مسؤولون أميركيون: حزب الله اللبناني يدرب مسلحين عراقيين في معسكرات قرب طهران

بناء على «اعترافات» 4 من عناصر الميليشيات الشيعية المعتقلين استجوبوا على انفراد

TT

أفادت تقارير أميركية سلمتها الولايات المتحدة إلى الحكومة العراقية، بأن مسلحين تابعين لحزب الله اللبناني يقومون بتدريب مقاتلين في الميليشيات العراقية في معسكر قرب طهران. وقال مسؤول أميركي إن المعلومات حول الدور الذي يقوم به حزب الله أدلى بها أربعة من أعضاء ميليشيات شيعية ألقي القبض عليهم في العراق أواخر العام الماضي وتم استجواب كل منهم بمفرده. ويقول الأميركيون إن التقارير عمّا يقوم به حزب الله في المعسكر الإيراني تتضمن تفاصيل مهمة عن المساعدات التي تقدمها إيران للميليشيات، ومنها الجهود التي يبدو أن إيران تبذلها من أجل تدريب المقاتلين على نحو لا يمكن ملاحظته. وقد سُلّمت بعض أوراق التحقيقات إلى الحكومة العراقية، بالإضافة إلى بيانات أخرى عن أسلحة إيرانية تمت مصادرتها، قبل أن تقوم الحكومة بإرسال وفد لها إلى طهران الأسبوع الماضي لمناقشة الادعاءات حول المساعدات الإيرانية للمجموعات المسلحة في العراق. ولم يتم الإعلان عمّا إذا كان الوفد العراقي قد واجه الإيرانيين بهذه المعلومات، أو كيف رد الإيرانيون عليها. وكانت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي قد أعلنت الأحد الماضي أنه ستجري تحقيقات خاصة بها في اتهامات بتدخل إيران في العراق وأنها ستوثق كل هذه التدخلات. وقال علي الدباغ، وهو متحدث بارز باسم الحكومة العراقية: «شهدنا في الماضي تدخلا إيرانيا في العراق وكانت لها مجموعات خاصة هنا». وأضاف: «نتمنى أن يراعي الإيرانيون التزاماتهم التي قطعوها على أنفسهم خلال اجتماعاتهم مع رئيس الوزراء ومجموعات أخرى خلال زيارات إلى إيران».

وكان هناك نقاش حاد بين بعض الخبراء حول مدى مسؤولية إيران عن عدم الاستقرار في العراق. وفي إطار نقد علني لإيران، قال الرئيس بوش ومسؤولون أميركيون إن إيران تتطفل باستمرار على العراق وأن الإيرانيين ظلوا لفترة طويلة يسلّحون ويدربون الميليشيات العراقية، والتي يطلق عليها الجيش الأميركي «مجموعات خاصة». ويضيف مسؤولون أميركيون أنه في محاولة للتستر على هذه الجهود، تقوم إيران على ما يبدو بإحضار مجموعات صغيرة من المسلحين الشيعة العراقيين إلى المعسكرات في إيران، حيث يتم تدريبهم على كيفية تحمل مسؤولية التدريب بأنفسهم. وبحسب مسؤولين أميركيين، يعود المسلحون بعد هذا إلى العراق لتعليم رفاقهم كيفية إطلاق الصواريخ أو القيام بعمليات القنص أو جمع بعض القنابل التي يتم زرعها في الطرق والتي تعتمد على محتويات إيرانية. ويصف المسؤولون ما يحدث بأنه عملية لـ«تدريب المدرّبين».

