المجالس البلدية: غالبية «هادئة» وقلة «متأزمة».. والنتيجة «واحدة»

بعد مضي نحو 3 سنوات.. هل أخفق الفائزون في تحقيق تطلعات ناخبيهم؟

تساؤلات بعد مضي 3 سنوات هل أخفق الفائزون في تحقيق تطلعات ناخبيهم؟ («الشرق الأوسط»)
TT

بدأت إفرازات الانتخابات البلدية في السعودية، والتي أجريت على 3 مراحل في عام 2005، بالظهور مع مرور ما يزيد على نصف عمر 178 مجلسا بلديا، انتخب نصف أعضائها في عملية اقتراع شعبية هي الأولى في نوعها بهذا الحجم، شارك فيها الرجال دون النساء.

وفي الوقت الذي بات ملاحظا فيه طابع الهدوء الذي غلب على معظم المجالس البلدية، كان التأزيم سيد الموقف قبل وبعد بدء عمل المجالس البلدية، خصوصا في المنطقة الشرقية، ومحافظة جدة، وحتى حائل، التي شهد مجلسها البلدي استقالة بعض أعضائه.

لكن في مدينة الرياض، كان الأمر مختلفا بعض الشيء، إذ أنه وبالرغم من التسريبات التي تتحدث عن وجود تباين كبير في وجهات النظر بين أعضاء مجلسه البلدي، إلا أن ذلك الخلاف لم ينتقل يوما إلى صفحات الصحف اليومية، كما حدث في مجلس حاضرة الدمام، والذي وصل به الأمر لتقاذف التهم علنا.

وتتكون المجالس البلدية القائمة في السعودية، والبالغ عددها 178 مجلسا، من نصفين؛ الأول تم انتخابه على 3 مراحل، بتاريخ 10 فبراير (شباط)، و3 مارس (آذار)، و21 أبريل (نيسان) عام 2005. أما النصف الثاني فقد انضم إلى المجالس البلدية بالتعيين، بتاريخ 14 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه.

وبالرغم من أن الشارع السعودي، ساهم بشكل كبير في إنجاح تجربة الانتخابات البلدية الأولى، إلا أن هذا الأمر لم يشفع له أن يكون مستفيدا من هذه التجربة بشكل مباشر، بحسب المواطنين الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» من مناطق مختلفة من البلاد، وحتى في قناعة مجموعة كبيرة من أعضاء تلك المجالس.

والسبب في ذلك، وفقا لمواطنين شاركوا في الانتخابات، يعود لعدم وفاء مرشحيهم بالوعود الانتخابية التي كانوا يطلقونها في حملاتهم الانتخابية، التي بدأت في العاصمة السعودية في 30 يناير (كانون الثاني) 2005، وحتى 8 فبراير (شباط) من العام نفسه. وقال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور صالح الخثلان رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الملك سعود، وأحد من شارك في مراقبة الانتخابات البلدية، ان هناك حالة من الإحباط الشديد تجاه العملية الانتخابية في أوساط من شاركوا فيها. وعزا ذلك للضعف الذي يعتري عمل تلك المجالس. وأضاف «أعتقد أن عامين ونصف العام هي مدة كافية لتقييم التجربة. لقد خذلت تلك المجالس المواطنين». لكن الخثلان، يرى أمرا آخر لحالة التذمر التي تسود أوساط المواطنين في هذا الوقت، وهو برأيه أن الناس لم تكن على وعي وإدراك بدور المجالس البلدية الحقيقي، وهو ما ساهم في تعزيزه بعض الوعود الانتخابية التي بالغ فيها مطلقوها أيام حملاتهم.

وشهدت الحملات الانتخابية التي أقيمت في المدن الكبرى على الأقل، بذخا في الإنفاق، وفقا للخثلان، والذي قال انه «الإسراف المبالغ فيه».. وأضاف ذلك «لم يشفع لأصحابه بالحصول على ثقة الناس». ويجزم رئيس قسم العلوم السياسية بأن التوجهات الفكرية لعبت دورا في اختيار المرشحين أيام الانتخابات البلدية في المدن الكبرى عبر تكتلات رمز لها بـ«القوائم الذهبية»، فيما الروابط الاجتماعية كانت صاحبة الفضل في وصول المرشحين في المحافظات والقرى الصغيرة.

ويحظر نظام الانتخابات البلدية في السعودية، التكتلات الانتخابية. لكن الخثلان يرى ضرورة مراجعة هذا الأمر، لأنه يعتقد أن التكتلات لعبت دورا كبيرا في الانتخابات السابقة، وستلعب دورا أيضا في الانتخابات المقبلة. وشدد الدكتور صالح الخثلان، على ضرورة إعادة النظر في نظام المجالس البلدية، على نحو يحظر على رؤساء البلديات وأمناء المناطق ترؤس تلك المجالس، ما يعطيها مرونة أكبر في عمليات المراقبة المالية على الأنشطة البلدية، ويوسع الصلاحيات الممنوحة لها.

ويتفق مع هذا الرأي الدكتور مفلح القحطاني نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، وهي الجهة التي تكفلت بكامل مصروفات مراقبة الانتخابات البلدية الأولى، والذي أكد بدوره أن الحاجة ماسة لمنح المجالس مزيدا من الصلاحيات.

وأبرز مفلح القحطاني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» ضعف دور المجالس البلدية، من خلال تصريحات أعضائها بأنهم لا يملكون مقومات حقيقية تدفعهم للرقي بأحيائهم وخدمة سكانها.

وقال «ان مشاركة المجالس البلدية ستبقى محدودة في حال عدم توسيع صلاحيتها. الصلاحيات الممنوحة لها غير كافية». ولم تشارك النساء السعوديات في الانتخابات البلدية الماضية. ويرى نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، عدم وجود نص نظامي يمنع مشاركة المرأة في تلك الانتخابات، ويقول ان السبب الرئيس وراء عدم السماح لنساء بلاده بالمشاركة كان عدم وجود بطاقة هوية تعرف بغالبيتهن في المراكز الانتخابية.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه أرقام رسمية عن وجود نحو مليون امرأة سعودية باتت تحمل بطاقة تعريفية، توقع الناشط الحقوقي، ان يسمح للنساء السعوديات بالمشاركة في الانتخابات البلدية في دورتها المقبلة.

وحفلت العملية الانتخابية للمجالس البلدية، بمشاركة شعبية ينظر لها البعض بأنها مقبولة، حيث سجَل نحو 800 ألف مواطن في قيد الناخبين، رشح ما يزيد على 9 آلاف منهم أنفسهم لخوض المعركة الانتخابية، قبل أن يحجز 608 فائزين مقاعدهم في المجالس البلدية.

ولم تخل اللحظات التي تلت إعلان المرشحين الفائزين بمقاعد المجالس البلدية، من التأزيم من بعض المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ، والذين شككوا بدورهم في نزاهة الانتخابات البلدية، في الوقت الذي أشاد فيه المجلس الوطني لمراقبة الانتخابات بنزاهة وشفافية وصحة العملية الانتخابية والتي قال ان «السلطة الرسمية في السعودية لم تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر فيها».