بوش: السوريون والإيرانيون يستحقون أفضل مما عندهم وعلينا محاربة حزب الله

اعتبر أن السلام في الشرق الأوسط ممكن هذا العام

بوش والبابا بينيدكتوس السادس عشر يتطلعان من برج سان جوفاني الى حديقة الفاتيكان ( أب)
TT

اغتنم الرئيس الأميركي جورج بوش الخطاب الذي ألقاه بعد ظهر أمس في مقر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في باريس، محطته الرابعة من جولته الأوروبية الوداعية التي قادته تباعا الى سلوفينيا وإيطاليا والفاتيكان، ليجري ما يشبه محصلة لرئاسته الثانية ويعلن وصيته السياسية قبل ستة أشهر من تركه البيت الأبيض.

وجاء خطاب بوش عاما وشاملا انطلق من ذكرى إطلاق خطة مارشال التي أنقذت اوروبا لما بعد الحرب العالمية الثانية، ليتناول الوضع اليوم على الساحة العالمية من زاوية الحريات والعنف ومحاربة الإرهاب.

وقال الرئيس الاميركي الذي يبقى يومين في العاصمة الفرنسية بضيافة «صديقه» الرئيس ساركوزي: «من المهم انه لا يمكن ولا بأي حال استخدام التذرع بأي إيديولوجية من أجل تبرير عدم احترام الكرامة الإنسانية ونريد نشر هذه الأفكار «الحرية والديمقراطية» ضد الإرهاب في الشرق الأوسط بشكل خاص». وأَضاف «نريد نشر قيم الاحترام المدرجة في إعلان حقوق الإنسان الفرنسي وإعلان الاستقلال الأميركي فهذه أفكار لا تعود لنا فقط بل هي عالمية والتاريخ اظهر أن نشر هذه الأفكار لا يلبي واجبا أخلاقيا فحسب، بل يمثل ضرورة عملية، كونها الوسائل الأكثر واقعية لحماية مواطنينا». وشدد على ما اعتبره حق شعوب الشرق الأوسط بالعيش في مجتمعات مزدهرة .

وحث الرئيس الأميركي الأوروبيين والأميركيين على الظهور بمظهر «الإصلاحيين» بما يساعد شعوب الشرق الأوسط على إيجاد طريق السلام. وأشاد بمبادرة نظيره الفرنسي تنظيم مؤتمر لدعم أفغانستان أول من أمس في باريس، وقال «الرئيس (ساركوزي) أصاب عندما قال إن الرهان في أفغانستان يتناول قيمنا الديمقراطية».

ويعقد بوش وساركوزي جلسة محادثات صباح اليوم ستركز على الملفات العالمية الرئيسية التي تتقارب بشأنها وجهات النظر بين باريس وواشنطن منذ وصول ساركوزي الى الرئاسة ربيع العام الماضي. وقالت أوساط الإليزيه، إن ملفات أفغانستان والنووي الإيراني والشرق الأوسط والطاقة والعلاقات الأوروبية ـ الأطلسية ستكون موضع تباحث بين الجانبين. ويبدو الخلاف الوحيد بين العاصمتين بخصوص الملف السوري حيث تبدي واشنطن «تحفظات» إزاء الإستعجال الفرنسي في تطبيع العلاقة مع دمشق. و ترتدي الزيارة أهمية خاصة لساركوزي، إذ تحل قبل أسبوعين من ترؤس فرنسا للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر. وتريد باريس أن تدفع باتجاه تعزيز الدفاع الأوروبي من غير أن يكون ذلك على حساب الحلف الأطلسي. وأمس كان بوش وعقيلته لورا ضيفي الرئيس ساركوزي وعقيلته كارلا بروني على عشاء خاص في قصر الإليزيه. ويعقد الرئيسان مؤتمرا صحافيا قبيل ظهر اليوم قبل توجه بوش الى بريطانيا، محطته الأخيرة في جولته الراهنة.

وفي خطابه أمس، شدد الرئيس الأميركي على أهمية دعم الشعبين السوري والإيراني ودعا الى الوقوف «إلى جانب المواطنين المسالمين في هاتين الأمتين اللتين تستحقان أفضل مما لديهما الآن»، في إشارة الى النظامين السوري والإيراني. وأضاف الرئيس الأميركي: «يجب أن نرفض دعم هذين البلدين للإرهاب لصالح الأمن المحلي والعالمي»، وتابع «يجب ألا تحصل إيران على السلاح النووي»، قائلا «من أجل أوروبا والسلام في العالم، يجب ألا نسمح لإيران ان تمتلك السلاح النووي». وحث بوش أوروربا التي يتوجه اليها خطابه بالدرجة الأولى، على «منع أن تتحول أفغانستان مجددا الى معقل للإرهابيين».

