صدمة أوروبية من «لا» الآيرلندية

الآيرلنديون يرفضون معاهدة لشبونة

مسؤولة ايرلندية تعد أصوات المشاركين في الاستفتاء أمس (أ.ب)
TT

أثارت النتيجة السلبية للتصويت على معاهدة لشبونة في إيرلندا ردود فعل مختلفة في الأوساط الأوروبية طبعها الإحباط بصورة عامة. وتلقت الأوساط الاتحادية الاوروبية في بروكسل بشعور الصدمة الفعلي نتائج الاستفتاء الايرلندي والذي يمثل انتصارا حاسما لخصوم الاندماج الأوروبي وعودة بأوروبا الى نقطة الصفر مقارنة مع عام 2005 ابان إجهاض الدستور الأوروبي السابق من قبل كل من فرنسا وهولندا وفي هذا الإطار، طالب مارتن شولتز رئيس المجموعة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي قادة أوروبا بالتوقف عن عقد الاجتماعات المغلقة في بروكسل والخروج إلى الشارع ليشرحوا للناس «أي اتحاد أوروبي يريدون». ودعا شولتز تعليقاً على الرفض الايرلندي لمعاهدة لشبونة قادة أوروبا إلى التفكير في مستقبل القارة وشدد النائب الأوروبي على ضرورة أن يخصص القادة في أوروبا الأسبوع المقبل، حيث يعقدون قمتهم، لهذه المسألة، «واعتبر شولتز أن على الدول الأعضاء متابعة العمل في الدول الأخرى لإتمام عملية المصادقة على المعاهدة، مؤكداً على ضرورة التركيز على تحديد السبب الذي دعا الايرلنديين للرفض». ومن جانبهم عبر أعضاء مجموعة التحالف الليبرالي الديمقراطي في البرلمان الأوروبي عن صدمتهم تجاه الـ«لا» الايرلندية، لان «هذا يعني أن المواطن الأوروبي لا يفهم بالضبط ما هو الاتحاد الأوروبي وكيف يعمل»، مؤكدين على ضرورة أخذ العبرة والتعلم من الدرس الايرلندي.

ودعا رئيس مجموعة التحالف الليبرالي الديمقراطي غراهام واطسن، القادة الأوروبيين بإلزام أنفسهم بإجراء إصلاحات والعمل الجاد على شرح الاتحاد الأوروبي للمواطنين، ودعا الرئاسة الفرنسية القادمة للاتحاد إلى تنظيم قمة خاصة لدراسة أمر معاهدة لشبونة «المرفوضة ايرلندياً».

وحسب العديد من المراقبين في بروكسل يتجه التكتل الأوروبي الى الدخول في دوامة أزمة مؤسساتية وسياسية جديدة ويتوقع ان تشل جانبا كبيرا من أدائه الداخلي والخارجي.

وتعد ايرلندا التي لا يمثل عدد سكانها سوى اربعة في المائة من سكان الاتحاد، الدولة الوحيدة، داخل التكتل التي ركنت للاستفاء الشعبي على خلاف الدول الأخرى التي فضلت المصادقة البرلمانية على الاتفاقية الجديدة، والتي كان من المخطط لها ان تمنح الاتحاد الأوروبي هياكل عمل جديدة وآليات تحرك على مستوى السياسات الخارجية والداخلية وسياسات الهجرة والامن والضرائب وفي مجال الحقوق الأساسية للمواطنين. وكانت نسبة المعارضين لمعاهدة لشبونة ارتفعت في ايرلندا وذلك بعدما أعلن رسميا عن نتائج سبع دوائر انتخابية من أصل 43 دائرة جاءت جميعها لصالح المعسكر الرافض للمعاهدة الخاصة بإصلاح الاتحاد الأوروبي. وأفادت قناة «آر.تي.إي». التلفزيونية الرسمية أن نسبة رفض المعاهدة بلغت حتى الآن 57 في المائة مقابل 43 في المائة لمؤيديها. ومن جانبه، اعترف وزير العدل الايرلندي ديرموت أهيرن اليوم بأنه من غير المرجح أن يصوت الناخبون بالموافقة على المعاهدة عبر الاسفتاء.

وقال أهيرن لقناة «آر.تي.إي». التلفزيونية إن التصويت الكبير للغاية بـ«لا» في الاستفتاء أمر مخيب للآمال لكن «المواطنين قرروا وعلينا أن نقبل ذلك». وقال أهيرن إن ايرلندا سوف تكون فى «وضع غير مألوف» في حال رفضت المعاهدة الرامية لتنظيم عملية صنع القرار بالاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة. يذكر ان رفض الناخبين الايرلنديين للاتفاقية الجديدة سيؤدي الى سقوطها بالكامل، حيث ان التصديق عليها يتطلب موافقة جميع الدول الاعضاء الـ27 في الاتحاد الاوروبي. وقال وزير الدولة للشؤون الاوروبية ديك روش لوكالة الصحافة الفرنسية «بحسب ما سمعت، الامور ليست جيدة» بالنسبة الى مؤيدي المعاهدة. وينتظر صدور النتائج النهائية مساء اليوم. وقالت مسؤول حملة الحزب القومي الايرلندي الشمالي «شين فين» ماري لو ماكدونالد «يبدو لي ان المعاهدة رفضت». من جهته رجح وزير العدل الايرلندي ان تستمر عملية المصادقة على المعاهدة في الدول الاوروبية الاخرى ولو اثبتت النتائج رفض الايرلنديين للمعاهدة. وقال «اذا تبين اننا البلد الوحيد الذي لم يبرم المعاهدة، فهذا سيثير اسئلة بالطبع». ودعي ثلاثة ملايين ناخب ايرلندي للادلاء باصواتهم اول من امس في الاستفتاء حول معاهدة لشبونة. وايرلندا هي الدولة الاوروبية الوحيدة التي يفرض عليها دستورها المصادقة على المعاهدة عبر استفتاء شعبي، في حين ان باقي دول الاتحاد الـ26 اختارت المصادقة عليها في البرلمان وهو ما فعلته 18 دولة حتى الان.

واقر القادة الاوروبيون في 19 اكتوبر (تشرين الاول) 2007 في لشبونة معاهدة تتيح للاتحاد الاوروبي ان يعمل بشكل افضل مع وجود 27 دولة فيه وتحل محل مشروع الدستور الاوروبي الذي لم يوضع موضع التنفيذ بسبب رفضه في فرنسا وهولندا.

وكان زعماء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد توصلوا، بصعوبة، إلى توافق حول «المعاهدة الأوروبية المعدلة»، يتيح دورا أكبر للبرلمانات الوطنية والمواطنين ويضمن تطبيق الميثاق الإلزامي للحقوق الأساسية، والانتقال في وقت لاحق إلى التصويت بنظام الأغلبية النسبية، بالإضافة إلى إقرار وجود رئيس للاتحاد وبقاء الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد، الذي سيضطلع بمهام وزير خارجية الاتحاد دون أن يحمل التسمية نفسها.