المالكي: الاتفاقية الأمنية مع واشنطن تخل بسيادة العراق.. ونحاول إيجاد مخارج

أكد وجود بدائل.. خطة(أ) و(ب) و(ج) .. حتى الوصول الى اتفاق مقبول

نوري المالكي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس وزراء الأردن في عمان أمس (أ.ف.ب)
TT

كشف رئيس وزراء العراق نوري المالكي في عمان أمس أن المفاوضات مع واشنطن بشأن إبرام معاهدة أمنية مثيرة للجدل «وصلت إلى طريق مسدود»، معتبرا أن المسودات الأولية للمعاهدة «تخل خللا كبيرا بسيادة العراق»، لكنه أكد في المقابل ان المفاوضات ستستمر حتى الوصول الى «اتفاق» مقبول من الجانبين.

وقال المالكي الذي زار إيران قبل ايام وناقش معهم تفاصيل هذه الاتفاقية ورد على حملة دعائية ضدها، «المعاهدة لا تعدو كونها مسودة أفكار رفضها مجلس رسم السياسات العراقي، بالإجماع». وأوضح في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف الأردنية في اليوم الثاني والأخير من زيارة رسمية يقوم بها الى عمان، أن «الأفكار العراقية مرفوضة أميركيا والأفكار الأميركية مرفوضة عراقيا، وصلنا إلى طريق مسدود، وحين درسنا الاتفاقية وجدنا أنها تخل خللا كبيرا بسيادة العراق».

لكن المالكي عاد وقال خلال لقاء آخر مع الجالية العراقية في عمان «هذه العملية التفاوضية ستستمر حتى نصل الى ملتقيات ومشتركات تصلح ان تكون مقبولة من الطرف العراقي ومقبولة من الجانب الآخر». وأضاف «ما تسمعون عنه الآن من مفاوضات وحوارات حول اتفاقية أمنية، فبصراحة فان المسودات الأولى التي طرحت عنها وصلت الى طريق مسدود وفيها نقاط خلاف لذلك الطرفان تركا المسودات الأولى وذهبنا الى افكار جديدة، ونحن نطرح أفكارا وهم يطرحون أفكارا وستستمر المفاوضات بطرح أفكار تحت عنوان خطة ألف وخطة باء وخطة جيم حتى نصل الى القرار الذي يؤكد على سيادة العراق».

وترمي الاتفاقية الأمنية الى تنظم وجود القوات الأميركية في هذا البلد لسنوات طويلة. ومن المفترض ان توقع بعد تاريخ 31 ديسمبر (كانون الاول) عندما ينتهي العمل بقرار مجلس الامن الدولي الذي ينظم انتشار القوات الاميركية حاليا. وتطرق المالكي الى بعض المقترحات الاميركية، وقال «لن نسمح باعتقال مواطنينا أو سيطرة خارجية على فضاء ومياه العراق»، وشدد على أن العراق «لن يعطي أبدا الحصانة» التي يطالب بها الأميركيون لجنودهم ومتقاعديهم، وزاد، «هذه مسألة حساسة». واضاف «لا يمكن ان نسمح باعطاء الحق للقوات الاميركية باعتقال عراقيين أو أن تتولى مسؤولية مكافحة الارهاب بشكل مستقل».

وأقر مسؤول أميركي بأن حصانة الشركات الأمنية الخاصة في العراق تشكل نقطة خلاف بين واشنطن وبغداد في اطار التفاوض حول الابقاء على قوات اميركية في العراق. ويتفاوض البلدان ايضا على اتفاق اطار عمل استراتيجي طويل الأجل في ما يخص العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية. وردا على تعليقات المالكي قال متحدث باسم السفارة الاميركية في بغداد «المحادثات مستمرة. نحن نحترم سيادة العراق وهذا هو أساس المفاوضات. مازلنا في حوار مع العراقيين بشأن هذا الأمر». وكان الرئيس الأميركي جورج بوش قد أبدى الأربعاء ثقته في التوصل لاتفاق مع العراق. من جهة ثانية قلل المالكي، من أهمية مذكرة تفاهم أمنية وقعها في طهران، وأوضح أن وزارتي الدفاع العراقية والإيرانية وقعتا مذكرة التفاهم في قضايا محددة منها: «احترام كل بلد سيادة وحدود وأمن الطرف الآخر وعدم التدخل في شئونه الداخلية»، فضلا عن «تبادل رفات الجنود الذين قتلوا خلال الحرب بين البلدين (1980 ـ 1988) ، وإزالة حقول الألغام وتبادل الخرائط بشأنها فضلا عن تحديد آبار النفط الحدودية على أن يستغل كل بلد الآبار العائدة له». وقد أثارت تلك الاتفاقية مخاوف أردنية من فحوى ما تضمنته ثلاث ملاحق تتعلق بالجانب الأمني والعسكري بما فيها تحركات الجيش الأميركي وإعفاء الجنود الأميركيين من المساءلة القانونية أثناء عمليات الملاحقة وفرض الأمن داخل العراق إضافة إلى بنود أخرى تنتقص من السيادة العراقية. وقالت مصادر فى عمان ان ما سرب من الاتفاقية يتحدث عن 400 قاعدة ومعسكر للجيش الأميركي في العراق، بينها 50 قاعدة دائمة، تحاول أميركا الإيحاء بأنها ستكون قواعد مؤقتة تجدد كل عام، لكن هناك مخاوف من أن تستقر غالبيتها لمدد طويلة ما سيهدد الإقليم في حال اندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران، كما تصر أميركا على الاحتفاظ بحق السيطرة على الأجواء العراقية حتى 29 ألف قدم، والحصول على تسهيلات مفتوحة على الأرض والسماء والمياه العراقية.

وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أعلن رئيس الوزراء الاردني، نادر الذهبي، عن تمديد الاتفاقية الخاصة بتزويد العراق بالنفط للاردن لمدة ثلاث سنوات أخرى تبدأ من منتصف أغسطس (آب) المقبل، وبنفس الشروط السابقة وبأسعار مخفضة.

وكان اتفاق تزويد العراق للاردن بالنفط بدأ فى منتصف أغسطس من عام 2006، ينتهى فى منتصف أغسطس من العام الجارى بأسعار تفضيلية اقل من الأسعار العالمية بحوالي 20 دولارا للبرميل. وقال الذهبي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي في عمان ليلة اول من امس «سيتم بدء تنفيذ الاتفاق على الفور»، مشيرا الى ان هناك بدائل أخرى للحصول على النفط، والتغلب على أى أمور قد تعكر التزويد، فى اشارة الى ما يعيق التزود بالنفط من منطقة «السينية». وقال الذهبى فى رده على سؤال، انه لم يتم التوصل الى حل جذري لمشكلة الديون الأردنية على العراق، وأضاف انه تم الاتفاق على تشكيل لجنة لبحث المشكلة من وزارتي المالية فى البلدين، للعمل على تدقيق مطالبات الشركات الأردنية، وكذلك الأموال المجمدة فى البنك المركزي العراقي، على ان يتم بحث الموضوع بشكل موسع فى القريب العاجل.

كما أشار الذهبي الى تشكيل لجان أخرى مماثلة، للنفط والتأشيرات والتدريب، تقوم بعملها فى القريب العاجل. وأكد الذهبي فى بداية المؤتمر الصحافي عقب الاجتماع الذي جرى في رئاسة الوزراء واستمر نحو ساعتين ونصف الساعة «ان المباحثات مع رئيس الوزراء العراقي اتسمت بالشمولية والصراحة العالية والشفافية، لأن الملفات العالقة بين البلدين بحاجة الى ذلك». من جانبه قال المالكي إن زيارتة للأردن «جاءت فى وقتها المناسب، ولبت طموحات البلدين فى اقامة أمتن العلاقات، وكانت حوارات ومناقشات جادة، مليئة بالتفاؤل والايجابية، ويتطلع العراق من خلال هذه العلاقات الى ان يبني اوثق العلاقات مع الأردن وباقى دول الجوار من اجل استقرار وامن المنطقة». وأضاف «لقاؤنا مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني كان مهما جدا، وأبدى الملك استعداد المملكة لتنبي وتوطيد الصلات، وتبنى القضايا العراقية بخروجه من مخلفات الحروب والماضي فى مختلف المحافل العربية والدولية». واضاف المالكي «أؤكد باننا نافشنا موضعات مهمة ومفيد للدولتين، فالعراق لدية رغبة وتطلع فى ايجاد هذه العلاقات، وعلى ان نلبى حاجة الاردن، وبحثنا موضوع العراقيين الموجودين فى الأردن، وطريقة تسهيل اقاماتهم وسفرهم، وموضوع الديون بين البليدن سواء بين الشركات المتضررة، والاموال المجمدة، ولا بد من ايجاد حل مناسب». وقال ان قضية الديون «هي قضية من مخلفات الماضى لا بد من حسمها، وبحثنا كذلك مشكلات الشركات الاردنية، التى نرغب ان تكون مساهمة فى العراق وحاضرة فى عملية الإعمار». واشار الى ان العراق رصد موازنة ضخمة من أجل اعماره، «خاصة انه تعرض لعمليات تخريب ضخمة، فالعراق جاد في اعادة بنيتة التحيتة، وإعادة النظر في كل شيء».