تفجير انتحاري يقتل ستة ويصيب 20 أمام سفارة الدنمارك في باكستان

كوبنهاغن تدين انفجار إسلام آباد والنرويج تغلق سفارتها

TT

تعرضت باكستان لضغط دولي كبير بعد تفجير السيارة المخففة بالقرب من السفارة الدنماركية في إسلام آباد، مما أدى إلى مقتل أكثر من ثمانية أشخاص وجرح ما يزيد على 20 آخرين. وقد تسبب الانفجار في حدوث تلفيات كبيرة لمبنى السفارة الدنماركية والبنايات المجاورة في المنطقة. وقد قتل ثمانية أشخاص وقت حدوث الانفجار مباشرة، كما تم نقل الجرحى إلى المستشفى المجاور. وقد أفاد مسؤولو السفارة الدنماركية بأن أحد عمال السفارة كان بين القتلى وأن ثلاثة آخرين قد أصيبوا، لكن لم يتسبب الحادث في مقتل أي مواطن دنماركي. ومن الواضح أن السفارة الدنماركية كانت هي المستهدفة من ذلك الهجوم، حيث أفاد وزير الداخلية الباكستاني رحمان مالك في وقت لاحق إلى أن السفارة الدنماركية في إسلام آباد قد تلقت تهديدات أثناء الجدل الذي ثار بسبب نشر الرسوم الكرتونية المسيئة في الصحف الدنماركية. وقد أفاد مسؤولو وزارة الداخلية بأنه بناء على تقارير استخبارية، فإنهم كانوا يتوقعون مثل هذا الهجوم في إسلام آباد. وسيثير الانفجار تساؤلات جديدة بشأن سلامة الاجانب في باكستان بالرغم من أن هجمات المتشددين تراجعت بعد أن تعهدت الحكومة الجديدة التي تشكلت في أعقاب الانتخابات العامة في فبراير (شباط) باجراء مفاوضات لانهاء العنف. وكانت الصحف الدنماركية قد أثارت غضب المسلمين في شتى أنحاء العالم عندما نشرت رسوما مسيئة للنبي محمد بنهاية عام 2005. واندلعت احتجاجات عنيفة بسبب الرسوم عام 2006 بينها هجمات على البعثات الدنماركية. وأغلقت السفارة في اسلام آباد بشكل مؤقت عام 2006 بعد احتجاجات عنيفة بسبب الرسوم.

وقال سكان المنطقة انهم كانوا يخشون وقوع هجوم على السفارة. وقال سانا خالد أحد سكان المنطقة: «منذ نشر الرسوم كنا نشعر دائما بالخوف، ولكنهم يستحقون ذلك بسبب ما فعلوه بديننا».

وأدان الرئيس الاميركي جورج بوش امس الهجوم الانتحاري الذي استهدف السفارة الدنماركية في باكستان وقدم تعازيه لاهالي الضحايا، وفق ما اعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو. فيما أدان الاتحاد الاوروبي الهجوم الذي وقع أمام السفارة الدنماركية في العاصمة الباكستانية إسلام اباد امس.

وقال متحدث باسم المفوضية الاوروبية في بروكسل: «المفوضية تتضامن مع الدنمارك، الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي في هذه المسألة». وقد كان معظم القتلى الذين سقطوا بسبب هذا الهجوم من الجنسية الباكستانية حيث كانوا يقومون بعملهم في حراسة أمن السفارة الدنماركية، وغير ذلك من المكاتب التي تقع في محيط السفارة. ومع ذلك، فقد قتلت سيدة تدعى ماريا من الجنسية البرازيلية بسبب التفجير. وذكرت الشرطة ومسؤولون أمنيون أن كل القتلى والمصابين من الباكستانيين ويشتبه أن القنبلة فجرها مهاجم انتحاري في سيارة. وتسبب الانفجار في حفرة على الطريق خارج السفارة. وعلى بعد نحو عشرة أمتار من الحفرة كان هناك محرك سيارة. وعرض التلفزيون لقطات توضح أضرارا بالغة لحقت بمبان وعربات قريبة. ويبدو أن أحد القتلى حارس باكستاني. وقالت الشرطة ان اثنين من القتلى من رجالها.