ويضيف الأميركيون ان عمليات التدريب تتم في العديد من المعسكرات بالقرب من طهران تحت إشراف قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني وأن من ينفذ التعليمات هم مسلحون تابعون لحزب الله، المدعوم من قوات القدس منذ فترة طويلة. وأشاروا إلى أن مسلحين تابعين لحزب الله يقومون بعدة أدوار مهمة لصالح الإيرانيين. ويضيف المسؤولون الأميركيون: أولا يعتقد الإيرانيون أنه من المفيد أن يقوم عرب بتدريب المقاتلين العرب. ثانيا، لدى حزب الله خبرة كبيرة في التخطيط للعمليات واستخدام الأسلحة والمتفجرات في لبنان. وحسب المسؤولين الأميركيين، ألقي القبض على المسلحين الشيعة الأربعة الذين اعترفوا بهذه التفاصيل في سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الثاني) من العام الماضي بعد أن عادوا من التدريب في إيران. وأضاف المسؤولون أنه تم استجوابهم كل على حدة وأنهم أدلوا بمعلومات متشابهة. وقال هؤلاء المسلحون في التحقيقات أنهم جزء من مجموعة تضم 16 مسلحا عبروا إلى إيران من جنوب العراق ونقلوا بعد ذلك إلى معسكر بالقرب من طهران، حيث تلقوا تدريبا نظريا وميدانيا. وقد ذهب بعض منهم إلى إيران عدة مرات في إطار برنامج قال عنه المسؤولون الأميركيون إنه يهدف لجعلهم «مدرِّبين من الطراز الأول» وكان من المحتمل أن يستمر لعدة أعوام. وحسب تقارير الاستجوابات، يعتقد المسلحون أن مقاتلين من بعض الدول الأخرى كان يتم تدريبهم في المعسكر، وأن سبب هذا الانطباع سماع أطراف من محادثات بلهجات ولغات أخرى. ولكن لم يتم السماح للمجموعات بالتحدث إلى آخرين. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم يعتقدون أن هناك تدريبات تخص مجموعات أخرى من المسلحين العراقيين، وأنه تم تقسيمهم الى مجموعات متفرقة للحفاظ على النواحي الأمنية. وقال مسؤول أميركي إنه تم القبض على مواطن عراقي سهّل سفر المسلحين، وإنه أعترف بأن الإيرانيين قد دفعوا له مقابل ذلك. وقد اقتبس هذا المسؤول هذه المعلومات من تقارير حول الاستجوابات ولكنه لم يسمح بالإطلاع عليها، كما رفض ذكر اسمه لأن هذه المعلومات لم يتم إعلانها حتى الآن. وهناك مغزى سياسي واضح للتقارير التي وردت حول برنامج التدريب الإيراني ومخازن الأسلحة السرية التي تم الكشف عنها، فخلال زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إيران في أغسطس (آب) الماضي، حاول الإيرانيون طمأنة العراقيين بأنهم لا يتدخلون في الشؤون الداخلية العراقية. وقد ساقت إدارة الرئيس جورج بوش، التي تسعى إلى جذب الانتباه إلى الدعم الذي تقدمه إيران إلى الميليشيات، تقارير حول بعض الاستجوابات وأدلة على أسلحة إيرانية حديثة الصنع كدليل على أن المسؤولين الإيرانيين لا يحافظون على كلمتهم. من جانبه، قال موفق الربيعي، وهو مستشار الأمن القومي للمالكي، في مقابلة يوم السبت الماضي: «لا نريد أن نكون في وضع حرب مع إيران ولن نسمح لأحد بأن يصفي حساباته معها على الأراضي العراقية، ولكن في نفس الوقت لا نريد أن تصفي إيران حساباتها مع الولايات المتحدة على الأراضي العراقية».

وفي إطار مناقشة الزيارة التي قام بها الوفد العراقي إلى إيران، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ وبعض المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي والمطلعين على تفاصيل الزيارة، إن الوفد لم يقابل المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي، ولكنهم اجتمعوا مع مسؤولين بارزين من وزارة الخارجية والمخابرات. وأكد جلال الدين الصغير، وهو عضو بارز في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي الشيعي، أن السياسيين الشيعية العراقيين سيقسمون على ألا يتخذوا أي موقف من شأنه الضرر بعلاقة العراق مع إيران. وأضاف الصغير: «إيران ليست دولة سهلة بالنسبة لنا، فلدينا حدود طويلة معها ولدينا تاريخ طويل من العلاقات معها، وتجمعنا أيضا روابط اقتصادية قوية ولا يمكننا الإضرار بهذا بسبب نسخ من بعض الوثائق».

ومع هذا، كانت هناك إشارات من قبل إلى تورط حزب الله، فقد ألقي القبض على علي موسى دقدوق، وهو مسؤول بارز في حزب الله، في العراق في مارس (آذار) 2007. وفي البداية رفض دقدوق التحدث، ربما حتى لا يكشف عن لكنته اللبنانية. وحسب مسؤولين أميركيين، اعترف دقدوق في النهاية أنه أتى إلى العراق ليقيّم أداء الميليشيات الشيعية التي لعبت منظمته دورا في تدريبها. وكانت الزيارة التي ألقي القبض خلالها على دقدوق هي الزيارة الرابعة له إلى العراق. ويقول مسؤولون أميركيون إنه يبدو أن المسلحين التابعين لحزب الله قد أصبحوا أقل ظهورا في العراق.