الفجوة تتسع بين معدلات الفائدة ونسب التضخم في أوروبا وأميركا

خبيرة لـ «الشرق الأوسط»: المركزي البريطاني في «وضع حرج»

TT

تتزايد التوقعات بارتفاع نسب التضخم في منطقة اليورو والولايات المتحدة، بينما تسعى بريطانيا لتحجيم نسبة 3.3 في المائة التي ضربت الاقتصاد البريطاني الشهر الماضي متخطيا التوقعات الحكومية بـ1.3 في المائة. ويستعد البنك المركزي الأوروبي لزيادة معدل فائدته الرئيسية على الاقراض على أمل كبح مخاوف التضخم التي تهدد الاقتصاد، وهو عمل محفوف بالمخاطر في الوقت الذي تتراجع فيه قوة الاقتصاد الأوروبي.

ولكن التوقعات برفع المركزي الأوروبي أصبحت اكثر رسوخا بعد ان ارتفع مؤشر الأسعار الاستهلاكي إلى 4 في المائة في شهر يونيو (حزيران) الماضي متجاوزا نسبة التوقع القصوى والتي كانت عند 3.9 في المائة. وانخفض الدولار الأميركي بحدة، مدفوعا بأسعار النفط المرتفعة لمستويات قياسية جديدة مصحوبة بتوقعات لرفع الاحتياطي الفيدرالي لمعدلات الفائدة العامة خلال الأشهر القادمة. وفي الحالات الماثلة أمام البنوك المركزية الثلاثة، رفع معدلات الفائدة. وقالت لـ«الشرق الأوسط» باولا بانوتشي الخبيرة في الاقتصادات العالمية وباحثة اقتصادية أن وضع البنوك الثلاثة يختلف عن بعضهم البعض، موضحة أن رفع معدلات الفائدة للاحتياطي الفيدرالي قد يكون علاجا للوضع القائم، وهو ضعف سعر صرف الدولار واستمرار انخفاضه مما قد يفيد في دعم الموقف خاصة وانه خفض النسبة عدة مرات خلال أشهر مضت. وأكدت بانوتشي أنه ليس من الحتمي على المركزي الأوروبي رفع نسبة الفائدة، رغم ما تثيره التوقعات في الوقت الحالي وذلك لقوة سعر صرف العملة.

وكرر جان كلود تريشيه رئيس البنك المركزي الأوروبي القول «لا نملك سوى ابرة واحدة في البوصلة». وهي طريقة للتذكير بان كل المعاهدات كلفت المؤسسة بمهمة واحدة أولية وهي مكافحة التضخم.

من ناحية أخرى وقع الجنيه الإسترليني تحت ضغوط جديدة خاصة بعد أن أشارت نتائج صادرة من بنك انجلترا المركزي أن سوق المنازل البريطاني يتراجع بحدة، موضحا أن 42 ألف قرض لمنازل جديدة تمت الموافقة عليها في مايو (أيار) الماضي تعد الأقل عددا منذ أن بدأ الإحصاء عام 1999. وعند سؤال الخبيرة عن التوقعات من الجانب البريطاني، والقرار المتوقع في جلسة لجنة السياسات القادمة، قالت إن البنك في «وضع حرج»، وهو ان الاقتصاد البريطاني يواجه تضخما قويا، بالإضافة إلى عملة ضعيفة. وأضافت بانوتشي أن إبقاء الفائدة يبقي الوضع كما هو عليه، وخفضها يوجه الدولة نحو الكساد. وهكذا سيبرر تريشيه احتمال زيادة ربع نقطة على معدل الفائدة الرئيسية التي تحدد كلفة القروض الممنوحة للأفراد والشركات في منطقة اليورو، لتصبح 4.25 في المائة، على الأرجح خلال جلسة البنك يوم الخميس المقبل. وتوقف البنك المركزي الأوروبي عن زيادة فائدته منذ يونيو (حزيران) 2007، وكان أوقف حلقة زيادة معدل الفوائد في سبتمبر (ايلول) اثر أزمة قطاع الرهن العقاري في الولايات المتحدة.

وكان جان كلود تريشيه اعلن في بداية حزيران (يونيو) ان المجلس «في حالة انذار مرتفعة» امام خطر ارتفاع الأسعار وان زيادة طفيفة على معدل الفائدة امر «ممكن»، فيما قفز معدل التضخم الى رقم قياسي من 3.7 في المائة على مدى عام في مايو (أيار) في منطقة اليورو وذلك بسبب سعر النفط المرتفع وزيادة اسعار المواد الغذائية، وقد يفوق معدل التضخم نسبة 4 في المائة بقليل. وان زيادة الأسعار التي تقضي على القدرة الشرائية للأفراد وتلجم بالتالي الاستهلاك، مرتبطة بزيادة الطلب العالمي الذي سببته الحاجات المتنامية للدول الناشئة الكبرى مثل الصين، والهند، بينما تلعب المضاربات دورا رئيسيا في ارتفاع اسعار النفط.

وكان قد صرح ميرفين كينغ محافظ بنك انجلترا المركزي الأسبوع الماضي، بأن بريطانيا واجهت أصعب تحد اقتصاديا لها منذ 20 عاما، ومعدلات فائدة مرتفعة مهمة كداعم أساسي، غير محدد أي نسب او ارتفاعات. ولمواجهة هذه الصدمات، يمكن للبنك المركزي التحرك عبر التضييق على منح التسليفات، بطريقة تحول قدر المستطاع دون تأثير هذه الصدمات على الاقتصاد والسماح بانفلات دائم للأسعار.

ولهذا السبب يلزم البنك المركزي الاوروبي الشركاء بتفادي إقرار زيادات على الرواتب المرتفعة، مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى حلقات تضخمية. وبقرار زيادة معدلات فوائده، يمكن للبنك المركزي الاوروبي أن يضع نفسه على ارض زلقة، في حين ان مجموعة مؤشرات دلت اخيرا الى تدهور كبير في اقتصاد الدول الـ15 (منطقة اليورو) على كل الأصعدة من صادرات ونشاط صناعي واستهلاك.

وأبدى مسؤولون سياسيون في اسبانيا التي تباطأ النمو الاقتصادي فيها بسرعة وفي فرنسا وكذلك اقتصاديون، شكوكا حيال ملاءمة زيادة معدلات الفوائد.