الولايات المتحدة تنتظر تولي امرأة قيادة الإمدادات العسكرية للمرة الأولى

«الفريق دنوودي» خدمت الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان والسعودية

TT

على امتداد فترة تجاوزت العقد، غمرت السعادة الفريق آن إي. دنوودي أثناء قيامها بالقفز بالمظلة من على متن الطائرات العسكرية ليلاً. وباعتبارها من أكثر العناصر داخل الجيش تمرساً في استخدام المظلات وقائدة سابقة لإحدى الكتائب، اضطلعت الفريق دنوودي بمهمة التعامل مع الجوانب اللوجستية الخاصة بالفرقة 82 المحمولة جواً داخل السعودية أثناء حرب الخليج الأولى. واتجهت الفريق، التي تتقلد ثلاثة نجوم على كتفيها، إلى أفغانستان والعراق للتأكد من استمرار تدفق الذخائر والدبابات والوقود للجنود هناك. إلا أن أحد أفضل اللحظات التي استمتعت بها دنوودي على امتداد حياتها المهنية العسكرية، التي استمرت 33 عاماً، تمثلت في قفزها من الطائرات واضطلاعها بأدوار كان من المتعذر تخيل امرأة القيام بها بالنسبة لأجيال النساء السابقة التي التحقت بالخدمة العسكرية. وفي الأسبوع الماضي، طلب الرئيس الاميركي جورج بوش من الجنرال دنوودي، التي زادت عدد النجوم التي تتقلدها إلى أربع، تولي دور قيادي جديد داخل الجيش. وحال مصادقة مجلس الشيوخ على هذه الخطوة، ستصبح دنوودي أول امرأة داخل القوات المسلحة تصل لهذه المرتبة. في إطار دورها الجديد، ستقود الجنرال دنوودي (55 عاماً)، قيادة المواد داخل الجيش المسؤولة عن إمداد الجنود بالمعدات العسكرية وإصلاح المركبات المدرعة ودعم العمليات القتالية داخل العراق وأفغانستان. ويسلط صعود دنوودي الهادئ والواثق، عبر أعلى المراتب داخل الجيش، الضوء على كل من اتساع نطاق الأدوار التي تضطلع بها المرأة داخل القوات المسلحة والصعوبات التي تواجهها في سبيلها للوصول إلى القمة. ومن ناحيتها، رفضت دنوودي إصدار تعليقات لهذا المقال، مشيرة عبر الناطقة الرسمية باسمها إلى أنها تفضل الانتظار حتى تأكيد مجلس الشيوخ على اختيارها للمهمة الجديدة. ومن جانبهم، قال أعضاء مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي إنه لم يتم بعد تحديد موعد جلسة استماع لمناقشة منصب دنوودي بعد. وعلى الصعيد الشخصي، تخرج كل من شقيق دنوودي ووالدها وجدها ووالد جدها من اكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الراقية. وعمل كل من والدها، هارولد إتش. دنوودي، وجدها الأكبر، هنري هاريسون تشيس دنوودي، في الجيش كجنرالات بنجمة واحدة، حسبما أشار أقاربها. أما شقيقتها سوزان، فكانت ثالث امرأة على مستوى الجيش تصبح قائدة طائرة مروحية. وتكشف الإحصاءات أنه في الوقت الحاضر تشكل المرأة حوالي 14 في المائة من إجمالي القوة العاملة بالمؤسسة البالغ إجمالي عددها 1.4 مليون نسمة. وحتى الآن، قتلت أكثر من 100 امرأة في العمليات العسكرية الدائرة بالعراق وأفغانستان. بيد أن نسبة مشاركة المرأة داخل المراكز القيادية العليا ما تزال ضئيلة، رغم أنها آخذة في الازدياد. مثلاً، داخل الجيش تشكل النساء 14 في المائة من القوات العاملة، بينما تمثل 5 في المائة تقريباً من الجنرالات، طبقاً لما ورد على لسان الفريق آن إيدجكومب، الناطقة الرسمية باسم الجيش. ومن بين القيادات النسائية بالجيش 15 جنرال يحملن نجمة واحدة وثلاث جنرالات يحملن نجمتين وجنرالين تحملان ثلاثة نجوم، بينهن دنوودي. ويقول الأصدقاء إن الجنرال دنوودي، المتخصصة بالمجال اللوجستي والمتزوجة من كريج بروتشي، عقيد قوات جوية متقاعد، أبدت غضبها على مدار السنوات إزاء من يشككون في قدراتها أو يندهشون من انجازاتها. وأكدت جانيت إدموندز، اللواء المتقاعدة والتي على معرفة بدنوودي منذ السبعينيات من القرن الماضي، ان دنوودي تتساءل: «متى سيتوقف الناس عن التعجب؟» ومن ناحيته، وصف الجنرال دان كيه. مكنيل، القائد الأميركي السابق لقوات حلف الشمال الاطلسي (الناتو) في أفغانستان والذي تقاعد هذا الشهر، دنوودي بأنها «مثيرة للإعجاب»، وأثنى على قدراتها القيادية وتفكيرها الإبداعي. وأشار إلى أنها طورت استراتيجيات مبتكرة لدعم الجنود داخل المناطق الأفغانية التي تتسم بوعورة تضاريسها. وبالنسبة للكثير من العاملات داخل الحقل العسكري، يعتبر ترشيح دنوودي لهذا المنصب أمرا جديرا بالاحتفال به. وعلى سبيل المثال، أكدت الفريق كلوجيا كينيدي، التي أصبحت عام 1997 أول امرأة تبلغ رتبة جنرال بثلاثة نجوم والمتقاعدة حالياً، أنها شعرت بسعادة غامرة عند سماعها النبأ، مشيرة إلى أن هذا القرار «يوضح للناس أن القادة داخل الجيش يرون أنه من المهم اختيار الأكثر كفاءة، وليس الرجال فحسب». ويذكر أن الجنرال دنوودي قضت بعض فترات حياتها أثناء الشباب في ألمانيا وبلجيكا وانضمت لصفوف الجيش بعد تخرجها من جامعة نيويورك عام 1975. وفي الأعوام الأخيرة، تفضل الجنرال دنوودي الحديث علانية عن فرص النساء في الجيش مقارنة بالمصاعب التي يواجهنها فيه. وقالت في تصريحات سابقة: «يعيد هذا الترشيح التأكيد على ما كنت أعرفه عن الجيش طوال عملي فيه، وهو أن الأبواب ستظل تفتح أمام الرجال والنساء أصحاب الزي العسكري».

