حزب أساسي في ائتلاف أولمرت يهدد بتفكيك ائتلافه الحكومي

الضغوط الداخلية تتزايد يوميا على رئيس الوزراء الإسرائيلي للتخلي عن منصبه

TT

في الوقت الذي يصارع فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود أولمرت، من أجل لملمة أشلاء حزبه وائتلافه الحكومي، بعد تحقيقات الشرطة في قضية الرشاوى، هدد حزب آخر في الحكومة بالانسحاب إذا لم يوافق أولمرت على طلبه زيادة مخصصات تأمين الأولاد.

فقد أعلن رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، وزير التجارة والصناعة، ايلي يشاي، أن مجلس الآباء الروحيين للحزب قرر إعطاء مهلة قصيرة لأولمرت حتى ينفذ مطالبه بزيادة المخصصات. وقال انه في الوضع الذي تعيش فيه ثلث العائلات الإسرائيلية تحت خط الفقر، يجد حزبه نفسه مسؤولا عن انقاذها ولا يكون ذلك إلا في رفع المخصصات. وهدد بالانسحاب من الائتلاف في حالة رفض الطلب أو التقاعس في التجاوب معه. وكان وزير المالية في حكومة أولمرت، روني بار أون، قد أعلن رفضه لهذا الطلب قائلا إن اسرائيل لا تستطيع حل مشكلة الفقر ببناء «مجتمع تسول» على طريقة حركة «حماس» في قطاع غزة، وانه يطرح على الفقراء نظاما يشجعهم على العمل والإنتاج الحر ويزيد امكاناتهم التعليمية ليرفعوا من مساهمتهم في دفع عجلة الاقتصاد على أسس سليمة.

وكان أولمرت يؤيده في ذلك. إلا ان النقاش في الموضوع لم يعد نقاشا اقتصاديا مهنيا وعلميا، بعد أن دخل أولمرت في أزمة حكم شخصية بسبب التحقيقات معه في الشرطة. واتخذت القضية منحى سياسيا، خصوصا بعد ان استغل رئيس المعارضة اليمينية، بنيامين نتنياهو، الموقف وأعلن تأييده لرفع مخصصات التأمين.

ومن سخريات أقدار السياسة الاسرائيلية ان نتنياهو هذا، هو نفسه الذي كان قد قلص مخصصات تأمين الأولاد، عندما أشغل منصب وزير المالية في حكومة أرييل شارون، سنة 1995. واستخدم نتنياهو في حينه نفس الحجج التي يستخدمها بار أون وأولمرت اليوم لرفض زيادة تأمين الأولاد.

وأشار جميع المعلقين والسياسيين الى ان موقف نتنياهو هذا انتهازي مخادع وانه يركب موجة الهجوم على أولمرت جراء التحقيقات ويتصرف بلا مسؤولية ويبدل جلده في سبيل الاطاحة بأولمرت والتسبب في تبكير موعد الانتخابات للحلول مكانه في رئاسة الحكومة.

لكن نتنياهو ادعى انه غير رأيه في القضية لأنه يجد ان هنالك وفرة في الميزانية تتيح مثل هذا القرار. ويبدو ان أولمرت لا يسارع في التراجع عن موقفه من هذه القضية وطلب من «شاس» الانتظار حتى عودته من الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع ليقرر كيف سيتعاطى مع الموضوع. ولكنه يدرك بأن عقبة أخرى تتراكم في طريقه الشائك للبقاء في الحكم. فهو يعاني من ضغوط داخلية في حزبه «كديما» للإعلان عن تبكير موعد الانتخابات القادمة، أو تجميد وظائفه واتاحة الفرصة لحزبه لكي يواصل الحكم، فالانتخابات المبكرة ستؤدي الى تفكيك هذا الحزب في الأوضاع الحالية. ولكن أولمرت يتردد طويلا في تجميد وظائفه، لأن ذلك يعني أن تتولى نائبته وزيرة الخارجية، تسيبي لفني، رئاسة الحكومة في الفترة الانتقالية. وهو غاضب عليها جدا لأنها لم تقف الى جانبه في أزمة التحقيقات ولا يريد مكافأتها على ذلك ويفضل أن يبكر موعد الانتخابات ليتم انتخاب شاؤول موفاز أو أي قائد آخر عداها، لرئاسة حزب «كديما» وريثا له. ومن جهة أخرى، قدم رئيس حزب العمل وزير الدفاع، ايهود باراك، أمس، وجبة أخرى من الضغوط على أولمرت، حينما أعلن في جلسة كتلة حزب العمل البرلمانية ان هذه الحكومة قد أنهت مهامها وانه ينتظر شركاءه في «كديما» لكي يبتوا في الأمر ويتخذوا أحد قرارين: «فإما أن يعلنوا عن تقديم موعد الانتخابات، أو أن يحدثوا تغييرا في قيادتهم لاكمال المسيرة معا لفترة محددة. وفي الحالتين، يطالب باراك أولمرت بالتنحي».

وتلقى أولمرت ضربة أخرى، أمس، حينما صادقت لجنة النظام في الكنيست على انشقاق حزب المتقاعدين الى حزبين، بقي منه في الائتلاف 4 نواب من مجموع سبعة. وسيكون عليه الآن أن يفاوض المنشقين الثلاثة لكي ينضموا الى الائتلاف. لكن النواب الأربعة المتحالفين معه يعارضون. وتؤدي هذه الأوضاع بأولمرت الى أزمة أخرى تتعلق بميزانية الدولة. فمن المفروض ان يبدأ البحث فيها فورا، لكي تقر في الكنيست حتى نهاية السنة الجارية. ويبدو من صورة الائتلاف الحالية ان هذه مهمة شبه مستحيلة، حيث ان جميع الأحزاب الائتلافية معنية بتحقيق إنجازات خاصة بها عشية الانتخابات، لذلك تتقدم بمطالب كبيرة. وأولمرت الذي كان قد تعهد بإدارة ميزانية الدولة وفقا للمبادئ والاحتياجات، سيضيف لشخصيته صفة سلبية أخرى، إذا رضخ للضغوط.

وحسب أحد المقربين منه، أمس، فإنه بات يفضل الجلوس في بيته وإدارة المعركة لتنظيف اسمه من الشبهات البوليسية، على البقاء رئيس وزراء مهانا على هذا النحو.