وتعرض بوش لدى حديثه عن الإرهاب إلى حزب الله اللبناني، وقال «علينا محاربة إرهابيي حزب الله المدعومين من سورية وإيران». وأضاف: «في الأراضي المقدسة علينا الوقوف بجانب الفلسطينيين والإسرائيليين وحماية كل من يعمل لعملية السلام»، وشدد على ضرورة أن يتمكن الفلسطينيون والإسرائيليون من «العيش جنبا إلى جنب بسلام»، معتبرا أنه «بوجود قيادة شجاعة من الممكن التوصل إلى اتفاق سلام هذا العام».

وتطرق بوش للموضوع العراقي وقال: «يجب أن نقف بجانب الشجعان في العراق الذين وقفوا ضد الإرهابيين في الموصل والبصرة وبغداد أو بقية المدن، حيث قال العراقيون لا للإرهاب وتراجع مستوى العنف إلى أدنى حد له منذ مارس 2004، وتراجعت الاغتيالات الطائفية ونلاحظ تقدم النمو والبدء بإعادة البناء في أكثر من منطقة»، واعتبر أنه «من مصلحة كل الدول الأوروبية دعم عراق مستقل وديمقراطي». وأشار إلى ما اعتبره تغيرات ديمقراطية في الشرق الأوسط منذ العام 2001 وذكر بهذا الشأن «الانتخابات الحرة» في اليمن والبحرين. وكان الرئيس الاميركي قد التقى البابا بنديكتوس السادس عشر قبل مغادرته روما الى باريس. واستمر اللقاء 30 دقيقة في حدائق الفاتيكان قرب برج سان جوفاني بدلا من مكان عقد اللقاءات المعتاد للبابا وهو مكتبته الخاصة.

وسمع الرئيس الاميركي يقول «هذا شرف كبير» اثناء مصافحته البابا بعد ان نزل من سيارة سوداء بصحبة زوجته لورا، فيما وقف حراس الفاتيكان بزيهم الخاص على مقربة منهم. وبعد الاجتماع استمتع الاثنان بمنظر حدائق الفاتيكان الرائع من البرج قبل ان يتبادلا الهدايا. وقدم كل منهما للاخر صورة مؤطرة لهما.

ثم قام الرئيس والبابا بنزهة في الحدائق البالغة مساحتها 16 هكتارا والتي استخدمها البابوات الذين تعاقبوا على الفاتيكان منذ القرن الثالث عشر مكانا للتأمل. وانضمت اليهما بعد ذلك لورا بوش وعدد من اعضاء الوفد المرافق للاستمتاع بالشمس الساطعة وتراتيل جوقة كنيسة سيستين، احدى اقدم الجوقات الدينية في التاريخ.

وفي بيان اصدره الفاتيكان لاحقا، عبر البابا عن «امتنانه» للرئيس الاميركي بسبب «التزامه بالقيم الاخلاقية الاساسية». واضاف ان البابا والرئيس الاميركي استعرضا خلال لقائهما «ابرز مواضيع السياسة الدولية»، مشيرا الى «العلاقات بين الولايات المتحدة واوروبا وموضوع الشرق الاوسط والالتزام في سبيل السلام في الاراضي المقدسة والعولمة والازمة الغذائية والتجارة العالمية»، حسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. من جانب اخر، اعلن البيت الابيض في بيان ان الرئيس الاميركي رشح دبلوماسيين محترفين لشغل منصبي سفيري الولايات المتحدة في لبنان وجيبوتي. وقال البيان ان بوش رشح ميشال سيسون السفيرة السابقة في الامارات العربية المتحدة والقائم باعمال الولايات المتحدة في لبنان حاليا، لتشغل منصب السفير الاميركي في هذا البلد.

كما اختار جيمس كريستوفر سوان نائب مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون افريقيا ليشغل منصب السفير في جيبوتي. وعمل سوان مديرا لتحليل الشؤون الافريقية في ادارة المعلومات في وزارة الخارجية الاميركية ثم نائب رئيس البعثة الدبلوماسية الاميركية في كينشاسا. ويتطلب تعيين الدبلوماسيين في منصبيهما موافقة مجلس الشيوخ الاميركي.