أعضاء في بلدي الشرقية: إجماع على الفصل بين رئاسة «الأمانة» و«المجلس»

لخصوا معوقات عملهم في عدم وضوح النظام وحجم الصلاحيات الممنوحة لأعضائها

TT

أجمع أعضاء في مجالس بلدية بالمنطقة الشرقية على عدم نيتهم السعي لتجديد طرح أنفسهم كمرشحين في الانتخابات البلدية المقبلة التي يتوقع أن تبدأ قبل نهاية العام المقبل 2009، مرجعين ذلك لعدم وضوح النظام والصلاحيات الممنوحة لأعضائها.

وقال خليفة الدوسري عضو مجلس الدمام البلدي أن الانتخابات التي حدثت قبل ثلاث سنوات، مرت دون أن تكون هناك معرفة بحدود الصلاحيات الممنوحة للمجلس البلدي، سواء من قبل المرشحين أو من الناخبين، وكانت آمال الناس على هذه الانتخابات كبيرة، بينما نظر المثقفون لها كما يحدث في بعض الدول التي لديها تاريخ انتخابي عريق مثل بريطانيا. فيما يرى جعفر الشايب رئيس مجلس بلدي القطيف الأسبق وعضو المجلس، إن المجالس البلدية مرت خلال تجربتها القصيرة بمرحلتين أساسيتين، الأولى هي التأسيس، التي اتسمت بوضع اللبنات الأولى للتجربة من خلال التعرف على مهام وأعمال الأعضاء وتقييم العلاقة بينها وبين الأجهزة التنفيذية. أما المرحلة الثانية فتأتي بعد صدور مجموعة من الأنظمة الجديدة التي حددت بصورة أكثر وضوحا مسؤوليات المجالس البلدية وأعطتها صلاحيات رقابية واسعة على أعمال الأجهزة البلدية وتميزت هذه المرحلة بوضوح أكثر للأدوار الرقابية وتفاعلاً أفضل بين مجموع الأعضاء ومطالبة أكبر بدور رقابي فاعل.

من جانبه، ذكر عضو المجلس البلدي بحاضرة الدمام أحمد الموسى، إن البرامج الانتخابية التي طرحت في فترة الانتخابات كانت في الغالب موضوعية، مضيفا «في برنامجي الانتخابي طرحت خمسة أهداف تحقق معظمها حتى الآن».

وبين الموسى أنه خلال حملته الانتخابية طرح برنامج تنمية أحياء الدخل المحدود، كما طرح فكرة تصريف مياه الأمطار، مشيراً إلى أن الأمانة في الفترة الحالية تعمل على تنفيذ هذه المشاريع في الفترة الحالية. مضيفا «في برنامجي الانتخابي لم أعد بأشياء خيالية، وإنما كنت أطرح فكرة توفير الخدمات للكثير من الأحياء، وكذلك الارتقاء بتنفيذ الخدمة».

وهنا يعود الدوسري مرة أخرى ليقول «لم أقطع وعوداً ولم أطلق برامج انتخابية فيها الكثير من المبالغة، كنت أسأل الناخبين فقط، ماذا تريدون عندما أمثلكم في المجلس، لأنني كنت أعرف أن دور الأمانة هو الإشراف على الخدمات وتنظيم الشوارع وغيرهما من المهام».

أما عبد الرحيم بو خمسين عضو المجلس البلدي في محافظة الأحساء، فيقول عن حجم الوعود الانتخابية التي قدمها إلى الناخبين، «اعتمدنا على وعود مبنية على نظام البلديات الصادر في 1397 والذي وضح صلاحيات المجلس البلدي». ولكن ـ والحديث لا زال لبوخمسين ـ المفاجأة جاءت بعد عشرة أشهر من الانتخابات وبعد إصدار اللائحة التنفيذية التي قلصت الصلاحيات، وبالتالي تلاشت كثير من وعود المرشحين، والمفاجأة الأخيرة بعد تفعيل المجالس، اصطدام الأعضاء بالواقع المغاير لما كان متصورا، حيث أصبحوا منذ البداية أعضاء غريبين داخل جسم البلدية، لدرجة عدم امتلاك التصرف في الصلاحيات والقرارات المتخذة، مع يمتلكه أعضاء المجلس من صلاحيات.

ويستبعد الشايب، وجود عضو منتخب يدعي تحقيق كامل وعوده الانتخابية. ويعلق الدوسري بقوله «ليست المشكلة في الصلاحيات ولا في قدرات الأعضاء، لكن المشكلة في النظام نفسه، فكما حرص النظام على ألا يكون للأعضاء المنتخبين للمجلس مصالح مع البلدية، لم يضع هذا الشرط مع الأعضاء المعينين، كما لم يتطرق النظام لمسألة حماية مصالح العضو الذي قد يتعرض لضغوط نتيجة مواقفه في المجلس».

