بأي نوع ومن أي درجة كان:

> زيادة الوزن ويحصل، بشكل طبيعي وصحي، تدرج في زيادة وزن جسم المرأة. وهو ما يُتابعه الطبيب خلال مراجعة الحامل للعيادة. والإشكاليتان الأهم لتلك الزيادة هما، تأثيره على القدرات العامة للحركة في عضلات ومفاصل الجسم كله. وتأثير تلك الزيادة المتركزة في منطقة البطن، نتيجة لنمو كتلة جدار الرحم وحجم الرحم والجنين والمشيمة. والزيادة في الوزن بحد ذاتها سبب في صعوبات تواجهها الحامل في الحركة العادية، أو في ممارسة حركات بارعة كالتي في شتى أنواع الرياضات.

> تغير مركز الجاذبية والزيادة في وزن وحجم منطقة البطن يُؤدي إلى انتقال مركز ثقل الجسم وجاذبيته نحو الأمام، بدلاً من العمود الفقري كما هو الطبيعي. ولذا، ودونما تشعر الحامل نفسها، فإن الجسم يعمل على تعديل وتوازن ذلك المركز الجديد للثقل عبر تغيير هيئة شكل الجسم أثناء الجلوس أو الوقوف أو المشي. وإعادة التوازن هذه تتم بوضع الجسم مزيداً من الضغط على منطقة أسفل الظهر. ولذا نلحظ أن المرأة الحامل، وخاصة في المراحل التي يبدو فيها كبر حجم البطن، هو تقعر سلسلة عمودها الفقري، وكأن الحامل تمشي وهي مُرّجعة لأعلى جسمها إلى الخلف. أي لمعادلة ذلك التقدم للأمام في منطقة البطن. وهذه الآلية، وإن كانت ستُعيد التوازن للوقوف أو المشي إلا أنها ستُؤدي إلى أمرين: الأول أن ليس بالإمكان في هذه الوضعية للجسم ممارسة الهرولة أو غيرها دونما احتمالات عالية للسقوط، والثاني أن مزيداً من الضغط سيقع لا محالة على أسفل، وبالتالي فإن احتمالات الشكوى من ألم في أسفل الظهر تُصبح عالية. والواقع أن أكثر من نصف الحوامل يشكو من ألم في تلك المنطقة.

> التغيرات الهرمونية والمفاصل وما تُحاول أجهزة الجسم فعله خلال مرحلة هو خدمة ما يُسهل تتابع مراحل الحمل نفسه وما يُسهل نمو الجنين وما يُسهل حصول مراحل ولادته. وثمة هرمونات يزداد إفرازها في مراحل الحمل بشكل متواصل، ومهمتها تحقيق أكبر قدر ممكن من الاسترخاء. ولذا تكتسب المفاصل القوية والمشدودة بإحكام عادة،، وبفعل تأثير هذه الهرمونات، شيئاً من الليونة والمرونة، أي قليلاً من الخلخلة لشدها. وهذا شيء مفيد للغاية، لأن مفاصل، كالتي في الحوض، تحتاج ما يُرخيها، كي يتمكن الجنين من المرور خلالها في طريقه لمغادرة الرحم والخروج إلى الدنيا. إلا أن لهذا أيضاً تأثيرات سلبية تتطلب من المرأة مراعاة هذه التغيرات في المفاصل. مثل زيادة الألم في الظهر، وارتفاع احتمالات إصابات المفاصل عند القيام بحركات بدنية غير منضبطة، خاصة مع حصول تغيرات مركز ثقل الجسم المتقدم ذكرها.

