نسيم نسر عاد إلى البازورية على وقع رقصة الدبكة

ألقى التحية على قبر والده وتمتع بوليمة أعدها حزب الله

TT

بانتظار وصول الموكب الذي أقل الأسير المحرر نسيم نسر من الناقورة الى البازورية تمر الدقائق وكأنها دهر على النسوة اللواتي شرعن بتوريق الورود تمهيداً لنثرها عليه مع الأرز عندما تطأ قدماه ارض بلدته.

«الغالي بيرخصلو» تقول والدته الحاجة زينب نسر، رداً على احدى جاراتها التي لفتتها الى ان ثمن الأرز غال في هذه الايام و«ما في أعز منه».

مجموعات «حزب الله» بدت في ورشة عمل تتوزع الأدوار بين الأمن والاستقبال والموسيقى والانضباط. وفجأة يرتفع صوت احدهم عبر الـ «توكي ووكي»: «وصل النسر» لتصدح فوراً الاناشيد الحماسية: «هلموا لاستقبال نسركم المحلق في سماء الحرية».

يتوجه نسيم فور وصوله الى ضريح والده موسى محمد نسر الذي توفي في عام 2002، أي اثناء غياب الابن. وامام الضريح صرخت والدة نسيم التي ارتدت غطاء الرأس منذ ان اشهرت اسلامها، ورفعت يد ولدها لتصرخ ثانية على زوجها «قم يا موسى، شوف نسيم تحرر وعاد شامخاً. هلق (الآن) نم قرير العين يا ابو عمران (زوجها) اجا الحبيب، ما بدك تسلم عليه؟». وتتابع: «عاد بإرادة السيد حسن نصرالله. وانا ممتنة له حتى مماتي».

من المدافن الى البلدة، حيث زينت ساحة المنزل بشعارات «حزب الله» ولافتاته وغصت بالشباب لاسيما الصبايا اللواتي كان معظمهن سافرات ومن دون لباس شرعي، بل أقرب الى الموضة السائدة في اوروبا. وهذه علامة فارقة في بلدة شيعية، لاسيما انها مسقط رأس الامين العام لـ «حزب الله». وراحت الصبايا يدبكن مع دخول نسيم على وقع اناشيد «حزب الله» التي تخللتها اغنية الاخوين رحباني «زينوا الساحة والساحة لينا». وتصاعدت الحماسة فيما عمران، الشقيق الاكبر لنسيم، يردد «جاء النسر ليحلق مجدداً».

المنزل استعاد حضوره ورونقه. كل شيء فيه جديد، الطلاء والاثاث، مع صورة لوالدة نسيم والسيد نصرالله، خاطبتها الوالدة قائلة: «هنا كنت تقول لي سيعود ابنك. وها هو قد عاد».

دخل نسيم المنزل. تفقده غرفة غرفة حيث خزائنه التي ما زالت تحتوي ثيابه كما تركها. صافح مستقبليه وهرع الى وليمة زاخرة بالأطعمة اللبنانية التي اعدها «حزب الله».

وبدا ان افراد العائلة كانوا يسألون مسؤولي الحزب عن امكانية مصافحة نسيم او التقاط الصور معه، او عن كيفية التصرف مع الحضور الاعلامي القوي.

التهم نسيم «المنسف» (طعام لبناني عبارة عن لحم وارز) بشهية كبيرة. وجلس بقربه بسام، شقيق الاسير سمير القنطار، الذي ابلغه نسيم انه كان يتواصل مع شقيقه بواسطة المحامي و«هو يهديكم السلام والتحية».

الوالدة تتعامل مع ابنها المحرر كطفل ولد للتو وتصر على اطعامه بنفسها. وهو يقول: «شو هالأكل الطيب من زمان ما تذوقت مثله». انتهى من وجبة طعامه الاولى بعد الحرية، فوفر له مسؤولو الامن في «حزب الله» خروجاً سلساً من المنزل لمصافحة المحتشدين في الساحة، مع اغنية «مين قدك لما تطل».

وقال: نسيم «انها لحظة سعيدة جداً. الحمد لله عدت الى وطني. كنت أعد اللحظات ثانية ثانية. جميع الأسرى بخير. التواصل معهم كان يتم عبر المحامين ومعنوياتهم عالية. وآخر اتصال معهم كان الخميس الماضي». وذكر أنه اضطر للذهاب الى اسرائيل من دون أن يفصح عن الأمر، مصراً على ان سبب ذهابه كان «لأمر اضطراري». وأوضح: «كنت اتكيّف مع كل شيء ومهيأ لأي شيء. لم أصدق انه سيتم الافراج عني. وحتى لو لم يتم الافراج عني اليوم، فمن المؤكد ان الافراج سيتم عاجلا أم آجلا».

اما والدة نسيم فقالت: «انا مسرورة جداً. وأحيي من ساهم بإطلاق ابني وعودته الى وطنه. لقد استعاد حريته بفضل السيد حسن نصرالله».

ورداً على سؤال يتعلق بجذورها وأصولها اليهودية، قالت: «نعم اخجل بذلك. ولا أقبل من أحد ان يقول لي انني يهودية. انا مسلمة واتبع دين زوجي وأحب ديني الاسلامي». وأشارت الى انها لا تعرف اي شيء عن افراد عائلتها اليهودية في اسرائيل، علماً ان اسمها السابق هو فالنتينا الصايغ.