أين أموال مرافق المساهمات العقارية؟!

سعود الأحمد

TT

طالعتنا جريدة «الاقتصادية» يوم السبت الماضي بخبر مفاده مطالبة وزارة التجارة والصناعة السعودية لست جهات حكومية وأهلية بسرعة تعيين مندوبيها في اللجنة الوزارية، التي يرأسها وزير التجارة والصناعة وعضوية ممثلين (بدرجة وكيل وزارة) من وزارات الشؤون البلدية والقروية والداخلية والعدل والمالية وأمين عام الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وأمين عام الهيئة السعودية للمهندسين للنظر في جميع المساهمات العقارية القائمة (المرخص لها وغير المرخص) وقت صدور قرار مجلس عام 1426.

وبهذا الصدد، أود أن ألفت نظر أعضاء هذه اللجنة إلى حقيقة غائبة بشأن معظم المساهمات العقارية (المتعثرة وغير المتعثرة)، وهي أن ذمم معظم مديري هذه المساهمات لا زالت عالقة بقيام المرافق العامة في مخططات هذه المساهمات. والمحزن في الأمر أن بعض هؤلاء المديرين قد توفيّ، وآلت الأمور إلى ورثة أقل حرصاً على تبرئة ذمم والديهم!، وبعض هؤلاء المديرين استولى على هذه المرافق يبيع فيها ويشتري (لأنه المدير المفوض)، وكون منها ثروة استحلها لنفسه بحجة عدم وجود مطالبة! فالمعروف أن تصفية هذه المساهمات تكون في صورة أولية، وذلك بحساب المتحصل من قيمة الأراضي المقيمة والمباعة في المزاد (الحراج)، حيث يشتري معظم المساهمين قطع أراض مقابل حقوقهم في التصفية الأولية، وتبقى المرافق العامة تحت تصرف مكاتب مديري المساهمة (دون تقييم أو تصفية)، حيث أن أقيام التصفية الأولية التي يعلن عنها لا يدخل فيها أقيام المرافق لكونها تؤجل لحين طلبها من قبل الجهات الحكومية. ولأن السنين تمضي والأمر مسكوت عنه (دون مطالب)؛ فإن البعض من مديري المساهمات يبقون يبيعون من هذه المرافق العامة على الحكومة وعلى الأفراد (دون حسيب أو رقيب). ولأن الأمر فيه تداخل ذمم بين مديري المساهمات العقارية والمساهمين الأصليين، وأنه لا يوجد نص نظامي يُلزم هؤلاء المديرين بحصر هذه الحقوق وإعادتها لأصحابها، وبالنظر لغياب الشفافية المطلوبة فيما يتم عمله من إجراءات تنفيذية يقوم بها مديرو المساهمات العقارية، ولتحقيق المصلحة العامة لإعادة هذه الحقوق لأصحابها.. الذين بعضهم لا يستطيعون المطالبة بحقوقهم أو لا يعلمون أن لهم حقوقاً (أصلاً)؛ فإنني أطالب وزارة التجارة والصناعة بإصدار نظام (يعلن للعامة في حينه) يُوجب على مديري جميع المساهمات العقارية وناظري تصفيتها ومراجعي حساباتها، أن يقوموا بحصر أقيام المرافق العامة القديمة والحديثة، وبحصر أسماء جميع المساهمين في الأرض من واقع السجلات الأساسية للمساهمة، ويتصلوا بهم لتسليمهم أموالهم الباقية من حقوقهم في المرافق، أو يعلنوا عنها في الصحف وعلى لوحات مكاتبهم الإعلانية. ولأن نظام الشركات يعتبر السجلات المحاسبية للتاجر حجة له وعليه، فإنه بالإمكان أن تقوم وزارة التجارة والصناعة بالإيعاز للهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين بتقديم مشروع معيار محاسبي تحت مسمى «معيار تبرئة ذمم أصحاب حقوق الملكية». يهدف إلى استخدام المعلومات في السجلات المحاسبية لجميع شركات الأموال والأشخاص لحصر وتصنيف وتوصيف وتحييد جميع الأموال التي ليس لملاك هذه المنشآت حق فيها. بحيث توضح هذه الأموال بالمراكز المالية السنوية لهذه المنشآت. وعلى أن تلتزم إدارات هذه المنشآت بالبحث في السجلات المحاسبية والإحصائية والمستندات المرفقة بقيودها لمعرفة أصحابها. وأن يتم العمل على إعادتها لأصحابها (إن وجدوا)، أو يتم تحرير شيكات بهذه المبالغ تسلم لصندوق براءة الذمة الذي يقوم عليه صندوق التسليف السعودي.

ومن الجدير بالذكر أن هذا المر يمكن تعميمه، وفيه مصلحة عامة لتبرئة ذمم الغير، وفصل بين أموال المديرين عن المساهمين. ومنه ستتحقق مصلحة عظيمة على المدى القصير والطويل.

وختاماً.. أود التأكيد أن هذه الأموال بمبالغ ذات أهمية نسبية بالنظر للمليارات التي كانت تبلغه رؤوس أموال هذه المساهمات على مر السنين. وأنه بتأمل هذا الأمر نجد أن الحل ممكن وميسر. وذلك بتكليف من وزارة التجارة والصناعة لمديري هذه المساهمات العقارية وناظري تصفيتها ومراجعي حساباتها بفصل حقوق المساهمين عن حقوق مديري هذه المساهمات.

كاتب ومحلل مالي