وفور شيوع نبأ الهجوم على السفارة الدنماركية في إسلام آباد، أعلنت وزارة الخارجية النرويجية إقفال سفارتها في إسلام آباد، كما ورد على لسان المتحدث الرسمي باسم الوزارة تور هنريك اندرسن. وأضاف المتحدث أنه من المبكر جدا الحديث عما إذا كانت السفارة النرويجية قد تلقت تهديدات مماثلة دفعها إلى اتخاذ قرار الإغلاق. وتقع السفارة الدنماركية في قطاع اف6/2 من إسلام آباد، خارج الحي الدبلوماسي في العاصمة الباكستانية. ويحاط مبنى السفارة من كل جوانبه بمكاتب منظمات دولية غير حكومية وبعض المقرات السكنية لدبلوماسيين غربيين مهمين. وكان التفجير من القوة بحيث أن الجانب الأمامي من مبنى السفارة الدنماركية وما حوله من مبان تحيط به قد دمرت تماما. وقد أفاد مسؤولون كبار في الشرطة الباكستانية بأنه لم يتضح بعد ما إذا كان الهجوم انتحاريا أم لا. وقال وزير الداخلية رحمان مالك: «إننا ما زلنا نقوم بتحرياتنا حول ما إذا كان ذلك الهجوم انتحاريا أم لا، لكن الشيء الواضح هو أنه تم وضع قنبلة داخل إحدى السيارات». كما أفاد مسؤول كبير في الشرطة الباكستانية كذلك بأن المهاجم قاد السيارة إلى مكان ضيق بين السفارة ومبنى أحد المكاتب. وقد عثر على محرك السيارة على بعد عدة أمتار (أقدام) من موقع الانفجار. وقال وزير الداخلية الباكستاني رحمان مالك إن التحقيقات جارية وسوف يتم الكشف عن النتائج خلال الـ24 ساعة المقبلة. وقد تعرضت باكستان إلى ضغط دولي هائل نتيجة ذلك التفجير. ومع قيام وزير الخارجية الباكستاني سلمان بشير، وهو أعلى مسؤول حكومي، بزيارة السفارة الدنماركية لتعزية موظفي السفارة، إلا أن «صورة باكستان قد تضررت بسبب هذا التفجير» حسب قوله. ولم يتضح بعد من هو منفذ التفجير، كما لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عنه. وقد كانت هناك فترة من الهدوء النسبي في باكستان بعد تولي الائتلاف الحكومي المدني السلطة منذ نحو شهرين. ويعتبر ذلك الهجوم هو الأول من نوعه بعد الهجوم الذي حدث في 15 من مارس (آذار) على المطعم الإيطالي. وتقوم العناصر الباكستانية التي يعتقد بأنها تقف وراء سلسلة من الهجمات الانتحارية في عدة مدن باكستانية، بعقد محادثات مع الحكومة الباكستانية المنتخبة التي تنتمي إلى حزب الشعب الباكستاني. كما أن هناك وقفا لإطلاق النار بين العناصر القبلية وقوات الأمن الباكستانية منذ نحو شهرين. وتعرضت باكستان لموجة من التفجيرات الانتحارية في النصف الثاني من عام 2007 وببداية العام الحالي ولكن معظم الهجمات شنت على قوات أمنية وسياسيين باكستانيين. وأصبحت الهجمات على أجانب نادرة منذ وقوع العديد من مثل هذه الهجمات عام 2002 ولكن انفجارا في مطعم ايطالي في اسلام آباد في مارس (اذار) تسبب في مقتل تركية واصابة العديد من الاجانب وبينهم ضباط بمكتب التحقيقات الاتحادي الاميركي.

وفتحت الحكومة الجديدة محادثات مع متشددين عبر وسطاء. ولكن المحادثات أثارت تساؤلات في الولايات المتحدة وبين بعض من حلفاء باكستان الذين يخشون أن تسمح اتفاقات السلام في باكستان للمتشددين من حركة طالبان وتنظيم القاعدة بتعزيز حربهم ضد القوات الغربية في أفغانستان. وتزامن الانفجار مع اجتماع حاشد مناهض للرسوم المسيئة في مدينة ملتان حضره نحو 200 شخص، وبعد سماع أنباء الانفجار كبر المحتجون.

وفي كوبنهاغن ندد رئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوغ راسموسن بشدة بالاعتداء الانتحاري الذي استهدف امس السفارة الدنماركية في اسلام اباد ووصفه بانه «جريمة جبانة» وغير مبررة.

وقال راسموسن للصحافيين من مقره الريفي في ماريينبورغ شمال كوبنهاغن «مهما كان الدافع وايا يكن المدبرون فاننا ازاء جريمة بشعة وجبانة ندينها بشدة ولا شيء يمكن ان يبررها».

من جهة اخرى اكد رئيس الوزراء الدنماركي ان «الدنمارك لن تغير سياستها بسبب الارهاب»، واضاف «لن نخضع للارهابيين وسنستمر في السياسة الخارجية والامنية التي نطبقها». واوضح ان الدنمارك تلقت «التعازي من الرئيس الباكستاني ورئيس وزرائه ووزير خارجيته».

ودعا وزير الخارجية الدنماركي بير ستيغ مولر امس الى اجتماع وزاري عاجل بعد الاعتداء الذي استهدف السفارة، بحسب ما افاد مسؤول في مكتبه رفض الكشف عن اسمه.

وفي جدة دانت منظمة المؤتمر الاسلامي «العمل العنيف والمتطرف» الذي استهدف أمس السفارة الدنماركية في إسلام آباد وشددت على رفض الإسلام للعنف والإرهاب.

وقال متحدث باسم الأمانة العام للمنظمة التي تضم 57 عضوا ومقرها مدينة جدة السعودية على البحر الأحمر، إن الأمين العام، أكمل الدين إحسان أوغلي «أعرب عن استيائه الشديد ازاء هذا العمل العنيف والمتطرف». وأضاف المتحدث في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه ان «الإسلام يرفض العنف والإرهاب بجميع صوره ومظاهره»، مؤكدا تعاطف إحسان أوغلي مع الضحايا.