كيف أعادت «صولة الفرسان» الحياة إلى شارع الكورنيش في البصرة؟

TT

لم تكن ليلى المالكي تعلم انها ستستطيع ارتداء بنطالها الجينز والسفر من البصرة الى بغداد، إلا بعد ان رفعت اللافتات التي تحذرها كما تحذر كل نساء البصرة بعدم ارتداء أي ملابس بعيدة عن العباءة والحجاب، وربما الخمار. تقول المالكي عند زيارتها الى بغداد لتفقد احد اقاربها، ان عملية «صولة الفرسان» منحتها الحرية في ارتداء ما تريد والتحرك في أي وقت، مؤكدة في حديث لـ«الشرق الأوسط» ان شارع الكورنيش في البصرة كان الى وقت قريب شبه ميت والآن تستطيع وعائلتها السهر فيه حتى ساعة متأخرة من الليل. وتشير المالكي الى ان الكورنيش دليل حياة البصرة وقد عادت الحياة إليه وإليها.

ليلى كانت مع إحدى زميلاتها اللواتي يعملن في مجال الاعلام في البصرة وكانت تحاول في كل مرة الا تخرج عن الاطار الذي حددته لها الجماعات المتطرفة في المدينة في الملابس والخروج من البيت والاختلاط بزملائها من الرجال، فكانت تخشى من السلام على احد زملائها في الشارع او الذهاب معه الى مركز عملها في مكتب احدى الصحف المحليــة في المدينة، بل انها كانت ترتدي الحجاب وهي غير مقتنعة به، لأن الحجاب كما تقول قناعة وليس فرضا من جماعة معينة، وتشير ليلى الى ان احدى صديقاتهـــا من الطائفة المسيحية ارتدت الحجاب ايضا خوفـــا من استهدافها، مؤكدة ان اغلب جرائم القتل بحق النساء في البصرة كان لأسباب تتعلق بالتشدد الذي تدعيه تلك الجماعات.

ليلى الآن تشعر بالسعادة لأنها سافرت بمفردها وارتدت ما اعتادت عليه في السابق قبل تدخل الجماعات المتشددة في البصرة، سعيدة لأن أهالي البصرة بدأوا بالشعور ان حياتهم ملك لهم، وليست ملك أحد آخر.

وفي بغداد بدأت مظاهر ارتداء الفتيات للجينز اكثر من السابق، بل بدأت بعض الفتيات بالتنزه في المساء بملابس الجينز في مناطق الكرادة وشارع فلسطين والحارثية، وتقول هبة وهي تعمل محللة في احدى المختبرات في منطقة الحارثية إنها ولوقت قريب كانت تخشى ان تذهب بمفردها الى أي مكان من دون ارتداء الحجاب الذي لم تكن ترتديه أصلا، ولكنها اليوم تشعر ببعض الأمان، ولذلك عادت الى لبس ما تريده هي، بل ان ذويها لم يعاودوا إيصالها الى مكان عملها وهي تذهب بشكل يومي الى عملها بمفردها.

نادية صاحبة محل للحلاقة في بغداد كانت قد قررت السفر الى عمان للعمل هناك بعد التهديدات التي طالت اغلب محلات الحلاقة ببغداد، ونادية من الطائفة المسيحية التقيناها مع اقاربها في منطقة الكرادة وكانت الفتيات برفقتها يرتدين احلى الملابس للتنزه بين المحال في نفس الوقت الذي سمع فيه انفجار هائل اشارت اليه نادية وقالت «غير مهم، المهم هو ان نتمتع بحريتنا في بلدنا ولا تصدر لنا أوامر من الخارج. الانفجارات ستذهب وسنبقى نحن بحياتنا التي لن يسلبنا إياها أحد».