* تدفق الدم إلى الجنين

* وتبعاً لعدة آليات، بعضها معقد، يحصل تدفق الدم إلى الجنين عبر المشيمة والحبل السري. وأحد آليات جذب الدم وتسهيل تدفقه إلى الجنين هو ذلك الفارق بين درجة حرارة الجنين وبين درجة حرارة الأم. وهنا يكون ارتفاع حرارة الجنين بدرجة أعلى من درجة حرارة جسم الأم، أحد العوامل الأساسية في تدفق الدم إلى الجنين. وبالتالي في ضمان تغذيته ونموه بشكل طبيعي. ومصدر الحرارة الأعلى في الجنين، هو تلك العمليات الكيميائية الحيوية في بناء ونمو جسمه. وتأتي الإشكالية حينما تُمارس المرأة الحامل رياضة المشي أو غيره في أجواء مناخية حارة، كالتي تقوم بها الحوامل في مشيهن على أرصفة الطرقات. وهذا السلوك اضافة الى أنه سيتسبب بارتفاع حرارة جسم الأم، فإن عدم حرص بعضهن على تكرار شرب الماء أثناء ذلك "السلوك الرياضي" سيزيد مشكلة قلة تروية الجنين بالدم. وإذا أضفنا لذلك استنشاق الحامل لهواء مفعم بالغبار أو ملوثات الهواء الصادرة عن عوادم السيارات، واحتمالات السقوط أو اختلال التوازن، فإن تقييم عادة المشي في أرصفة شوارع المدن الحارة، وبالصفة المتقدمة، قد لا يُشير إلى فوائد صحية لها <

* أربعة تمارين سهلة.. للحوامل

* بهدف تنشيط الدورة الدموية وتليين العضلات وارخاء العنق وتقوية الحوض

* التمارين الرياضية كثيرة جدا، لكن على النساء أن يقللن تدريجيا من ممارسة التمارين الرياضية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل وخلال الشهر التاسع على وجه خاص، الذي يكفي فيه تمارين تمديد الجسم والسير، وليكن مزاولة الأنشطة الأشد إجهادا بعد الوضع بحوالي ستة أسابيع.

وبعد استشارة طبيب الحمل، هناك أربعة تمارين مفيدة أثناء فترة الحمل. وهي التمارين الهوائية، إيروبيك، العادية. وتمارين الإيروبيك الخاصة بالحوامل. وتمارين الاسترخاء. وتمارين كيجل.

* تمارين إيروبيك الهوائية

* وهي مجموعة من الأنشطة العضلية المتناغمة والمتكررة. والهدف من إجرائها زيادة طلب العضلات للحصول على الأوكسجين، مثل المشي الحثيث والهرولة المتوسطة والسباحة. وتنشط هذه التمارين القلب والدماغ والرئة والأوعية الدموية والعضلات والمفاصل، بمعنى أنها مفيدة لأهم أعضاء الجسم. ونتيجة ممارستها يومياً لمدة نصف ساعة، زيادة قدرة الرئة على أخذ الأوكسجين من الهواء، وزيادة قدرة القلب على ضخ المزيد من الدم، وزيادة استيعاب الأوعية الدموية لتوصيل الكميات الكبيرة من الدم للأعضاء المحتاجة إليه. وممارستها بصفات معتدلة، ووفق النصيحة الطبية لكيفية ممارستها، مفيدة للام والجنين معا. كما أنها تحسن من نشاط الدورة الدموية وتقلل من ظهور الدوالي والبواسير واحتباس السوائل داخل الجسم، وتزيد مرونة العضلات وقوتها فتخفف من آلام الظهر وتسهل من تحمل الوزن الزائد للحمل، وأيضا تساعد على التحكم بنسبة السكر في الدم وحرق السعرات الحرارية وتؤدي إلى رشاقة أفضل بعد الولادة.