وعن أسباب تعثر بعض الطموحات في عمل بعض المجالس، فقد أرجعها الشايب، إلى دور العضو المنتخب نفسه وعدم وضوح الصلاحيات في الأنظمة، والتداخل بين الدور الرقابي والتنفيذي، وتلكؤ الأجهزة التنفيذية من التعاطي الإيجابي مع المجالس البلدية.

فيما حددها الموسى في غياب المعلومات الضرورية عن الأعضاء الذين دخلوا المجلس عن طريق الانتخاب، والتي يقوم عليها عملهم كجهاز رقابي وشريك للأمانة في العمل، مشيراً إلى أنه في كثير من الأحيان تتصرف الأمانة أو البلدية دون الرجوع للمجلس للحصول على موافقته حول مشروع معين أو قرار معين.

وقال الموسى ان «عدم استقلالية المجلس في مبنى خاص به أو وضع ميزانية مستقلة له، وأعطائه الصلاحيات في اتخاذ القرارات دون الرجوع للأمانة، جعله تحت رحمة الأمانة. كما يجب أن يكون على الأقل رئيس المجلس من الأعضاء المنتخبين، مما يعطية حداً أدنى من الاستقلالية».

من جانبه يرى الدوسري أن أبرز هذه العوائق هو الصدام الفكري الذي حدث بين عقليتين مختلفتين داخل هذه المجالس، حيث يظهر هذا الصدام عند مناقشة الكثير من أعمال المجلس، مستدلا على ذلك بأنه تطرح احيانا رؤية معينة حول هذا المشروع أو ذاك بحكم العلاقة بالمواطن، فيما ترى الأمانة غير ذلك.

من جهته أشار الموسى إلى أن الخلافات عصفت بالمجالس البلدية في عدد من المناطق على مستوى السعودية، نتيجة لإخفاء المعلومات عن أعضاء المجالس أو تهميش الدور الذي يقوم به المجلس كجهاز رقابي على عمل الأمانة، إضافة إلى إعاقة وتعطيل عمل المجلس اللذين كان لهما الدور الأبرز في ارتفاع حدة هذه الخلافات، حتى وصلت إلى وسائل الإعلام، وتبادل خلالها أعضاء المجالس البلدية وبعض المسؤولين في هذه المجالس الاتهامات بمخالفة لوائح المجلس.

فيما يرى بو خمسين، ان غياب آلية تطبيق القرارات المتخذة من قبل المجلس، كانت العقبة الأساس التي واجهت عمل المجلس البلدي في الأحساء. مبينا «أن جملة من الخلافات حدثت في بعض المجالس البلدية كادت تهدم كيانها باستقالة الأعضاء». أما الشايب فيرجعها إلى تعارض الأدوار بين المجالس البلدية والأجهزة التنفيذية، فطبيعة دور المجالس البلدية تتركز في قيامها بعمل رقابي وتقريري على البلديات،ولكن بعض مسؤولي هذه الأجهزة لا يتعاونون في معظم الأحيان بصورة كافية لتسهيل أعمال هذه المجالس مما يوجد إرباكاً وتعارضاً في عمل الجهتين. ويتابع الموسى «إذا لم تتضح معالم نظام المجالس البلدية، فلن أغامر مرة أخرى بالترشح للمجلس، لأن لي مصالح ولي شركاء في المشاريع التي أنفذها، واخشى أن اتضرر أكثر أو أضر بشركائي إذا عدت للمجلس».

يؤيده في ذلك الدوسري إذ يقول «استبعد أن أخوض فكرة الترشح في الانتخابات المقبلة، بسبب العوائق التي تحف بهذه التجربة، فلا يوجد قانون يلزم أمين المنطقة بتنفيذ قرارات المجلس».

ويعتقد بو خمسين، ان الدولة وبعد قياسها أداء المجالس البلدية بعد 30 شهرا من عملها، رأت أن المجالس لم تقم بالدور المأمول، فقدرات الكثير من المجالس تعيش حالة من الركود ولم تقدم أي نتائج مرجوة، لهذا قامت وزارة البلدية والقروية بتوزيع استبيان على أعضاء المجالس البلدية، قبل شهرين فقط، وأعادت دراسة لائحة صلاحيات المجالس، لإعادة صياغة الصلاحيات والمهام من اجل تفعيل المجالس البلدية، جاء فيها أن من أهم ادوار المجالس البلدية هو الرقابة على أعمال البلدية، وفي السابق كانت رقابة المجلس على البلدية غير مفعلة وغير مقننة، وبعد التعديلات أصبح دور المجالس في الرقابة أفضل.

ويشدد الشايب، على «ان تولي أمين الأمانة أو رئيس البلدية رئاسة المجلس البلدي من ثغرات النظام الحالي للمجالس البلدية». مضيفا «أن السماح لرئيس الجهاز التنفيذي ترؤس المجلس يعني الجمع بين سلطتين متعارضتين في الدور وهذا ما أربك العمل في بعض المجالس وقلل من فاعليتها. لذا فإنني أرى أهمية الفصل الواضح بين المسؤوليتين ليكون المجلس جهازا مستقلا في اتخاذ قراراته وتوصياته».