العنف يعكر الانتخابات المقدونية ويخلف قتيلا

وقف التصويت في عدد من الدوائر واعتقال زعيم متمرد ألباني

ناخب يصوت وتظهر صورة لمنع حمل السلاح في أحد مقرات التصويت في سكوبي أمس (رويترز)
TT

تمثل مقدونيا حالة خاصة في أوروبا من حيث طبيعة الانتخابات التي لم تخل من العنف، وهي ظاهرة فريدة لم تحدث في أي بلد أوروبي، بما في ذلك دول أوروبا الشرقية وحتى الدول المستقلة عن يوغوسلافيا السابقة. ولم تمثل الانتخابات البرلمانية الخامسة منذ الاستقلال، والتي جرت أمس استثناء عن القاعدة، اذ قتل شخص وجرح 9 آخرون، مما اضطر اللجنة التي تشرف على الانتخابات إلى غلق مراكز اقتراع قرب العاصمة سكوبيه. وذكرت اللجنة المشرفة على الانتخابات أن عملية الاقتراع لم تجر في عددٍ من المناطق بسبب سرقة قوائم ومواد خاصة بالانتخابات. وتوجه عدد من الناخبين لصناديق الاقتراع، وهم مدججون بالسلاح مما اضطر اللجنة لوقف العملية الانتخابية. وقال الناطق باسم لجنة الانتخابات، زوران تانيفيسكي، في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط»: «اللجنة سجلت حوادثَ عنفٍ كثيرة شهدتها الانتخابات»، لكنه اضاف ان ذلك لم يدفع الناخبين للتراجع عن ممارسة حقهم الانتخابي في مجتمع يعج بالطوائف التي تشعر بأنها في مرتبة متدنية من سلم المواطنة مثل الالبان والبوشناق والأتراك وغيرهم.

وقتل شخص وأصيب عدد آخر بجروح عندما تعرضت دورية للشرطة المقدونية لإطلاق نار في بلدة اراسينوفو، 10 كيلومترات شمال سكوبي، المأهولة بغالبية ألبانية. وعلى اثر هذا الحادث، سدت آليات الشرطة وعدد كبير من قوات الامن مدخل اراسينوفو. كما توقف التصويت ايضا في نحو عشرة مراكز في مقدونيا بسبب اضطرابات امنية ومشاكل في اجراء الانتخابات. وأعلنت الشرطة امس انها ألقت القبض على زعيم سابق لمجموعة تمرد ألبانية ارتبط بالعنف الذي عكر الانتخابات امس. ونقلت «رويترز» عن مصدر امني قوله ان اقم كراسنيقي الذي كان احد قيادي «الجيش الالباني الوطني» اعتقل امس. وتعتبر الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة مهمة اساسية لاستعداد مقدونيا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ومقدونيا مرشحة رسميا للانضمام الى الاتحاد الاوروبي منذ نهاية 2005 واندماجها في اوروبا الـ27 حاسم بالنسبة لنهوضها الاقتصادي، فيما يتجاوز معدل البطالة 35 في المائة. ودعا رئيس الوزراء المنتهية ولايته نيكولا غروفسكي الى اجراء هذه الانتخابات المبكرة بعد فشل مقدونيا في دخول حلف شمال الاطلسي بسبب فيتو يوناني إثر خلاف بين اثينا وسكوبي حول اسم الجمهورية اليوغوسلافية السابقة. ويأمل «الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية» المحافظ الذي يحظى باكثر من 30 في المائة من نوايا التصويت، الحصول على الغالبية المطلقة بغية تنفيذ الاصلاحات التي تطلبها بروكسل قبل البدء بمفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. كما يأمل بالحد من نفوذ «الحزب الديمقراطي الالباني» الشريك في الائتلاف الحكومي السابق.

ويحق لحوالى 1.8 مليون ناخب الادلاء بأصواتهم لاختيار مرشحيهم من بين 18 قائمة انتخابية تضم 1540 مرشحا يتنافسون على 120 مقعدا من مقاعد البرلمان. ويستبعد أن تفوز أي من القوائم المذكورة بالأغلبية مما سيدفع مختلف الفرقاء لتشكيل حكومة ائتلافية خلال 3 أشهر، وذلك بعد ظهور نتائج الانتخابات اليوم. وشرح المحلل السياسي المقدوني محمد تشومسكي لـ«لشرق الاوسط»: «مستقبل مقدونيا يكمن في داخلها، يمكننا التعايش والتعاون مع اختلافاتنا، ولكن يجب عدم استغلال طيبة البعض وسذاجتهم من أجل خدمة التعصب الطائفي أو الديني أو المذهبي». وتابع «هناك الكثير الذي يجمعنا، والتنازل من موقع الشعور بالثقة بالنفس هو ما تحتاجه مقدونيا». وعن العنف الذي رافق الانتخابات قال: «هناك شعور بالغبن وافتقاد العدالة ترجمه البعض باللجوء للقوة». وعن نتائج الانتخابات التي أشرف عليها نحو 500 مراقب دولي و6 آلاف مراقب محلي، أكد أن أياً من الأحزاب أو القوائم لن تحصل على الأغلبية، لكنه توقع ان تحقق قائمة «من أجل غدٍ أفضل» وقائمة «شمس أوروبا» نتائج كبيرة إلى جانب الحزبين الالبانيين «الحزب الديمقراطي» و«الاتحاد من أجل الاندماج». وسيكون السعي الى ايجاد تسوية مع اليونان على اسم مقدونيا من المهام الاولوية للحكومة الجديدة. وتعتبر اثينا ان اسم مقدونيا ينتمي الى ارثها التاريخي، وقد يقف عقبة على طريق الجمهورية اليوغوسلافية السابقة باتجاه الاتحاد الاوروبي بعد ان اعاق انضمامها الى الحلف الاطلسي. ومشكلة الاعتراف بكوسوفو ستكون ايضا من الملفات الحساسة أمام الحكومة المقبلة، خصوصا أن سكوبي ترغب في اقامة علاقات طيبة على حد سواء مع بريشتينا وبلغراد التي تصر على رفضها الشديد لاستقلال كوسوفو.