* تمارين إيروبيك الخاصة بالحمل

* وهي كذلك حركات متناغمة خفيفة وبسيطة، تعمل على تليين العضلات وتحسن من رشاقة القوام، وتساعد على تخفيف آلام الظهر، وترفع من مستوى قوة الحالة الجسدية والذهنية للقيام بمهمة الولادة الشاقة. ومنها:

> تمرين الميل الحوضي: والذي يتم بالاستلقاء على الظهر مع رفع الركبتين والمباعدة بينهما، ثم أخذ نفس عميق مع ضغط الأكتاف والجزء العلوي من الظهر على الأرض، ثم إخراج الهواء مع إرخاء العمود الفقري مع تكراره بضع مرات، ويمكن ممارسة هذا التمرين في وضع الوقوف أيضا مع إسناد الظهر إلى الحائط. > تمرين سنام الجمل: وهو لتخفيف ضغط الرحم على العمود الفقري، وتتكئ المرأة على الذراعين والركبتين مع إرخاء الجسم، وجعل الرأس والعنق والعمود الفقري بوضع مستقيم، ثم البدء بتقويس الظهر لأعلى، مع ضم البطن والأرداف، وإنزال الرأس إلى أسفل. ثم البدء بإرخاء الظهر تدريجيا مع إعادة الرأس إلى الوضع الأصلي. ويُكرر هذا التمرين عدة مرات يوميا. > تمرين الساقين: وذلك بالرقود على الجانب الأيسر من الجسم، مع مد الساقين احدهما فوق الأخرى، ووضع اليد اليمنى على الأرض أمام الصدر، وإسناد الرأس على اليد اليسرى، ثم استنشاق الهواء العميق مع رفع القدم اليمني إلى أعلى قدر المستطاع، مع ثني القدم إلى الداخل، ثم إنزال القدم إلى أسفل ببطء مع الزفير. ويُجرى تكرار التمرين عشر مرات لكل جانب. > تمارين الاسترخاء: وتؤدي إلى استرخاء الجسم والذهن معا، والمساعدة على اختزان الطاقة لوقت الحاجة لها، وتساعد الذهن على التركيز وتزيد من وعي الجسم. ومنها:

< تمارين التنفس وإرخاء العنق: والذي هو في الغالب أحد مواضع الإجهاد، ذلك أن عضلات العنق تصبح مشدودة عند بذل أي مجهود رياضي أو بدني. ويمكن لهذا التمرين أن يساعد على إرخاء العنق وباقي الجسم، ويكون بالجلوس في وضعية مريحة مع إغلاق العينين، ثم لف الرأس برفق في دائرة كاملة مع استنشاق الهواء، ثم زفير بطيء واسترخاء مع إمالة الرأس للأمام برفق. ويكرر هذا التمرين من خمس إلى عشر مرات يوميا. <جلسة تايلور: احد تمارين الاسترخاء المريحة جدا للحامل، وفيه تجلس الحامل بوضع القرفصاء المريح بصورة خاصة أثناء الحمل، وتضع اليدين على الكتفين، ثم ترفع كلا الذراعين إلى الأعلى فوق الكتفين، ثم ترفع إحداهما فوق مستوى الأخرى، وتكرر نفس الأمر مع الذراع الأخرى عشر مرات لكل ذراع، ولا تهتز خلال القيام بهذا التمرين.

* تمارين كيجل وتقوية الحوض

* تعد هذه التمارين من الأساليب البسيطة لتليين عضلات الحوض والفرج وتقويتها استعدادا للولادة، وتساعد أيضا على النقاهة بعد الوضع. وهذه التمارين يمكن لجميع الحوامل ممارستها والاستفادة منها في أي وقت وفي أي مكان. ووصف التمرين هو كما يلي: استلق على ظهرك مع رفع الركبتين والمباعدة بينهما بحوالي عشرة سنتمترات، وملامسة الأرض براحة اليدين، مع وضع وسادة تحت الرأس والكتفين، ثم قومي بشد العضلات المحيطة بالفرج وفتحة الشرج مع الاستمرار في الشد قدر المستطاع لمدة عشر ثوان، ثم قومي بإرخاء العضلات ببطء واسترخي.. مع تكرار التمرين على الأقل خمس وعشرين مرة خلال اليوم. وبعد الشهر الرابع من الحمل ينصح بعمل التمرين في وضع الجلوس أو الوقوف، وذلك لان الرحم الذي ينمو ويكبر يمكن أن يضع ثقلا زائدا على الأوعية الدموية في وضع الاستلقاء.