ولكن في أوائل فترة عملها، تحدثت الجنرال دنوودي بصراحة عن كفاحها من أجل تحقيق النجاح في جيش يسوده الرجال. فقد قالت في حوار أجري عام 1992 مع صحيفة «نيويورك تايمز»: «كان الأمر مثل الحياة في العصور المظلمة»، وكانت بذلك تصف خبراتها الأولى كضابطة في الفرقة 82 المحمولة جوا، في فورت براغ بنورث كارولاينا، في أواخر الثمانينات.

وقالت: «لاحظ بعض كبار الضباط أن رؤساءهم لن يكونوا راضين عنهم إذا كلفوني بموقع مهم في الفرقة» ولكنها قالت إنها عندما وصلت إلى رتبة رائد في فورت براغ، كلفها مديروها بإدارة معدات الفرقة ومن بينها الدبابات والأسلحة والباراشوتات، وهي مهمة كان يكلف بها من هم أقل رتبة منها. وقالت إن المهمات التي كانت تكلف بها تحسنت مع اعتياد رؤسائها على العمل الذي تقوم به. ويذكر زملاء الجنرال دنوودي، التي كانت تشترك في مسابقات الجمباز والتنس في الجامعة، أنها أعطت انطباعا قويا لدى زملائها لنشاطها الرياضي. وسريعا ما حملت سيرتها الذاتية مجموعة من أوائل المناصب. ففي عام 1992، أصبحت أول سيدة تتولى قيادة كتيبة في الفرقة 82 المحمولة جوا. وفي عام 2000، أصبحت أول سيدة تصل إلى رتبة جنرال في فورت براغ. وفي عام 2004، أصبحت أول سيدة تصبح قائدة في قيادة الأسلحة المشتركة في فورت لي بفيرجينيا.

ويقول شقيقها، هارولد دنوودي الابن، إنها أحبت الإدارة اللوجستية للجنود في الميدان، ربما لأنها نشأت على المشاهدة من بعيد حيث كان والدها يعمل في فيتنام. وأضاف: «أعتقد أن أكثر ما يمتعها حقا هو تقديم الدعم للقوات».

ولكن أصبح هذا العمل أكثر صعوبة بعد أن غزت الولايات المتحدة أفغانستان والعراق. وقد حاول ضباط لوجستيات الدفاع جاهدين التغلب على نقص الدروع وبطاريات الليثيوم والإطارات في الأيام الأولى من هذه الحروب، هذا ما ذكره مكتب محاسبة الحكومة.

* خدمة «نيويورك تايمز»