المالكي يأمر بتحقيق عراقي في مقتل قريب له.. والجيش الأميركي يتحدث عن «متاجرات»

في محاولة «استفزاز» للأميركيين في موضوع الحصانة

TT

قرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تعيين قاض للتحقيق في مقتل اربعة عراقيين في انزال جوي أميركي في بلدة طويريج التي يتحدر منها المالكي. وقال أقارب أحد القتلى إنهم من أبناء عمومة رئيس الوزراء وان القتيل يعمل في أمن رئاسة الوزراء. ويرى مراقبون ان الحكومة العراقية «تنتهز» الحادث لإثارة موضوع حصانة الجنود الاميركيين، فيما وصف الجيش الاميركي ذلك بانه «متاجرة على أعلى المستويات».

وقال حيدر العبادي، العضو البارز في حزب الدعوة الاسلامية واحد المقربين من المالكي، إنه يجب ان يكون هناك تحقيق من قبل قاض عراقي. ويعد تعيين قاض لسماع الافادات ضد الجنود الاميركيين «خرقا» للقواعد الموضوعة حول الوجود الاميركي في العراق والتي تقضي بمنح العاملين الاجانب في العراق سواء المدنيين منهم او العسكريين حصانة امام القضاء العراقي.

واقر العبادي بأن القاضي العراقي لن تكون له صلاحية إدانة او اصدار حكم بحق الاميركيين، ولكنه اضاف أن المحاكمة مطلوبة لمنح العراقيين «أحساسا بالعدالة».

ونسبت صحيفة «لوس انجليس تايمز» الاميركية الى العبادي، قوله انه من «غير المقبول» ان يقتل العراقيون دون معرفة ان كان السبب في ذلك حادثة او مجرد اهمال يقع على الجانب الاميركي.

وقال العبادي انه قيل له ان الجيش الاميركي يرغب بالتعاون، ولكنه اضاف أن لديه «شكوكا» بان يسفر ذلك التعاون عن الخروج بوثائق تحقيق او ان يسمح للجنود الاميركيين بتقديم إفاداتهم. وأضاف انه يأمل في ان التحقيق القضائي سيوفر مخرجا من عقدة الحصانة.

وتعد مسألة الحصانة إحدى القضايا الخلافية بين المفاوضين العراقيين والاميركيين لوضع الاتفاقية الامنية بين البلدين؛ ففيما يسعى الجانب الاميركي الى ضمان حصانة لجنوده والمقاولين الأمنيين من الملاحقة القضائية العراقية يصر الجانب العراقي على ان ذلك «انتهاك» للسيادة العراقية.

وقال العبادي إن «الجانب العراقي يأمل في اتخاذ اجراء «يحترم فيه على الاقل القضاء العراقي وان تقدم الحقائق لكي نصل الى خاتمة للأمر»، وأضاف «لحد هذه اللحظة لم نصل لأي حقيقة، فلدينا الرواية العراقية والأخرى الأميركية».

من جانبه، اكد عبد اللطيف ريان المستشار الاعلامي لقوات التحالف في العراق لـ«الشرق الاوسط» أن قوات التحالف كانت تطارد عناصر من «المجاميع الخاصة» في منطقة طويريج وكان احد هذه العناصر موجودا في المنزل الذي نفذ فيه الانزال. وتطلق القوات الاميركية اسم «الجماعات الخاصة» على مجاميع تدربها إيران.

وأضاف ريان أن احد الساكنين في هذا المنزل «خرج ببندقية (كلاشنيكوف) وكان في وضع قتالي، مما اعتبرته القوات الاميركية يهدد سلامتها وردت على النار بالمثل ونتج عن الامر مقتل هذا الشخص المسلح والذي تبين فيما بعد انه من الحراسات المحلية في المنطقة».

وأشار ريان الى ان القوات الاميركية عبرت عن «أسفها الشديد» لهذا الحادث والذي جاء دفاعا عن النفس، وأكد ان تحقيقا فتح من قبل قوات التحالف للتعرف على ملابسات الموضوع. وحول التحقيق الذي يجريه الجانب العراقي قال ريان ان «هذه المسألة تخص الجانب العراقي»، غير انه اضاف «ليس لدينا علم اذا كانت هناك علاقة بين التحقيقين الذي تجريه القوات الاميركية والجانب العراقي».

وقالت صحيفة «الواشنطن بوست» الاميركية إن «جنودا أميركيين اقتحموا بيتا في (الهندية)، باحثين عن علي عبد الحسين المالكي»، بحسب شقيقه أحمد. ونسبت الصحيفة الى احمد، قوله ان «الأميركيين جاءوا ليلا، وجمعوا كل أهل البيت في غرفة واحدة، وتوجهوا إلى الغرفة التي كان فيها أخي». وأشار إلى أن القوة الأميركية «أطلقت النار على صدر» أخيه، الذي قتل على الفور. وقالت الصحيفة إن أحمد قال لها إنه وأخاه القتيل «من أبناء عمومة المالكي من الدرجة الأولى»، وإن الشقيقين «يعملان في فصيل أمن رئيس الوزراء».

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري أميركي، طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن «هناك مخاوف من نتائج دبلوماسية عكسية، وهم (أي العراقيين) يتاجرون بوضوح في هذه المسألة في أعلى المستويات».

واصطحب قائد شرطة كربلاء، اللواء رائد شاكر جودت عددا من الصحافيين إلى البيت الذي استهدفته الغارة. وشاهد الصحافيون الزي الخاص بحماية كبار المسؤولين موجودا في المنزل. وقال أحمد المالكي إن الأميركيين «يؤكدون أن أخي قائد في المجموعات الخاصة، وهذا أمر لا صحة له البتة». واختلفت روايات المسؤولين حول صحة صلة القرابة بين الشخص القتيل والمالكي، ففيما أكد محافظ كربلاء أنه «ليس من أقارب رئيس الوزراء»، قال شقيق المحافظ إنه من أقاربه. أما العبادي، فقال إن القتيل «قريب بعيد» للمالكي.

ويمتنع المسؤولون الاميركيون عن الحديث مباشرة عن الواقعة، مفضلين ابقاءها في «السياقات العسكرية»، بدلا من جعلها قضية دبلوماسية قد تتفاقم. وصرح مسؤول في السفارة الاميركية في بغداد بأن بلاده «تأسف بشدة لفقدان الحياة الذي وقع، ولهذا السبب فتحنا تحقيقاً بالموضوع». ورداً على سؤال حول فتح الحكومة العراقية تحقيقاً بالواقعة والمخاوف من تأثيرها على مفاوضات الطرفين، قال المسؤول الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الكشف عن هويته: «نحن نشعر بالقلق العراقي من هذه القضايا ونحترمها»، مضيفاً ان هناك تواصلا بين الطرفين حول هذه المسألة.